"أنا أرى، كما تعلمون، أن سلوك الرد في قطاع غزة جاوز الحد"، التصريح الذي اعتبره الكثير من الكتاب والساسة نقطة تحول في موقف الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته من الحرب في قطاع غزة، بل إن البعض اعتبره مقدمة لتوقف حرب الإبادة الحاصلة، فما حقيقة هذا الموقف؟ وهل الخلاف هو على حجم الدماء والدمار؟ وهل استمرار الدعم لكيان يهود متوقف على تجاوب نتنياهو مع الرغبة الأمريكية؟ وما حقيقة الموقف الأمريكي من الإبادة الحاصلة؟ تساؤلات تقفز إلى الأذهان في ظل التوتر الظاهر بين الأب المُدَلِّل والابن العاق، وسوف نحاول الإجابة عنها في هذه المقالة.
لا يخفى على كل متابع وسياسي أن هنالك خلافات أو ربما نسميها حالة
"إن قرار تعليق التمويل المُقدّم للوكالة من كبار المانحين يشكل ضربة قاضية لجهودها... إن وكالة الأونروا تعتمد بشكل كلي على تبرعات المانحين... لا يمكن إلغاء وكالة الأونروا بجرة قلم، وقرار وقف الدعم المالي مؤقتاً قد يودي بحياة الملايين"، هكذا عبر المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، كاظم أبو خلف، على القرارات السريعة والمتتالية لوقف التمويل للأونروا من عدد من الدول الداعمة ومنها الولايات المتحدة، ونيوزيلندا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وأستراليا، وفرنسا، والنمسا، وسويسرا، وفنلندا، وكندا، ورومانيا، وهولندا، وهي بمجموعها تقدم ما يقرب من 90% من ميزانية الوكالة، وهو ما أحدث ضجة إعلامية في ظل الوضع المأساوي في قطاع غزة وحرب
على ساحل البحر الأحمر وفي تلك المدينة الساحلية المهمة عقدت قمة العقبة الثلاثية التي جمعت رأس النظام الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وذلك على بعد مئات الأمتار فقط من مدينة إيلات المحتلة من كيان يهود وشواطئ الاستجمام لمستوطنيه، وقد كان لزمان القمة وتوقيتها أهمية لا تقل عن أهمية المكان الذي عقدت به؛ فهي القمة الثلاثية الأولى بعد أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وجاءت مباشرة عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للمنطقة - وهي الجولة الخامسة له منذ بداية الأحداث -، وفي خضم حرب إبادة لا تتوقف في قطاع غزة. وسوف نقف في هذه المقالة على طبيعة هذه القمة ودلالاته
"نريد سيطرة أمنية على القطاع بعد الحرب ويجب أن تكون غزة منزوعة السلاح… وهناك قوة واحدة فقط يمكنها أن تكون مسؤولة عن ذلك وهي الجيش (الإسرائيلي) ولن أكون مستعداً لأي ترتيب آخر، ونرفض بشكل قاطع تولي السلطة الفلسطينية مهام الحكم بقطاع غزة بعد الحرب"، خلاصة مواقف كيان يهود بقيادة نتنياهو، وهي تتعارض مع الموقف الأمريكي الرسمي على لسان الرئيس بايدن وإدارته في البيت الأبيض، والتي تؤكد أنها ما زالت حريصة على أن تسيطر السلطة الفلسطينية على غزة بعد الحرب، وقد برزت هذه الخلافات مؤخراً بشكل لافت على السطح وأصبحت محل نقاش وسجال خاصة داخل حكومة الحرب ومجلسه في كيان يهود، وسوف نقف في هذه المقالة على حقيقة هذه الخلافات وانعكاساتها على
لقد شكل مفهوم النفعية أو المنفعة المادية عند الدول القومية التي تتبنى المبدأ الرأسمالي دافعاً قوياً إلى التوسع الاستعماري في العالم حتى برز الاستعمار كطريقة للمبدأ الغربي القائم على المنفعة في نشر نفسه، فكما أن الفرد الغربي تحركه حاجاته ورغباته الفردية فكذلك الدول تحركها حاجاتها ومصالحها الوطنية، وقد استعمرت الدول الكبرى العالم بأساليب مباشرة وغير مباشرة - أنظمة حكم وطبقة حاكمة تابعة لها - والهدف من ذلك نهب ثروات ومقدرات تلك الدول، وكان لبلاد المسلمين بعد سقوط دولة الخلافة النصيب الأكبر من ذلك الاستعمار الذي أضاف إلى الأسباب المادية المتعلقة ببلاد المسلمين وما فيها من خيرات وثروات وما تمتلكه من موقع استراتيجي مهم، أضاف سبباً آخر مهماً، وهو الإسلام
