جاء في البيان الختامي للمؤتمر السادس لدعم الانتفاضة والقدس الذي أقيم في طهران يومي 21-22/2/2017، "الدعوة لغلق السفارات العربية و(الإسلامية) في واشنطن إذا ما تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة".
إن كل واع عندما يسمع هذا الكلام يسأل فورا: هل بقاء السفارة الأمريكية في تل أبيب عمل مشروع لا يستأهل إغلاق سفارات بلاد المسلمين في واشنطن؟ وهل يعني أن تل أبيب "تل الربيع" ليست أرضا إسلامية مغتصبة فيحق إقامة السفارات فيها وفي واشنطن؟ وألا يعني ذلك اعترافابالعدو واغتصابه لتل الربيع ولغيرها من الأراضي الإسلامية عام 1948؟ أيُّ خداع هذا؟!
وأشاد البيان "بالمقاومة في لبنان وما أنجزته وضرورة دعمها لتحرير ما تبقى من أرض محتلة، بما فيها مرتفعات الجولان والدعم الشامل للمجاهدين الفلسطينيين وفصائل المقاومة والإشادة بنضالهم ومساعيهم لرص الصف والوحدة".
فعن أية مقاومة يتحدثون؟! وهم يشيرون إلى الذي أطلق على نفسه كذبا وزورا حزب الله؟! فهل التدخل في سوريا لدعم الطاغية بشار أسد ونظامه العلماني الكافر وقتل أهلها المسلمين الثائرين على ظلمه وطغيانه هو الإنجاز الذي يتحدثون عنه؟! ومنذ 2006 وحزب المقاومة هذا يحرس حدود يهود بعدما قَبِل بقرار مجلس الأمن 1701 الذي يتضمن وقف القتال ضد كيان يهود بشكل دائم ودخول قوات دولية لتحمي حدود العدو!
فهل الذين يقاومون في فلسطين يلقبون بالمجاهدين وأما الذين يقاومون نظام بشار الذي فاق في إجرامه كيان يهود يوصفون بالإرهابيين والعملاء؟ أليست الطريق لتحرير فلسطين تمر عبر إسقاط الأنظمة العميلة في دمشق وغيرها التي تحافظ على كيان يهود، وتحفظ أمنه؟
وفي فلسطين "أكد زياد النخالة نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي على أهمية المؤتمر السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية الذي اختتم أعماله اليوم في العاصمة الإيرانية طهران". "كما أشاد كلٌّ من خالد القدوة ممثل حماس في إيران، وفوزي برهوم قائد في حماس، لإذاعة البي بي سي عربية، بهذا المؤتمر".
إن هؤلاء قد وضعوا أيديهم بأيدي إيران القاتلة وهم يعلمون أنها كاذبة ولم تفعل شيئا لفلسطين وهي تتاجر بها كما وضعوا أيديهم بأيدي النظام السوري الذي تاجر بفلسطين وباعها مقابل سلام الشجعان وتوسل للصلح مع يهود. فهل هؤلاء يشيدون بإيران ومواقفها من أجل المال السياسي القذر الذي تكمم به أفواههم قول الحقيقة؟، أم هو تواطؤ على قضية فلسطين؟، أم أنه في أحسن الأحوال غباء سياسي؟! فإيران وسوريا تستعملان ورقة المقاومة لخداع السذج ولضرب من يتصدى لخداعهم ولعقد اتفاقية صلح ضمن المشروع الأمريكي الذي كاد أن يتحقق مرة على عهد رابين لولا مصرعه عام 1994 ومرة أخرى على عهد أولمرت عام 2008 حيث كان أردوغان سمسار أمريكا يعقد المفاوضات السرية بين وفد النظام السوري ويهود وبمباركة إيران ضمنيا حيث أعلنت دعمها للنظام السوري في كل مواقفه منذ عام 1982 وساندته في ضرب الثورة الفلسطينية في تلك الأيام.
