ماذا لو كان بيننا رسول الله ﷺ؟ سؤال طُرح عديد المرات على الفضائيات وفي استطلاعات الرأي في شوارع بعض البلدان العربية وفي كلّ مرّة كانت ردّات الفعل: دموع تفيض ولسان يشكو واقعا مريرا ويطلب الصفح والغفران من تقصير... وبعد هل هذا كاف يا خير أمّة أخرجت للناس؟
هل هذا ينجيكم من «سُحْقاً سُحْقاً» أمام الحوض؟ هل ستكونون من الذين يقول لهم رسول الله ﷺ: «أَلَا هَلُمُّ» فيُقالُ: "إنَّهم قدْ بدَّلوا بعدَكَ" فيقول ﷺ: «سُحْقاً سُحْقاً» كما جاء فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ أتَى المَقْبُرَةَ، فقالَ: «السَّلامُ علَيْكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ بكُمْ لاحِقُونَ، ودِدْتُ أنَّا قدْ رَأَيْنا إخْوانَنا قالوا: أوَلَسْنا إخْوانَكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أنتُمْ أصْحابِي وإخْوانُنا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ فقالوا: كيفَ تَعْرِفُ مَن لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِن أُمَّتِكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، فقالَ: أرَأَيْتَ لو أنَّ رَجُلاً له خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ألا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فإنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنَ الوُضُوءِ، وأنا فَرَطُهُمْ علَى الحَوْضِ ألا لَيُذادَنَّ رِجالٌ عن حَوْضِي كما يُذادُ البَعِيرُ الضَّالُّ أُنادِيهِمْ ألا هَلُمَّ فيُقالُ: إنَّهُمْ قدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فأقُولُ سُحْقاً سُحْقاً».
"إنهمْ قد بدَّلوا بعدَكَ" أي: غيَّروا الدِّينَ أو حرَّفوه وانحرفوا بعدَك عنِ الحقِّ.
وإنّنا والله لنراهم رأي العين؛ غيّروا بعدك يا رسول الله، فمنهم من اتخذ إلهه هواه، ومنهم من كان عبدا للدينار، والأخطر من هذا وذاك هم من تسلّطوا على رقابنا فغيّروا قبلتهم الغرب الكافر!
طبّقوا أوامره، ووقفوا عند نواهيه فأحلوا ما أحلّ من رذيلة وشذوذ وتغيير لأحكام الله وحرّموا ما حرّم فهاجموا العفّة والطهر وغيّروا المناهج التعليمية، وغيرها من المصائب التي اقترفوها في حق شرع الله لا لشيء إلا ارتضاء للغرب الكافر وإملاءاته. وهذا بعد التفريط في ثرواتنا والارتهان لصندوق النقد والبنك الدوليين اللذين ما زادا العيش إلا ضنكا وفقرا.
فيا أمّة محمد ﷺ، يا من كان فيك عمر وخالد وصلاح الدين ومحمد الفاتح: كفاك التصاقا بالأرض!
كفاك هوانا يا أمّة يرتعد الغرب الكافر من نهضتها وعودتها لدينها!
كفاك ذلا وفيك كتاب الله وسنة رسوله ﷺ «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ».
فلتنهضي أمّة الخير ولتنفضي عنك نظاما فرض عليك من البشر، نظاما مبتورا عفنا مشوّهاً لا يرتقي أن ينظّم حياة الإنسان الذي كرّمه الله سبحانه عن جميع مخلوقاته وجعل الملائكة التي لا تعصي لله أمرا تسجد له!
انهضي واستمسكي بنظام رب البشر، فبه وحده تهزمين عدوّك عدوّ الله.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنكم لا تغلبون عدوكم بعدد، ولا عدة، ولكن تغلبونهم بهذا الدين، فإذا استويتم أنتم وعدوكم في الذنوب كانت الغلبة للأقوى".
هبّي يا أمة محمّد من غفلتك!
كفاك سباتا فبين ظهرانيك من يحمل مشروع عزّ وخير وفلاح في الدنيا والآخرة. بين ظهرانيك حزب التحرير الذي أنعم به الله عليك ليخرجك من الظلمات إلى النور. قدّر الله العزيز الحكيم أن يوجد فيك ومعك ليميط اللثام عمّا يحاك ضدّك ويدبّر لك بليل.
وجد ليكشف عنك الغشاوة ويسقط أقنعة العملاء الخونة الذين تآمروا مع الغرب الكافر ليجعلوك في ذيل الأمم وللحيلولة دون عزّك الذي لن يكون إلا بالإنابة إلى الله الواحد الأحد وتطبيق شرعه في دولة الحقّ، الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبّوة، على منهاج من سيستقبلك عند الحوض لتشربي من يديه الشريفتين شربة لن تظمئي بعدها أبدا.
لخيري الدنيا والآخرة يدعوك حزب التحرير: نصر وعزّ وتمكين في الدنيا وحشر في الآخرة مع الأنبياء والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وختاما سأناديك أمتي، أمّة الإسلام بنداء أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة حفظه الله:
"حَيَّهَلاً بنصرة دين الله، حيَّهلا بنصرة العاملين إلى الخلافة، حيَّهلا بنصرة حزب التحرير، فتعاد سيرة الأنصار رضوان الله عليهم، ويعز الإسلام وأهله، ويذل الكفر وأهله."
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾
بقلم: الأستاذة ابتهال بن الحاج علي – ولاية تونس
رأيك في الموضوع