لم يبق أحد على وجه هذه البسيطة إلا وبلغه نبأ الجرائم التي ترتكب بحق الأبرياء، وكيف تقوم دولة يهود المارقة بقصف البيوت وهدمها على الرؤوس، وقنص المدنيين العزّل وقتلهم في الشوارع في رابعة النهار، متنكرة لكل الشرائع الربانية والقيم الإنسانية، في غزة والضفة، في الأرض المباركة فلسطين ومهبط الرسالات السماوية، وقد فشَت الأنباء في العالم ذي الثمانية مليار إنسان، حتى لم يعد من الممكن التنكر لها، أو قبول عذر بالجهل بها من أي أحد ينتمي للأمة الإسلامية أو حتى لا ينتمي، وكذلك الأمر لم يعد خافيا على أحد أن المجازر التي يقوم بها يهود مدفوعين ومؤيدين من الدول الكبرى الغربية وعلى رأسها رأس الشر أمريكا، وهذه الدول الغربية تدعم دولة يهود المارقة بكل ما أوتيت من قوة عسكرية واقتصادية وإعلامية. وبالطبع لم يعد يخفى على شعوب العالم ومنهم الأمة الإسلامية أن الأنظمة وحكام البلاد الإسلامية هم أدوات وعملاء للقوى الغربية وحلفاء لدولة يهود ويعتمل في صدورهم الحقد والعداء للإسلام والمسلمين في فلسطين وأينما كانوا، لا يقل عداء من يهود أنفسهم، فهم منهم، وهم أكثر صهيونية من صهيونية سيدهم بايدن، لذلك من الدقة أن نَصِفَ ما يحصل من حرب على الأمة في الأرض المباركة فلسطين أنها حملة صليبية جديدة على الأمة، ساحتها هذه المرة الأرض المباركة فلسطين، وما دولة يهود إلا أداة قذرة تقوم بالعمل القذر نيابة عن الحضارة الغربية الصليبية والرأسمالية العالمية.
إن الحديث عن فلسطين وأهلها ليس كالحديث عن باقي البلاد والعباد، وإن كانت البلاد كلها لله والخلق كله خلقه عز وجل، فقد جعل الله سبحانه وتعالى لهذه الأرض فضلاً على غيرها فأنزل فيها آيات بينات تُتلى إلى يوم القيامة، قال الله عز وجل: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وقال عن الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾، وإن كانت التقوى هي مقياس الخيرية بين الناس، إلا أن الخالق سبحانه وتعالى قد اختص أهل الشام وخصوصاً أهل فلسطين بفضل من الخير، حيث أوصى النبي ﷺ بسكنى الشام، فقال: «عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ» رواه أبو داود وأحمد، وقال ﷺ: «عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ»، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَوَّلُ هَذَا الْأَمْرِ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ مُلْكاً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ إِمَارَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَتَكادَمُونَ عَلَيْهِ تَكادُمَ الْحُمُرِ فَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ جهادِكُمُ الرِّبَاطُ، وَإِنَّ أَفْضَلَ رباطِكُمْ عَسْقَلَانُ» رواه الطبرانِي، وعسقلان بلد في فلسطين تبعد نحو 20 كم عن غزة.
إن سفك الدماء بغير حق جريمة في شرع الله سبحانه وتعالى، وأي جريمة؟! ولم يتمرد على هذا الشرع - الناسخ منه والمنسوخ - سوى المجرمين الذين كفروا بشرائع الله سبحانه وتعالى وحرفوها وكذبوا عليها وجاؤوا بآيات مفتراة، والذين ارتضوا بأن يكونوا مشرّعين من دون الله تعالى، فجاؤوا بمبادئ بشرية من صنيع عقول الملحدين والشواذ، فاستباحوا الدماء التي عصمها الله بقوله سبحانه وتعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾، كما يقول الرسول ﷺ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ؛ رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، أَوْ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ، أَوْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ»، بل وإن حرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة والدنيا كلها، فقد قال رسول الله ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا»، وعن ابن عمر قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيَقُولُ: مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ حُرْمَةً مِنْكِ؛ مَالِهِ وَدَمِهِ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْراً» ابن ماجه.
من هذه النصوص الشرعية، وغيرها الكثير، يتبين أن ما يُقترف في الأرض المباركة فلسطين هو جرائم عظيمة وعاقبتها وخيمة ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾، وكما أن يهود مستحقون لعذاب الله بهذا الجرم، ومعهم الأنظمة الغربية وحكام العرب والمسلمين، من الموالين والداعمين لهم، فكذلك لا ينال المسلم رضا الله سبحانه إن سكت عن المنكر، فقد قال رسول الله ﷺ: «لَمَّا وَقَعَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْمَعَاصِي نَهَتْهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَجَالَسُوهُمْ في مَجَالِسِهمْ، وَوَاكَلُوهُمْ، وَشَارَبُوهُمْ، فَضَربَ اللهُ قُلُوبَ بَعضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَلَعَنَهُمْ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ، كَلَّا، وَالله لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، ولتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، ولَتَأْطرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْراً، ولَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْراً، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ الله بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ ليَلْعَنكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ» رواه أبو داود والترمذي.
إن أمة المليارين بجيوشها المهيبة لهي أكثر من قادرة على الأخذ على يد المغضوب عليهم (يهود)، فقد أثبتوا جبنهم وخوارهم في مواجهة الرجال في ساحات القتال وفي محافل وعلى منابر الفكر والمعرفة، هم ومن سبقهم من القوى الغربية الصليبية، وليس هناك عذرٌ لأحد في القعود عن واجب الاستنصار للمستضعفين في الأرض المباركة، ولو لم يكن جندياً «كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الإِسْلامِ، اللهَ اللهَ لَا يُؤْتَى الإِسْلامُ مِنْ قِبَلِكَ»، فالعالم والمتعلم والطبيب وعامل النظافة وعامة الناس من واجبهم دعوة الجيوش لأداء واجبها الملحّ، فقد بات مسلّماً به أن تحرير فلسطين لن يكون إلا من خلال قوات المسلمين، لذلك وجبت الإطاحة بالحكام الموالين ليهود والداعمين لهم ومانعي الأمة من نصرة إخوانهم، ووجب استنفار الجيوش لما أعدّت نفسها له؛ القتال في سبيل الله في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة.
وكما أن صدّ يهود واجب على المسلمين، فواجب على غير المسلمين في المشرق والمغرب استنكار جرائمهم والتبرؤ من حكوماتهم المنحازة للظلمة والساكتة عن المجازر، فالدول الغربية التي تدعم هذه الدولة المارقة، إنما تدعمها لخدمة مصالحها المتمثلة بالإفساد بين أبناء الأمة الإسلامية، وضمان عدم توحّد المسلمين تحت ظل نظام رباني يجمعهم، الخلافة على منهاج النبوة، التي تنصف المسلم وغير المسلم بأمر الله سبحانه وبشريعته السمحاء، لكن الغمامة قد انجلت للشعوب واتضحت حقيقة استيطان يهود لأرض حُرّمت عليهم منذ عهد سيدنا موسى عليه السلام، واحتلالهم لأراضٍ إسلامية ليست لهم، حتى بات كل جلّ أهل الأرض يلعنونهم، فإذا ما سكتت شعوب العالم عن قياداتها الظالمة وقبلت بها ممثلاً عنها كانت شهداء زور وشريكاً في الجريمة، والأمة الإسلامية لا تنسى من آذاها ولا تغبن من أنصفها.
﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾
رأيك في الموضوع