إن إيران تتاجر بقضية فلسطين كما تاجر بها حكام العرب دهرا، فلم تطلق رصاصة واحدة على كيان يهود، ولم ترسل حرسها الثوري ومليشياتها ليقاتلوا في فلسطين، بل أرسلتهم ليقاتلوا في سوريا لتثبيت نظام الكفر والدفاع عن المجرمين القائمين عليه. وأرسلتهم إلى العراق ليقاتلوا الثائرين على النظام التابع لأمريكا، وقد اعترف العديد من مسؤوليها بتعاون إيران مع أمريكا في احتلالها لأفغانستان والعراق. وطلبت من أتباعها ألا يتصدوا للعدوان الأمريكي بل ليصدروا الفتاوى بتحريم الجهاد ضد أمريكا، ومثل ذلك في اليمن، حيث تدعم المشروع الأمريكي وتمد العاملين على تنفيذه بالسلاح، وأتباعها في البحرين تتصل بهم أمريكا مباشرة تحت سمعها وبصرها.
ولماذا تعقد إيران الآن مثل هذا المؤتمر وقد سكتت دهرا؟ إن هذا المؤتمر يأتي في ظل تغيير أسلوب الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب بالنسبة لدور إيران الذي أسندته لها إدارة أوباما. وخاصة أنه لم يفلح في سوريا واضطرت إلى دعمه بالتدخل الروسي ومن ثم بالتدخل التركي الذي وجه طعنة غدر في ظهر الثورة السورية! فقلصت الدور الإيراني هناك كما قلصته في اليمن بتدخل النظام السعودي، ورأت أن الاعتماد على إيران في هذه المناطق أصبح غير مجد كثيرا، وأرادت أن تعطيها دورا آخر بتهديد دول الخليج حتى تبتزها أمريكا اقتصاديا بذريعة حمايتها من تهديدات إيران، وقد بدأت أمريكا تطلق التهديدات لإيران لهذه الغاية. ولكنها لم تستغن عن الدور الإيراني في تلك المناطق التي أطلقت يدها فيها سابقا، بل جعلته مكملا لدور تركيا والسعودية. ففي ظل هذه المستجدات تريد إيران أن تغسل يدها الغادرة من الدماء التي أراقتها في سوريا بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية وتريد أن تسمع صوتها لتبقى تلعب دورا في المنطقة بموافقة أمريكية فتقوم بهذه المتاجرة بعدما جمدتها لعدة سنوات بسبب انشغالها في العراق وسوريا واليمن والبحرين.
فكل الشعارات التي تطلقها إيران وأتباعها "الموت لأمريكا" و"الشيطان الأكبر" وغيرها كلها للتغطية على التنسيق السري مع أمريكا، وهم يطرحون هذه الشعارات فلم تضربهم أمريكا ولا مرة واحدة! بل تضرب الذين يتصدون لهم! فعندما تكون الأعمال مخالفة للأقوال وذلك مما يمقته الله، يكون ذلك عبارة عن تغطية على الحقيقة، فهو نوع من النفاق والخداع. فلو كانت الشعارات منطبقة على الأفعال لضربت أمريكا الحوثيين وحزب إيران اللبناني ومليشياتها التي تقاتل في سوريا، ولطلبت على الأقل من عملائها في لبنان بألا يسمحوا لهذا الحزب بأن يرسل عناصره لتقاتل في سوريا وهو يخالف قوانين لبنان بالتدخل في دولة أخرى! ولما سمحت للحرس الثوري الإيراني أن يتدخل في العراق ويشكل الحشد الشعبي وأمريكا تسنده من الجو ليقتحم الرمادي والفلوجة!
إن الذي يدعم أمريكا في احتلالها لأفغانستان والعراق، ويسند الأنظمة العميلة لأمريكا في كل مكان، ويقاتل أهل سوريا الثائرين على نظام كفر علماني بغيض عميل لأمريكا، ويقاتل حرسه وحشده في الرمادي والفالوجة تحت غطاء جوي أمريكي لن يكون إلا خائنا ومتآمرا، وكل مؤتمراته بالنسبة للقضية الفلسطينية هي متاجرة بها، فيكفي أنه حارب شعبا قاد ثورة قال هي لله هي لله، وأرادها إسلامية، وحمل راية رسول الله لتحقيق بشراه e بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والتي ستقوم بإذن الله ولو كره الكافرون ومن والاهم.
رأيك في الموضوع