من المعلوم أن الغرب يستخدم أساليب شتى لخداع الشعوب وتنويمها ويأمر عملاءه باستخدام أساليبه. ومن هذه الأساليب سياسة "الكعكة والسوط"! ويمكن مشاهدة هذا في أوزبيكستان أيضا. ففي أوزبيكستان بعد موت الطاغية كريموف جاء إلى السلطة ميرزياييف في كانون الأول/ديسمبر سنة 2016م وبدأ بـ"إصلاحات" فأطلق سراح عدد من السجناء الذين بقوا وراء القضبان لسنوات طويلة. وفي أيار عام 2017م جاء مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أوزبيكستان، وفي السنة نفسها في تشرين الأول/أكتوبر جاء المقرر الخاص للأمم المتحدة للحريات الدينية. وقالت مدير منظمة العفو الدولية لشرق أوروبا وآسيا الوسطى ماري سترازفرس: "نحن سعيدون جدا بإرادة حكومة أوزبيكستان استئناف الحوار مع المنظمات الدولية التي تشتغل بحماية حقوق الإنسان" وفي تشرين الثاني/نوفمبر عام 2017م أصدر الرئيس ميرزياييف أمرا بمنع تعذيب السجناء أثناء التحقيق، وعدم استخدام الشهادات التي تم أخذها تحت التعذيب كدليل في المحاكم. وفي ربيع عام 2018م أُجرِيت المسابقات في تلاوة القرآن....
فظن البسطاء من الناس أن الأيام المشرقة قد جاءت! ولكن خابت آمالهم! لأن حكومة أوزبيكستان بدأت هجومها على الإسلام والمسلمين من جديد، فمثلا عرض حديثا عبر قناة "أوزبيكستان" برنامج عن زي التلاميذ في المدارس، وهو زي غير شرعي، وهو الزي الذي يريده الكفار المستعمرون والعلمانيون في المجتمع! وقال مقدم البرنامج بأن الحكومة أصدرت قرارا حول لباس التلاميذ في المدارس، والآن يجري النقاش حول هذا القرار في وسائل التواصل الإلكتروني، وبدأت تظهر مطالب في مواقع التواصل بأن يكون اللباس الشرعي هو لباس التلميذات! وقال مقدم البرنامج إن هذه المطالب غير مناسبة، لأن فيها - حسب قوله - انتقاصاً لحقوق أتباع الديانات الأخرى الذين يعيشون في أوزبيكستان! وتوجه مقدم البرناج إلى الإمام الذي جلس في الأستوديو وسأله عن رأيه في هذه المطالب، فأجاب الإمام - وهو ممثل اللجنة الدينية - بأن هذه المطالب تصدر من الذين يعيشون في الخارج وهم يريدون أن يوقعوا النزاع بين أبناء الشعب وأنهم يريدون هدم وحدة المجتمع وأنهم وأنهم... وأنهم... وهكذا! ثم أثنى على سياسة الحكومة في هذه المسألة وأيّدها! وكان في الأستوديو إمام آخر وهو أيضا ممثل اللجنة الدينية، وهو أيضا مدح سياسة الحكومة! هذا طبيعي؛ لأن الثناء على الطواغيت هو دائما ديدن "علماء" السلاطين الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم.
وفي هذه القناة نفسها في 11 أيلول/سبتمبر عام 2017م تم عرض الفلم المسمى بـ"آخر الصيد لمعلّمة القرآن" وتم في هذا الفلم تصوير معلمة القرآن فاطمة بنت عبد الله التي قامت بتعليم القرآن للنساء الكبيرات في السن بأنها أخطر حتى من أشد المجرمين! وهي امرأة كبيرة في السن و"جريمتها" هي تعليمها القرآن فقط للنساء الكبيرات في السن! ثم تم عرض الفلم المسمي بـ"ظلمة الحجرات"، وفي هذا الفلم تم تمجيد التعليم العلماني وشُوّهت صورة تعليم القرآن وسائر الدروس الدينية في الحجرات من قبل الأساتذة الذين تفرّغوا لتعليم القرآن للأطفال في الحجرات (للعلم: في أيام الشيوعية، أي في ستينات وسبعينات القرن الماضي قام الشيخ عبد الحكيم القاري والعلامة رحمةُ الله - رحمه الله - الذي جاء بحزب التحرير إلى أوزبيكستان، قاموا بتأسيس الحجرات التي كان يتم فيها تعليم القرآن والثقافة الإسلامية للشباب). وفي هذا الفلم تم تصوير الأطفال الذين كانوا يتعلمون القرآن بأنهم يصيرون بعد هذا التعليم (إرهابيين) و(متطرفين)! وأن هؤلاء الأساتذة ظلموا هؤلاء الأطفال وأنهم قاموا بإعداد (الإرهابيين) و(الظلامين) وإرسالهم إلى سوريا!