"لا تهمني أموالهم فليذهبوا إلى الجحيم"، هكذا رد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك على مذيع استفزه بسؤاله عن المعلنين الذين انسحبوا من منصة إكس التي يمتلكها بسبب الأزمة التي أحدثتها تغريدة له على منصته، وقد كلفته تلك الجملة "لقد قلت الحقيقة الفعلية" تعليقاً على تغريدة تنتقد مطالبة اليهود بوقف دعاية الكراهية ضدهم - على خلفية ما يحصل في غزة - بينما هم من استخدم الدعاية ذاتها للتحريض على العرق الأبيض في المجتمعات الغربية، وقد اعتُبر المنشور بأنه يدعم نظرية المؤامرة العنصرية والمعادية للسامية والمعروفة باسم نظرية "الإبادة الجماعية للبيض" التي تدور حول أن اليهود يخططون بشكل منهجي لتشجيع هجرة "غير البيض" إلى الدول الغربية بهدف القضاء على العرق الأبيض وتتحدث
كما أنه لا يتصور من العبد أن يخالف سيده ويخرج عن أمره فإنه كذلك لا يتصور سياسياً من الدول العميلة، وهي الدول التي تحكمها أنظمة سياسية تتبع في سياستها الخارجية، والداخلية في بعض الأحيان، لدولة أخرى وتكون بالعادة من الدول الكبرى، كما هو حال الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، باستثناء تركيا وإيران اللتين تدوران في الفلك وَتَتَّبِعان في سياستهما الخارجية قاعدة
ما إن قفز ملف الشرق الأوسط على طاولة الإدارة الأمريكية المزدحمة بالملفات الساخنة الداخلية والخارجية حتى فرض نفسه بقوة على السياسة الخارجية لأمريكا، وذلك على إثر حالة الاضطراب والهلع التي أصابت طفلها المدلل وقاعدتها العسكرية والسياسية المتقدمة في منطقة الشرق الأوسط (كيان يهود)، على إثر الضربة العسكرية والمعنوية القوية التي تعرض لها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وتحركت أمريكا بشكل
آلاف الأطنان من المتفجرات وعشرات الآلاف من المباني المدمرة وأكثر من 8 آلاف شهيد حتى اللحظة معظمهم من الأطفال والنساء وأكثر من 20 ألف مصاب، وحشودات عسكرية بمئات الآلاف من الجنود النظاميين والاحتياط وتزاحم للآليات العسكرية على تخوم قطاع غزة، وقصف جوي لا يتوقف بأعتى أنواع المتفجرات والصواريخ، ودعم أمريكي، وغطاء أوروبي، وصمت عربي، وحديث عن اجتياح بري بربري لقطاع غزة... ما الذي يخطَّط لقطاع غزة ولأهل فلسطين في ظل هذا الإجرام والدعم الغربي والخنوع العربي؟ وما حقيقة الحشودات العسكرية في المنطقة؟ وغيرها من التساؤلات التي سوف نجيب عليها في هذا المقال.
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن هذه الجرائم الوحشية
منذ أن نجح الإنجليز في احتلال فلسطين ونجح قائدهم الجنرال ألنبي بالسيطرة على مدينة القدس يوم 11 كانون الأول/ديسمبر عام 1917 لينهي بذلك حكم دولة الخلافة العثمانية في الأرض المباركة والذي امتد لأربعة قرون وليعلن بدء حقبة جديدة من الاحتلال الصليبي للأرض المباركة، منذ تلك اللحظة السوداء في تاريخ الأمة الإسلامية وقضية فلسطين
للاطلاع على احدث ما ينشر من الاخبار والمقالات، اشترك في خدمة موقع جريدة الراية للبريد الالكتروني، وستصلك آخر الاخبار والمقالات بدون ازعاج بإذن الله على بريدك الالكتروني