جاء في إحدى تغريدات ترامب: "لا توجد طريقة (صفر!) تكون فيها بطاقات الاقتراع بالبريد أي شيء آخر سوى تزوير كبير. سيتم سرقة صناديق البريد، وتزوير بطاقات الاقتراع وحتى طباعتها بطريقة غير قانونية وتوقيعها بطريقة احتيالية. حاكم ولاية كاليفورنيا بصدد إرسال بطاقات اقتراع إلى ملايين الأشخاص...". لا يصدق أن رئيس أعظم ديمقراطية في العالم كان يدعي في هذه التغريدة أن بلاده لا تستطيع إجراء انتخابات حرة ونزيهة. ربما دفع ذلك تويتر إلى توجيه اللوم إلى تغريدته أكثر من حقيقة أن ما ادعاه كان مشكوكا فيه. وبدا ترامب مذهولاً عندما أرفق "تويتر" إشعاراً بهذه التغريدة للإشارة إلى أن ما قاله عن احتمال تزوير التصويت في الانتخابات المقبلة لم يكن دقيقاً. تويتر هي منصة ترامب المفضلة على وسائل التواصل للحفاظ على التواصل مع متابعيه البالغ عددهم 80 ألف متابع، والتي استخدمها لإرسال عشرات الآلاف من التغريدات في أوقات عشوائية ليلا ونهارا. وتتعرض شركات التواصل مثل تويتر لضغوط متزايدة لتوبيخ الرسائل الكاذبة أو المؤذية على منصاتها منذ انتخابات عام 2016، التي شهدت موجة هائلة من المعلومات المضللة وزادت من المخاوف بشأن قدرة منصات التواصل على التسبب في الأذى والاضطرابات من خلال معلومات مسيئة كاذبة. مع نظريات المؤامرة المشتتة للانتباه والعلاجات الوهمية المحيطة بأزمة كوفيد-19 أصبحت منصات وسائل التواصل تتخذ إجراءات أكثر من ذلك. وأخيراً، قرر تويتر استهداف تغريدات الرئيس الأمريكي ترامب بملصقات تحذر المستخدمين من أن محتوى تغريدته لم يكن صحيحاً من الناحية الواقعية.
وقد رد ترامب بالتوقيع على أمر تنفيذي في 28 أيار/مايو بإلغاء المادة 230 من قانون آداب الاتصالات الأمريكي، التي تحمي شركات مثل تويتر وفيسبوك من الإجراءات القانونية للمحتوى الضار المنشور على منصاتها. غير أن الخبراء القانونيين خلصوا إلى أن الأمر التنفيذي ليس له أي أثر قانوني. بالإضافة إلى ذلك، يستفيد ترامب في الواقع من المادة 230 لأنها تمنحه حرية استخدام وسائل التواصل دون مساءلته عن أكاذيبه وشتائمه، وبالتالي فمن الواضح أن أمره التنفيذي هو مجرد تكتيك لجعل شركات وسائل التواصل أكثر حذراً بشأن توجيه اللوم للرسائل المستقبلية. ويبدو أن تويتر قد فهم ذلك، لأنه أرفق بعد ذلك تحذيراً على تغريدة لاحقة هدد فيها ترامب بإطلاق النار على أشخاص كانوا يقومون بأعمال شغب ونهب في مينيابوليس بعد أن قتلت الشرطة رجلاً أسود أعزلا كان محتجزاً لديهم. ونشر تويتر تحذيراً على التغريدة، قائلًا إنها "تنتهك قواعد تويتر بشأن تمجيد العنف".
وفي حين يتصاعد التوتر بين تويتر وترامب، تتمتع شركة أخرى على وسائل التواصل بعلاقات ممتازة مع ترامب. فقد كان لفيسبوك دور فعال في فوز ترامب عام 2016، ولا تزال الحملة الانتخابية الحالية لترامب تستفيد من جمع بيانات فيسبوك وإضافة القدرة على الاستهداف للتأثير على الناخبين المعرضين للخطر. تفاخر ترامب ذات مرة بأن مارك زوكربيرغ من فيسبوك هنأه على كونه "رقم 1 على فيسبوك". وكثيراً ما اشتكى المحافظون الأمريكيون الذين يدعمون ترامب إلى جانبه من أن مواقع التواصل يهيمن عليها الليبراليون المتحيزون ضد المحافظين عند تحرير أو إزالة منشورات مسيئة. ومع ذلك، يتم تشغيل حملات استهداف الإعلان بواسطة خوارزميات الجهاز التي هي أكثر فعالية في التأثير على الأشخاص من التحرير العرضي لرسائل محددة. وفي حين يجادل الناس حول سبب وصف تويتر لبعض رسائل ترامب بأنها غير دقيقة أو مضللة، سيستهدف فيسبوك آلاف الرسائل المنظمة بعناية لمجموعات محددة من الناخبين الذين تم تصنيفهم بعناية حتى لا يرى أي منهم سوى الرسائل الأكثر احتمالاً للتأثير عليها في الاتجاه المطلوب. لا يزال ترامب يكسب حرب التضليل في أمريكا، ومع كل أزمة جديدة تحلّ ببلاده، يصبح الأمريكيون أكثر انقساماً وكراهية لبعضهم بعضا من ذي قبل، ويبقى أنصاره معه.
رأيك في الموضوع