إن هذه كما ذكرنا آنفا هي سياسة "الكعكة والسوط"! لأن الشعوب في هذه المنطقة تتطلع إلى الإسلام وهذا التطلع صار قويا جدّا لا سيّما نتيجة عمل حزب التحرير بين المسلمين وخصوصا بين الشباب! وهذا يقذف الرعب في قلوب الكفار المستعمرين من الغرب وروسيا! لأن آسيا الوسطى هي منطقة ذات أهمية استراتيجية، وأوزبيكستان - كما قال العالم الجليل العلامة الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله - هي أهم وأكبر الجمهوريات في آسيا الوسطى. ويجاور أوزبيكستان في الجنوب أفغانستان وهي بوابة إلى الشرق الأوسط. وهذه المنطقة وخصوصا أوزبيكستان غنية بالثروات الهائلة. فمثلا أوزبيكستان تحتلّ المركز الحادي عشر في إنتاج الغاز الطبيعي وتحتل المركز الثالث في تصدير الغاز. وفي محصول إنتاج القطن تحتل أوزبيكستان المركز الثالث وتحتل المركز السابع في احتياطي اليورانيوم العالمي، ويوجد في أوزبيكستان 4% من احتياطي اليورانيوم العالمي. وفي احتياطي الذهب تحتل أوزبيكستان المركز الرابع في العالم وفي استخراج الذهب تحتل المركز السابع.
وفي أرض أوزبيكستان، حسب موقع podrobno.uz تم استكشاف أكثر من 2700 منجم! وأكثر من 900 منجم تم تنقيبها، ويُقدّر احتياطي المناجم هذه بـ900 مليار دولار، وتُقدّر قيمة المواد الخام المعدنية الإجمالية بـ3 تريليون دولار! وفي احتياطي الفحم تحتل أوزبيكستان المركز الثاني في آسيا الوسطى. وباختصار توجد في أرض أوزبيكستان ثروات هائلة. وإضافة إلى ذلك يزداد عدد سكان أوزبيكستان. فمثلا حسب معلومات مصلحة السكان وإحصائيات العمل للجنة الإحصاءات الحكومية بلغ عدد سكان أوزبيكستان في 1 كانون الثاني/يناير عام 2018م 32 مليوناً و653 ألف نسمة. لذلك توجد في أوزبيكستان القوى العاملة الرخيصة جدا بعدد كبير! وفي القرن التاسع عشر والقرن العشرين قامت روسيا القيصرية ثم الاتحاد السوفياتي، بنهب الثروات الهائلة في آسيا الوسطى وخصوصا في أوزبيكستان. وروسيا - وهي وريثة الاتحاد السوفياتي - ما زالت تنهب هذه الثروات إلى الآن! والغرب أيضا يطمع أن ينهب هذه الثروات. فمثلا يوجد المشروع الأمريكي المسمى "آسيا الوسطى الكبير". وتريد أمريكا بواسطة هذا المشروع إخراج جمهوريات آسيا الوسطى من نفوذ روسيا وإدخالها في نفوذها! ويوجد مشروع آخر أيضا وهو مشروع الصين المسمى "حزام واحد - طريق واحد" والصين هي أحد المنافسين الجيوسياسيين لأمريكا.
لذلك لا يريد الغرب أن تحدث النهضة في آسيا الوسطى وخصوصا في أوزبيكستان على أساس الإسلام! لأن هذه النهضة سوف تضع حدا لنهب الكفار المستعمرين! لذلك يستخدم الغرب أساليبه الشيطانية المختلفة لخداع الشعب. وسياسة "الكعكة والسوط" هي واحدة من تلك الأساليب. ولكن مكر الكفار المستعمرين هذا سيفشل بإذن الله! لأن الأمة نهضت منذ زمن وأبناء هذه الأمة المخلصون يعملون لاستئناف الحياة الإسلامية تحت قيادة حزب التحرير. إن شاء الله قريب ذلك اليوم الذي تخرج البشرية فيه من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام! وإنا غدا لناظره قريب. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللّٰهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشٰاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
بقلم: الأستاذ محمود الأوزبيكي
رأيك في الموضوع