إن طبيعة الأحداث المتعاقبة؛ التي حدثت في تونس، وسوف تحدث في المستقبل، وما يقترن بها من تصريحات للساسة التونسيين، لتضع علامات استفهام كبيرة، حول طبيعة هذه الأحداث وما يراد منها...
- فقد تم اغتيال الناشط السياسي اليساري (شكري بلعيد) في شباط 2013، وربطت الحكومة الموضوع بالإرهاب والتطرف...
- وفي 29/7/2013 كانت حوادث قتل الجنود التونسيين في جبل الشعانبي، وجرى ربط تلك الحوادث - من قبل الحكومة - بالإرهاب مباشرة، واتهام الجماعات الإسلامية بذلك، وجرت اعتقالات عديدة على إثرها، وتكرر هذا الأمر في تموز 2014 وفي شهر نيسان 2015 على الحدود الجزائرية...
- وكانت أحداث متحف باردو في شهر آذار – 2015 في العاصمة تونس؛ حيث قتل فيها 22، وجرح 45 شخصاً، وجرى ربط الحدث بالطريقة نفسها بالإرهاب والجماعات المتطرفة...
- وبعد أحداث الشاطئ في المنتجع السياحي في سوسة في حزيران 2015، تتابعت التصريحات بالطريقة نفسها، وعلى الشاكلة ذاتها، وصارت الحكومة تهدّد (حزب التحرير) الإسلامي بسحب الترخيص منه، واتخذت قرارات بإغلاق الكثير من المساجد..
وحتى نقف على حقيقة الأحداث في هذا البلد الطيب، وما يدبر من ورائها، لا بد أن نقف عند قضية مهمة وهي؛ أن الحكومات المتعاقبة في تونس؛ بعد اندلاع الثورة في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015 وحتى الآن؛ أي ابتداء من حكومة (فؤاد المبزع)، وانتهاء بحكومة الباجي السبسي.. لم تُحدث أي تغيير ملموس لدى الشعب في تونس، ولم تفِ بأيٍّ من وعودها تجاه الشعب في تونس، بل إن الظلم السياسي والاقتصادي استمر في تونس وكأنه لم تحدث ثورة في تونس!!..
فاضطهاد السياسيين ما زال موجوداً، وسياسة السلب والنهب للثروات ما زالت قائمة، والبطالة وضعف النمو الاقتصادي، وازدياد عدد العاطلين كذلك ما زال على حاله.. إلى غير ذلك من كوارث.. وزادت حكومة الباجي السبسي على ذلك رهن البلد للأجنبي؛ عن طريق عقود وعهود الحرب على الإرهاب، وإدخال تونس عضواً في حلف الناتو، مقابل شروط أمريكا، واقتطاع مساحات واسعة من أرض تونس أيضاً للكفار الغربيين دون مقابل..
فهذا الفشل السياسي داخل تونس، وضعف الحكومات أمام شعبها جعل الشعب داخل تونس يرفع صوته، ويبحث عن طريق الخلاص الحقيقية، فازداد إقبال الناس على البرنامج الإسلامي في تخليص البلاد والعباد؛ وخاصة موضوع الخلافة والحكم بالإسلام، وقد جن جنون الغرب وحكام تونس وهم ينظرون إلى نجاح المؤتمر الذي عقده (حزب التحرير) في 13/6/2015 تحت عنوان (شمال أفريقيا مرتكز لنواة دولة إسلامية كبرى..)، وحضره عشرات الآلاف، وكانت شعاراتهم وهتافاتهم تنادي بحكم الإسلام، ويرفعون رايات الإسلام، ويرددون هتاف الله أكبر!!..
فماذا تفعل الحكومة، ومن ورائها الغرب الكافر أمام هذا التنامي والصعود لفكر الإسلام وخاصة حزب التحرير؟!
إن حكومة تونس - شأنها شأن باقي الحكومات في العالم الإسلامي - عاجزة عن مواجهة الفكر بالفكر، ولذلك تلجأ إلى الخديعة والمكر، وإثارة الفتن والأحداث للتغطية على عوراتها أولاً، ولضرب العمل الإسلامي المتنامي ثانياً..
ولا يستبعد أن تقوم هذه الحكومة الشريرة - بإيعاز من الغرب - بحظر حزب التحرير، وملاحقة قادته وإيداعهم في السجون؛ كما كان يفعل سيدهم بن علي من قبل..
وأمام هذا الواقع وهذا التحدي، لا بد أن ننبه إلى بعض الأمور المهمة وهي:
- لا بدّ من توجيه أنظار الشعب في تونس والسياسيين، وقادة الأحزاب والأوساط السياسية إلى حقيقة ما يجري، وما يخطط وما يدبر من وراء الأحداث وكشف المؤامرة..
- الحذر من الوقوع في المواجهة مع أبناء الشعب في تونس، أو الأحزاب السياسية، وجعل المواجهة السياسية والفكرية فقط مع الحكومة، لأن الحكومة تريد نقل ساحة المواجهة إلى خارج دائرتها عن طريق الفتن والأحداث وربما الاغتيالات المتكررة مستقبلاً.. وذلك كما فعل السيسي من قبل في مصر..
- بيان عجز الحكومات، وفشلها السياسي عن تلبية حاجات الناس في كل الأمور، وقبانها برهن البلد للأجنبي ورهن ثرواته، وازدياد دائرة الفساد، وبيان أن هذا الأمر لا يحل إلا بطريق واحد وهو بحكم شرع الله في كل الأمور..
وأخيراً نقول: بأن درجة الوعي تزداد يوماً بعد يوم في الأوساط السياسية في تونس، وعند عامة الناس.. وفي الوقت نفسه فإن أفكار الإسلام يزداد الوعي والإقبال عليها؛ يوماً بعد يوم لدرجة أن الوعي العام قد صار لصالح هذه الأفكار، وصار مشروع الخلافة، وإعادة تونس إلى سابق عزها وعهدها هو السائد بين الأوساط المختلفة في هذا البلد الطيب، وصار هناك ثقة وتأييد كاسح لحزب التحرير وقادته على وجه الخصوص.. ولن تنجح مؤامرات الحكومة في إحباط ووأد هذا المشروع العظيم، وستكون تونس بإذنه تعالى مركزاً لنواة دولة في شمال أفريقيا، تمتد بإذنه تعالى إلى كل العالم الإسلامي عما قريب... وصدق الحق القائل: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.
رأيك في الموضوع