في 22 آذار/مارس 2021م أعلنت السعودية عن مبادرة للسلام في اليمن، يتم وفقها وقف إطلاق النار من كافة الأطراف ورفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة لصالح الحوثيين، والبدء في مفاوضات سلام، إلا أن الحوثيين رفضوا قبول تلك المبادرة، وقال الناطق الرسمي باسمهم محمد عبد السلام "إنها لم تقدم جديدا"، وكان المبعوث الأمريكي إلى اليمن مارتين لوثركينغ قد التقى الحوثيين في مسقط وأعلن عن مؤشرات لقرب التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب في اليمن تنفيذاً للوعد الانتخابي لجو بايدن الذي أعلن أنه في اليوم الثاني لوصوله الحكم سيعمل على وقف حرب اليمن.
لكن لماذا يرفض الحوثيون المبادرة السعودية رغم الترحيب الدولي بها، وقبول الحكومة اليمنية لها؟
ولا نقدم جديداً حين نقول إن قرار الحوثيين مرتبط بقرار إيران قبول المبادرة أو رفضها، فإيران هي من يدعم الحوثيين عسكرياً وسياسياً، وعليه فإن رفض الحوثيين للمبادرة يعني رفض إيران لها.
فلماذا ترفض إيران مبادرة السعودية؟
مما لا شك فيه أن هذه الأيام فيها مخاض لعودة مفاوضات الملف النووي الإيراني، وقد أبدت أمريكا مرونةً في قبول البدء في مفاوضات الملف النووي الإيراني مع طهران، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أنه لا يتوقع بدء المفاوضات الأسبوع القادم. (قناة الجزيرة). بمعنى قرب موعد المفاوضات، وقال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بضرورة مشاركة بلاده في مفاوضات الملف النووي الإيراني، وقال لشبكة سي إن إن الأمريكية إن هناك فرصة إطلاق حوار بين المملكة وإيران، وإمكانية تطور العلاقات بينهما إلى مستوى الشراكة.
وهذا يعني أن أمريكا أرادت إشراك السعودية في مفاوضات الملف النووي الإيراني وخطره الإقليمي، ويبدو أن السعودية ستدخل في حوار مباشر مع إيران حول هذه التفصيلة تحديداً، وستكون الحرب اليمنية من ضمنها. أي أن أمريكا أوكلت إلى عملائها في المنطقة الحوار المباشر لحل الأزمة اليمنية ضمن مفاوضات الملف النووي الإيراني. وقد يتم التوصل إلى اتفاق وفرضه بعد ذلك على حكومة عبد ربه هادي بحكم السيطرة الإيرانية على شمال اليمن، والثقل السعودي في جنوبه، وتأثير السعودية على قرارات عبد ربه هادي المقيم في الرياض. وبهذا يتسنى لأمريكا فرض الحوثيين في الحل القادم في اليمن، بعد تأمين السعودية لحدودها الجنوبية باتفاقات سلام معهم.
ورغم تصعيد الحوثيين لضرباتهم داخل العمق السعودي بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية إلا أنه يمكن فهمها في إطار رفع أسهم الحوثيين في المفاوضات المقبلة، وكذلك الحال بالنسبة للتصعيد العسكري في مأرب، واستماتة الحكومة اليمنية في عدم التنازل عنها.
والخلاصة: إن ملف وقف الحرب في اليمن لا ينفصل عن مفاوضات الملف النووي الإيراني، أو على الأقل هكذا تريد إيران أن يكون، لتحقق به مكاسب في مفاوضاتها مع أمريكا والأوروبيين حول ملفها النووي.
إن الغرب الكافر بقيادة أمريكا لديه مصالح حيوية في بلادنا، وهو غير مستعد للتنازل عنها، ولهذا فهو إما مباشرةً أو عن طريق تحريك العملاء يؤمن تلك المصالح بتدخله في تشكيل حكومات تكون حارساً وفياً على مصالحه، بينما يعاني أغلب الناس الأمرين للحصول على لقمة العيش!
إن الإسلام لا يرضى للأمة الإسلامية هذا الذل وهذه المهانة، بل أراد الله لهذه الأمة العزة والكرامة والسؤدد، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾، ولهذا وجب على الأمة الإسلامية أن تعطل هذه الاتفاقيات، وتعمل مع المخلصين من أبنائها لحل قضاياها بما يضمن طرد الكافر المستعمر ونفوذه من بلادها وسيطرته على ثرواتها، ووقف نزيف الدم المسفوك، وقبل ذلك تطبيق أحكام الشرع في حل قضايا البلاد ورفع راية الإسلام عاليةً ليرضى عنا خالق الكون والحياة والإنسان، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ﴾.
رأيك في الموضوع