تكشف الأحداث والأيام أن حزب التحرير حزب تقي نقي، وهو بحق حزب سياسي مبدؤه الإسلام والإسلام فقط، وأنه ناصح أمين لأمته يسير بها ومعها من علي إلى أعلى عسى أن يؤتينا الله في الدنيا حسنة بأن نحيا بالإسلام وفي الآخرة حسنة بأن ندخل الجنة ويقينا عذاب النار.
وتكشف الأحداث والأيام كذلك أن من بني جلدتنا ومن يتكلمون بألسنتنا مَنْ أبى إلا أن يعيش في الظلام ولا يريد لنور الإسلام، منهج حياة ونظام حكم، أن يبدد ظلام الرأسمالية وظلمها وفساد الديمقراطية، فهم يعيبون على حزب التحرير ما هو ليس بتهمة، وهل الدعوة لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة تهمة؟! لسان حالهم ومقالهم يقول: ﴿إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾.
ففي عدد الأربعاء 19 تموز/يوليو 2017 نشرت جريدة الراية مقالا بعنوان: (حراك الريف: احتقان لا تنفسه إلا دولة الخلافة)، ولأن حزب التحرير ليس حزب تنظير، فهو يشخص المرض ويصف العلاج ويباشر السياسة من زاوية الإسلام، فإن المقال لم يكتف فقط بوصف ما يقع في الريف القريب من القلب والعين، بل تعداه إلى ما يجب أن يكون عليه السياسي الأمين بأن قدم الحل السياسي الجذري لمشكلة الريف الجزئية ولكل مشاكل المسلمين وهو استئناف الحياة الإسلامية بإقامة نظام سياسي على أساس الإسلام سماه الرسول e: «خِلَافَةٌ رَاشِدَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، ولأن مشكلة الريف بالمغرب بالأساس سياسية رعوية فقد بيّن المقال ما ينبغي أن تكون عليه علاقة الراعي بالرعية وأن نظام الحكم الإسلامي أي الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هو الذي يحقق ذلك.
فطالعنا موقع أنفاس بريس بتعليق يوم 22 تموز/يوليو 2017 بعنوان (بعد التضييق عليهم بالعراق وسوريا: حزب التحرير الإسلامي يريد إقامة دولة الخلافة في الريف)، أهم ما جاء فيه: (وقالت جريدة الراية التابعة للتنظيم المتطرف إن حراك الريف لا تنفسه إلا دولة الخلافة. وهو ما يعني أن حزب التحرير الذي يتوفر على فروع له في أغلب البلدان العربية يراقب الوضع عن كثب، ومهتم بتطورات الأوضاع بالريف المغربي، في أفق التدخل لتحويله إلى محضنة للإرهابيين بعد اشتداد الطوق عليهم بالعراق وسوريا). ثم تبعه موقع برلمان.كوم بعد أسبوع يوم 26 تموز/يوليو 2017 بمقال عنوانه: (حزب التحرير الإسلامي يوظف خطابات محتجي الحسيمة لإعلان "الخلافة" في المغرب!)، لكاتب مجهول أعياه البحث عن دليل على "مؤامرات خارجية" تحاك ضد المغرب تستغل حراك الريف فوجد ضالته في مقال الراية و"حزب التحرير الإسلامي" واصفا إياه بالجهة الخارجية والمنظمة (الإرهابية) على شكل حزب سياسي وأنه يحمل الطمع والكيد للمغرب وأنه الحزب المشبوه دوليا، وزاد على كل هذا وأتى بما لم يأت به سادته بأن اعتبر حزب التحرير أول منظمة (إرهابية) قبل دولة البغدادي وقبل القاعدة ينازعهما الخلافة الراشدة. وقد عاب المقال على حزب التحرير أمرين، أولهما اعتبار أن الأحداث بالحسيمة تعكس عمق الاحتقان الكامن في نفوس الناس ومدى خيبة الأمل وانعدام الثقة، وثانيهما اعتبار أن وجود أجواء الطمأنينة داخل الدولة وتنفس الاحتقان بين الأمة والحاكم لا ولن توجد إلا في دولة الخلافة على منهاج النبوة. فكأن الكاتب ومَن خلفه ضرّهم أن يظهر حزب التحرير من خلال مقال الراية بمظهر السياسي الأمين الذي يشخص المرض ويصف العلاج!!
وأمام هذه الظلمات التي يراد لها أن تمنع نور الحق وهي كذلك ظلمات يوم القيامة، نبين التالي:
1- إن حزب التحرير أشهر من نار على علم، فمسيرته الدعوية لأكثر من ستين سنة كافية لتتحدث عنه، واتهامه بما ليس فيه من أي جهة كانت يضعها محل الشبهة عند الأمة. والحمد لله أن المعلومة اليوم لم تعد حكرا على الأنظمة وأجهزتها، وإن لنا الثقة في أمتنا وقدرتها على التمحيص ومعرفة الحقائق. فمحاولة النيل من حزب التحرير بالباطل لن تضر بإذن الله إلا صاحبها ولو بعد حين. إن حزب التحرير لا يتحكم في المعابر الحدودية، ولا يسير دائرة الجوازات ولا يملك الطائرات والمطارات، ولم يعد خافيا مَن سهّل تنقّل المقاتلين إلى سوريا والعراق، فالقول إن الحزب يريد تحويل الريف لمحضنة لـ(الإرهابيين) ضرب من الخيال.
2- إن الفكر يقارَع بالفكر وإن الظلم السياسي والاعتقال السياسي، وإن آلم الأفراد، فإنه لا يزيل الأفكار، فكيف إذا كانت هذه الأفكار مبنية على عقيدة عقلية يقينية سياسية هي عقيدة كفاح ونضال؟!
