إن شهر رمضان هو شهر الجهاد في سبيل الله، وهو شهر الانتصارات والفتوحات، فلقد سطر فيه المسلمون أعظم وأروع الانتصارات؛ فمعركة بدر كانت في رمضان، وفتح مكة كان في شهر رمضان في السنة الثامنة للهجرة، وفتح الأندلس كان في شهر رمضان المبارك سنة ثمان وثمانين للهجرة، ومعركة بلاط الشهداء، كانت في الأول من رمضان سنة أربع عشرة ومائة للهجرة، حيث وصل المسلمون في ذلك الوقت إلى أسوار فرنسا. وكان فتح مدينة عمورية في السادس من رمضان سنة اثنتين وعشرين ومائتين للهجرة. ومعركة حطين بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه كانت في شهر رمضان. وكذلك معركة عين جالوت بقيادة السلطان قطز كانت في شهر رمضان. وكذلك أيضا فتح القسطنطينية على يد السلطان العثماني محمد الفاتح رحمه الله تعالى وجنوده الميامين، حيث كان على أيديهم أكبر نصر أحرزه المسلمون على الإمبراطورية الرومانية عام ستة وعشرين وثمانمائة للهجرة.
أيها المسلمون الصائمون القائمون: ألا ترغبون في إعادة أمجاد أجدادكم العظام في شهر رمضان؟ أولئك السلف الذين سطروا أعظم وأروع الانتصارات في هذا الشهر المبارك، لتتموا بشارة رسول الله ﷺ، فتفتحوا روما كما فتحوا هم القسطنطينية؟ ألا تتوقون إلى أيام العزة والكرامة؟ ألا تتوقون إلى أيام الانتصارات والفتوحات؟ ألا تحبون لقاء الله عز وجل وهو راض عنكم؟ ألا تحبون الشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى؟ ألا تطمعون بنوال رضوان الله؟ ألا تشتاقون إلى جنة عرضها كعرض السماوات والأرض؟
إن أردتم ذلك كله فتعالوا لتعملوا معنا لاستجلاب معية الله ونصر الله تبارك وتعالى؛ وذلك بتحكيم شرع الله وتطبيق أحكامه، في كافة مناحي الحياة، بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
ألا واعلموا أن إزالة هذا الأذى الشديد الذي نتعرض له ليل نهار على يد الكفار المستعمرين وعملائهم من أبناء جلدتنا، لا تكون فقط بالصلاة والصوم، بل يجب عليكم إلى جانب الصلاة والصيام العمل لتطبيق دين الله سبحانه وتعالى في الأرض وأن تظهروه على جميع طرق العيش الأخرى كافة بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وهكذا يعود رمضان ليشهد تسطير الانتصارات والفتوحات مرة أخرى. فالعمل لتغيير الأنظمة الفاسدة الحالية والعمل لإقامة دولة الخلافة ليس مسألة حياة أو موت فحسب، بل هو فرض فرضه الله سبحانه وتعالى، وقعودكم أيها المسلمون عن القيام بهذا الواجب العظيم، وسكوتكم عن جرائم حكامكم، سيجعل حالكم يزداد سوءاً في هذه الحياة الدنيا، ثم عذاب الله وغضبه في الآخرة، قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلَا يُنْكِرُوهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللَّهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ».
فانتفعوا إذاً أيها المسلمون، من هذا الشهر الكريم يرحمكم الله. توجهوا إلى الله سبحانه وتعالى بالعمل لإسقاط حكامكم عملاء الغرب الكافر المستعمر وإقامة الخلافة على أنقاض عروشهم، فبالخلافة وحدها يكون للإسلام سلطان يحمي بيضتكم ودينكم، ويقذف الرعب في صدور أعدائكم منكم، قال تعالى: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾.
رأيك في الموضوع