إن الخير والشر نقيضان ظاهران وضدان متباينان، ولكل واحد منهما رأس وعمود وسنام، أما رأس الشر فهو الطاغوت وأنظمة حكمه، الذين جعلوا من أنفسهم أربابا ومشرّعين من دون الله عز وجل، فطغوا وبغوا ونشروا الفحش والرذيلة وعاثوا في الأرض الفساد وساموا المسلمين والبشرية جمعاء سوء العذاب، وألزموا الناس اتباع دستورهم بالكره والإجبار وبالحديد والنار، ثم أخذوا وبكل قوة هذا الدستور الوضعي كنظام حكم تسلطوا به على الناس وحكموهم بغير ما أنزل الله.
وإنّ أمريكا الصليبية قائدة دول الكفر الاستعمارية، هي رأس الشر كله ومعها ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي هو بمثابة جسدها، وأما أيديها وأرجلها ومخالبها وحوافرها، التي تسخرها وتستخدمها لفرض أنظمة الكفر على العباد، فإنهم الحكام العملاء الخونة ومنهم حكام المسلمين فهم حراس أنظمة الكفر وأدوات رأس الشر.
ويلحق بهم من ركن إليهم من قادة الجماعات القائمة في بلاد المسلمين، ومنهم قادة فصائل الشام المتاجرون بثورة الشام وأهلها، الذين تغذوا على السحت والمال السياسي القذر.
أمّا عمود الشر فهو الخضوع للطواغيت وأنظمتهم الوضعية، وتقديم فروض الطاعة والولاء لهم واتباعهم في كل شاردة وواردة، والتزام دستورهم وطلب رضاهم والخوف من سخطهم ومن قطع مؤونتهم والمسارعة إلى النفخ في أبواقهم بالإخبار الكاذب عبر الإعلام المزيّف للحقائق والناشر للخبائث والأكاذيب.
وأمّا ذروة سنام الشر فهم أزلام الأجهزة الأمنية المخابراتية الإجرامية، الذين يسمعون ويطيعون سادتهم وكبراءهم ويرتكبون الجرائم في حق الناس ويجعلونها قربات لهم عند أسيادهم لعلهم يصيبون منهم لعاعة زائلة من لعاعات الدنيا الفانية.
أما رأس الخير وعموده وذروة سنامه، فهم كما أخبرنا بهم الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه عن نبي الهدى والرحمة ﷺ، حيث قال له رسول الله عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟» قال قلت: بلى يا رسول الله، قال: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ».
ولعل رأس الأمر وعموده وذروة سنامه قد بدوا ظاهرين جليا بعد أن بان نقيضهم، فرأس الأمر هو نظام الإسلام الذي يطبقه خليفة المسلمين وإمامهم في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله سبحانه وتعالى، وعموده الصلاة على وقتها وبحقها والتزام أمر الله وأمر رسوله ﷺ فيما أوحاه إليه كاملا والتوجه إليه وحده فالله سبحانه لا يقبل أحدا شريكا له في حكمه وطاعته ودستوره، قال رسول الله ﷺ في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه تبارك وتعالى: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ».
وأمّا ذروة سنامه فهو الجهاد في سبيل الله فهو الكيفية الشرعية التي يحمل بها الإسلام رسالة هدى ونور إلى البشرية جمعاء؛ لتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ظلم طاغوت الرأسمالية إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
فهو بمثابة يديه ورجليه والحارس والحامي والمهاجم والمدافع، وبدون هذه الثلاثة لن تقوم للدين قائمة ولن يحصل له تمكين ولن تنعم البشرية بالعيش في ظل عدله ونظامه الرباني لتنقذ أنفسها من جور الأنظمة الوضعية الرأسمالية.
رأيك في الموضوع