3- إننا ندرك أن الرابطة الوطنية "تأْخُذُ دائِماً المَظْهَرَ العاطِفِيَّ. وهي تَلْزَمُ في حالةِ اعتـداءٍ أَجْنَبِـيٍ على الوطنِ بِمُهاجَمَتِهِ أو الاسْتيلاءِ عَلَيْهِ، ولا شأْنَ لها في حالةِ سَلامةِ الوطنِ منَ الاعتداءِ"، ولهذا فإننا لا نستغرب وجود الفساد والمفسدين في (وطننا) لأن الوطنية لا وجود لها عند سلامة الوطن، وكذلك لا نستهجن اتهام الحراك بمنطقة الريف باطلا بالانفصال وزورا بخدمة أجندات خارجية، ولا نستغرب اتهام حزب التحرير كذبا بالجهة الخارجية لأن هذا أقصى ما يمكن أن يُنْتِج عقلُ الوطني؛ فهو لا يستطيع أن يوحد بين أبناء الوطن الواحد إلا بأن يثير مشاعر الخوف من العدو الخارجي، فيسوق الاتهامات لملح البلد وخيرتها بأنهم يتعاملون مع الخارج!
4- إننا ندعو هذه المواقع، ومن سار أو سيسير على نهجها، أن لا تنخرط في حرب الحق بالباطل لأن الباطل زهوق ولأن حبل الكذب قصير، ومصداق هذا ما جاء في خطاب العرش يوم 29 تموز/يوليو 2017 على لسان ملك المغرب: "وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟". فأين قول ملك المغرب من عيبكم على مقال الراية اعتباره أن الأحداث بالحسيمة تعكس عمق الاحتقان الكامن في نفوس الناس ومدى خيبة الأمل وانعدام الثقة؟!
5- إننا نؤكد أن استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي الحل لمشاكل المسلمين جميعا، وأن الخلافة هي وعد الله سبحانه وبشرى رسول الله e، وأنها نظام الحكم الذي فرضه الله على المسلمين بقوله: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾. وأن الأمة لم ولن تنسى خلافتها وهي التي عمرت لثلاثة عشر قرنا ولم تغب عن الوجود إلا حوالي القرن، فكيف تريدون من المسلمين أن تنسيهم مائة سنة في ظل الدول الوطنية الحديثة، التي لم يعرف المسلمون في ظلها إلا الانحطاط وضنك العيش واحتلال المقدسات وتطاول الأعداء، دولة الخلافة دولة العدل والخير والعز؟! ولن يشوه مفهوم الخلافة وحقيقتها خلافة البغدادي الوهمية لأن الأمة لما تذكر الخلافة تستحضر خلافة الراشدين وتتذكر الأمراء والحكام العظام أمثال هارون الرشيد ويوسف بن تاشفين والبطل صلاح الدين والسلطان عبد الحميد.
6- لقد ختم كاتب مقال برلمان.كوم افتراءه بتخويف أهلنا في الحسيمة من حزب التحرير لأن استمرار احتجاجهم سيفتح "المجال رحبا واسعا أمام مجرمين، استولوا ظلما وكذبا على مفاهيم دينية قديمة، هي في أصلها ملك للجميع، وقد انتهى سياقها السياسي مع انطلاق عهد الدولة الحديثة!"، ونحن كذلك قبل أن نختم هذا الرد نحمد الله أن لم يجد الكاتب لنا من جريمة إلا سرقة مفاهيم دينية اعتبرها قديمة واعترف أنها في الأصل ملك للجميع. وهذا اعتراف من الكاتب أن الخلافة من الدين وأن ما سماه سرقة هو في حقيقته استمساك بالدين الذي ندعو الناس جميعا للاستمساك به، وهو إقرار من الكاتب أنه تخلى عن مفهوم الخلافة الذي هو من الدين لأجل مفهوم الدولة الحديثة بحجة أن الخلافة قديمة وانتهى سياقها السياسي. وإننا لنسأل الكاتب والجواب معلوم لكل من قلب صفحات التاريخ القريب ومنا من عاشها، من أسس لنا مفهوم الدولة الحديثة؟ ومن رسم حدودها؟ وفي أي سياق نشأت هذه الدول؟ إن الجواب على هذا السؤال فقط سيكشف من هو الذي يتعامل مع الخارج ويوالي الأعداء ويحمي المؤامرة الخارجية التي مزقت الأمة!
7- ونختم هذا الرد بأن ندعو موقع أنفاس بريس وبرلمان.كوم وكل الغيورين على بلاد المغرب أن يبحثوا عن المؤامرات الخارجية في أروقة السفارات والمنظمات الغربية، ولأنهم قريبون من أهلنا بالريف ندعوهم لأن يكشفوا لنا ما تفعل المنظمة الأمريكية (منظمة البحث عن أرضية مشتركة) بالريف.
وإننا نقول لأمتنا ولقرائنا الكرام، إن حزب التحرير سيبقى كما عهدتموه الرائد الذي لا يكذب أهله، ولن يرضى لكم أنصاف الحلول ولا الحلول التي تلتف على مطالبكم بالعيش الكريم، ولن يرضى لكم إلا عيشاً في ظل الإسلام وأحكامه، وهو يعمل لهذا ويدعوكم لأن تحملوا الدعوة معه في طريقها السياسي اقتداء بالرسول الكريم e. وحزب التحرير وشبابه حريصون على أمنكم واستقراركم أكثر من حرصهم على تحقيق ذلك لذواتهم وأهليهم.
بقلم: محمد عبد الله
رأيك في الموضوع