في ظل الرأسمالية التي تحكم العالم رأينا شتى الحوادث التي تقع هنا وهناك من حوادث الطرق إلى القطارات مرورا بغرق السفن وأخيرا بسقوط الطائرات، كنتيجة مباشرة لإهمال رعاية الشئون وجشع الرأسمالية التي تحكم العالم، وفي حدثنا الأخير الذي يخص تلك الطائرة الروسية التي سقطت فوق أرض سيناء، وبعيدا عن تضارب الأقاويل حول نتائج التحقيقات في سبب سقوط الطائرة والتي لا تخرج عن كونها جزءاً من إهمال رعاية الشئون إلا أن الرأسمالية أبت إلا أن تستغل الحدث كما فعلت يهود مع شحوم الميتة لما حرمت عليهم فباعوها وأكلوا ثمنها، وأمريكا حاملة الرأسمالية دأبت على استغلال واستثمار الحوادث والكوارث سواء التي صنعتها، أو التي لم تصنعها بنفسها ولم تكن طرفا فاعلا فيها، وسابقا رأينا قضية لوكيربي، والتي لم يكشف غموضها إلى الآن، وكيف استغلتها أمريكا ضد ليبيا لمحاولة النيل من القذافي عميل بريطانيا ومحاولة إيجاد موطئ قدم لها هناك، وكأننا الآن مع لوكيربي جديدة ولكنها بطائرة روسية وبغض النظر عن الفاعل الحقيقي أو السبب الحقيقي لتحطم تلك الطائرة، وبغض النظر حتى عما إذا كانت مفتعلة أم لا، إلا أننا أمام أطراف أرادت أن تستثمر الحدث وتستغله إما لإجبار النظام على مزيد من الركوع والانبطاح ومزيد من خدمة الأسياد، وإيجاد مبرر قوي لما قد يكون من دخول مصر في التحالف الذي تتزعمه أمريكا للنيل من ثوار الشام تحت غطاء حرب تنظيم الدولة كما تدعي، وذلك بذريعة ضرب من يهددون مصر وأمنها كما فعل السيسي من قبل في ضرب شرق ليبيا لصالح حفتر أمريكا، أو للنيل من النظام المصري العميل لأمريكا، وزيادة مشكلاته وإظهاره في موقف الفاشل العاجز عن تأمين مصر وخصوصا سيناء، وهذا بلا شك تقوم به أمريكا وحلفاؤها فرأينا تعليق بريطانيا وبعض دول أوروبا خاصة لرحلاتها إلى شرم الشيخ وتحويل مسارها بعيدا عن سيناء، ورأينا كيف تحدثت صحف بريطانية عن تلقي موظفين بمطار شرم الشيخ لرشاوى من السياح لتمرير حقائبهم وإنهاء أوراقهم وهذا أمر شائع ومعتاد بين كل موظفي الدولة وليس مطار شرم الشيخ فقط في ظل الحكومات الرأسمالية التي حكمت مصر منذ عبد الناصر، أما أمريكا فأرادت استغلال الحدث بشكل آخر، فأمريكا في ورطة كبيرة في سوريا والأمر في مصر يخرج من يد السيسي وخاصة بعد مهزلة الانتخابات الأخيرة التي أثبتت أنه وزمرته بلا أي ظهير شعبي، فأمريكا الآن تريد أن تستنزف كل قواه في معاركها الحالية لتثبيت نفوذها في الشام فربما رأت أن تشعره بحرج موقفه في القضية، حتى يلجأ إليها كحال كل العملاء لإنقاذه من ورطته مقدما مزيدا من الخضوع والتنازلات، حتى لا تضطر أمريكا لأن تستبدل به آخر يقدم المزيد وتلقي به للشعب المتعطش لدمه، ولا شك أنه سيقدم كل ما تريد أمريكا وأكثر ولن يتورع عن أي فعل شنيع ليبقى فوق هذا الكرسي المعوج، وما تريده أمريكا تحديدا هو بقاء نفوذها في الشام بأي شكل وبأي ثمن وهي لا تعبأ في سبيل ذلك بدماء رعاياها فضلا عن رعايا دول أخرى تحقق مصالحها الآن كروسيا مثلا، فجشعها الرأسمالي لا يأبه أبدا لكمِّ الدماء التي تراق حتى تبقى مهيمنة مسيطرة على ثروات بلادنا وخيراتها، وما حدث في العراق ويحدث فيها وفي الشام الآن ليس منكم ببعيد، وما ذاقت منه مصر على يد العسكر رغم بشاعته إلا أنه نزر يسير. وبعد أن تنهي أمريكا مرادها ربما تلقي به إلى الشعب لتنال بعض الرضا لعميل جديد تجهزه الآن، وربما يكون هذا بداية تنفيذ مشروعها لشرق أوسط جديد تكون فيه سيناء دولة منفصلة عن مصر تحت رعاية كيان يهود، كل هذه تكهنات قد تخطئ وقد تصيب إلا أنها تنبئ بواقع أهل الكنانة المرير وتحكم الغرب في مصير الكنانة وأهلها.
يا أهل الكنانة الكرام جيشا وشعبا، إن الغرب يحيط بكم كما السوار بالمعصم؛ ينهب ثرواتكم ويحمي مصالحه ويرعاها بيد أبنائكم ويقتلكم بيدهم وبسلاح دفعتم أنتم ثمنه من أقواتكم وأقوات أولادكم، فعلام صبركم وإلى متى يطول صمتكم وأنتم وأمتكم تذبحون من الوريد إلى الوريد؟! أليس فيكم رجل رشيد؟! أليس بينكم يا أبناء جيش الكنانة من ينتفضون لله انتفاضة مخلصة، طالبين جنة الله التي عرضها السموات والأرض؟! فيقتلعوا عملاء أمريكا من قادة العسكر ويعلنوا انتهاء هيمنتها عليكم وتحكمها في مصائركم ومصائر أبنائكم، وقد جعل على رأس وفي سدة حكم بلادكم أراذلكم وأسوأ من فيكم، فكيف بربكم يكون لمثل هؤلاء انقيادكم ولهم ولاؤكم؟!
يا أبناء جيش الكنانة! إنكم الآن بين خيارين فإما أن يستمر ولاؤكم لحكام عملاء ليسوا سوى مجموعة من الدمى تحركها أصابع السادة في الغرب الكافر، وهذا ما نربأ بكم عنه ولا نرجوه لكم فمنتهاه قعر جهنم حيث لن ينفعكم الحكام ولا السادة ولا الكبراء، وإما أن يكون ولاؤكم لله وحده وهذا ما نرجوه لكم فمنتهاه جنة عرضها السموات والأرض، ولكنه يحتاج منكم أن تقطعوا كل صلة واتصال بينكم وبين حكامكم العملاء الخونة وأن تنصروا المخلصين العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية من خلال الخلافة على منهاج النبوة، بهذا وحده تروج تجارتكم ويربح بيعكم وتكون منزلتكم الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء والصديقين والصالحين ونقول لكم حينها نعم البيع بيعكم، اللهم انصر الإسلام بكم يا جيش الكنانة.
بقلم: عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع