أن يبايع المسلم حاكمه، فيعطيه صفقة يده، وثمرة قلبه، طاعة لله ورسوله، فهذا عقد وكالة في الإسلام، يختار فيه المسلم من يحكمه بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ إرضاء لربّه، فيكون من وقع عليه اختيار الأمّة بالبيعة حاكما وقائدا وإماما، ودرعا للأمة أمام أعدائها المتربصين بها بنص كلام رب العالمين سبحانه. قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.
هذا الحاكم الراشد والقائد الربّاني، هو من ينطبق عليه قوله ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ»، ولم يحصل زمن الخلافة التي ملأت جنبات التاريخ أن كان للمسلمين خمسون حاكما أو أكثر، يتنازعون أمرهم بينهم ويتنافسون على تفريق شمل أمّتهم كما هو حالنا اليوم في ظل منظومة سايكس بيكو! بل كانت الأمة وخلفاؤها يتنافسون ويتعاونون على تلمّس خطا رسول الله القائل ﷺ: «مَنْ بَايَعَ إِمَاماً فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ». رواه مسلم.
أما أن يحيّد حكام الملك الجبري خصومهم، ويتنافسوا في مضمار صوريّ من صُنعهم وبمفردهم، من أجل حراسة أنظمة وضعية لا تحكم بكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ، وإنما تبيح الربا والزنا والفحش والفجور وموالاة الكفار المستعمرين والرقص على جراح الأمة، فتنسف الرعاية وتفرض الجباية وتمارس الوصاية وتضيع كل القضايا، ثم لا تُذكر أرض الإسراء والمعراج بعدها إلا من أجل الحملات الانتخابية في سوق المزاودة السياسية، فذلك هو عين ما استعاذ منه رسول الله ﷺ، وأمرنا أن نستعيذ منه. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ، قال لكعب بن عجرة: «أَعَاذَكَ اللهُ يَا كَعْبُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ»، قَالَ: وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي، لَا يَهْدُونَ بِهَدْيِي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ، وَلَا يَرِدُونَ عَلَى حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ، وَسَيَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي».
ختاما، فإن أزمة النظام وإفلاس المنظومة، دليله إعداد انتخابات نتائجها محسومة، لصالح من تضعهم الدولة العميقة في الواجهة، بعناوين ديمقراطية ومضامين دكتاتورية وممارسات استبدادية، تنتصر للدولة القطرية الوطنية المتآمرة على وحدة الأمة الإسلامية لصالح أجندة صهيو-صليبية، لا فرق في ذلك بين انتخابات تركيا وسوريا ومصر وتونس والجزائر ما دامت النتائج معلومة وطرق العمالة مرسومة، ولا بين حكامها من قادة هذه المنظومة إلا باختلاف الأجسام ونبرة الكلام وطرق الدجل وبيع الأوهام.
قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.
رأيك في الموضوع