ذكرت مصادر محلية أن الجنود السعوديين في منفذ "صرفيت" بمنطقة "حوف" في محافظة المهرة اليمنية، بدأوا تشييد مبان جديدة في المنفذ الحدودي مع سلطنة عُمان.(قناة الجزيرة 2/6/2019). واعترضت مجموعة ثوار مناهضين للوجود السعودي في محافظة المهرة، الليلة الأحد، تعزيزات عسكرية سعودية كانت في طريقها إلى الغيظة. (المهرة بوست 3/6/2019م).
المهرة هي البوابة الشرقية لليمن وثاني أكبر المحافظات من حيث المساحة (82405 كم²)وتشكل الحدود الشرقية مع عُمان، أما من الناحية الشمالية فالربع الخالي (مملكة آل سعود) وجنوباً بحر العرب، ويبـلـغ طـول الساحل الجنوبي 375كم، وبسبب موقعها الحدودي مع عُمان حيث تعتبرها الحديقة الخلفية لها، أما مملكة آل سعود فهي تطمع أن تمد أنبوب نفط من المنطقة الشرقية الغنية بالنفط عبر المحافظة وصولا إلى بحر العرب، هذا الأنبوب سوف يؤمن مد النفط إلى العالم، دون المرور بالخليج العربي ومضيق هرمز وبالتالي سوف يسهل كثيراً عملية ضخ النفط عبر محافظة المهرة.
والمهرة كانت تحكمها أسرة بنو عفرار، وفي عام 1886م أصبحت محمية بريطانية ثم أصبحت فيما بعد جزءاً من محمية عدن، وفي عام 1967 ألغيت السلطنة بعد جلاء الإنجليز من عدن، وبالتالي ارتبط السلاطين فيها مبكراً، علماً أن الإنجليز احتلوا عدن في 1839م.
وبسبب التنافس الاستعماري على اليمن بين بريطانيا وأمريكا، حيث تعمل أمريكا على تصفية الوجود البريطاني العريق في البلد عن طريق الحوثيين في الشمال، وحراك حسن باعوم في الجنوب، وتعمل عن طريق سلمان وابنه على ربط الكثير من الفعاليات بهم في الجنوب ولكن الإنجليز كانوا يقفون لهم بالمرصاد عن طريق الإمارات فأوجدوا الحزام الأمني في عدن وقوات النخب الشبوانية والحضرمية، واحتووا المجلس الانتقالي صاحب الصوت الأقوى في الجنوب، وعملت الإمارات في جزيرة سقطرى على شراء ذمم السكان وأغدقوا عليهم المال وعملوا الكثير من المشاريع حتى إن صور زايد وابنه ملأت جنوب اليمن، أما محافظة المهرة فقد استغلت السعودية عدم وجود الإمارات، وحاجة الناس إلى الخدمات فقامت بتكثيف برامج مختلفة تحت ستار العمل الإنساني داخل المهرة. ذكرت صحيفة عكاظ في 2/8/2018م (8 مشاريع سعودية في المهرة بـ133 مليون دولار)، بالتوازي مع هذا عملت باتجاه عسكرة المحافظة وتفريخ تشكيلات مسلحة تحت ذريعة "مكافحة التهريب" من عُمان إلى المهرة وعملت على التواصل مع شخصيات مرموقة في المهرة بينهم محمد عبد الله صالح عفرار، وقامت بدعمه لإنشاء مجلس قبلي مربوط بها، وأيضا أدخلت قواتها إلى مطار الغيظة وإلى ميناء نشطون. لم يقف الإنجليز مكتوفي الأيدي فأوكلوا إلى سلطنة عمان التي تربطها علاقات قوية بقبائل المهرة، فدخلت السلطنة على خط دعم المحافظة. (المهرة بوست 29/3/2019 ناقش وكيل محافظة المهرة للشؤون الفنية، المهندس سالم محمد العبودي، مع رئيس لجنة الخدمات بمديرية حوف، سميح بن ضواحي، المشاريع الخدمية والتنموية المدعومة من سلطنة عُمان للمديرية. واستعرض اللقاء، جوانب الدعم الذي تقدمه سلطنة عمان لمحافظة المهرة، في مختلف الجوانب، وتحديدا في القطاع الصحي)، ولم يكتف الإنجليز بهذا فحرضوا أدواتهم على القيام بعمل اعتصامات ومظاهرات ضد الوجود السعودي في المحافظة. ذكر موقع الخليج أونلاين 3/6/2019 (اعترض مسلحون قبليون من محافظة المهرة قوات وآليات سعودية كانت في طريقها إلى المحافظة، وأجبروها على التراجع). وذكر موقع الجزيرة 4/5/2019م (دعت لجنة اعتصام أبناء حوف في المهرة شرقي اليمن إلى المشاركة اليوم السبت في اعتصام مفتوح أمام بوابة منفذ صرفيت البري احتجاجا على استمرار انتهاك السيادة الوطنية و...) وبعثوا عملاءهم من تحت الرمال مثل الشيخ عبد الله بن عيسى آل عفرار أحد أبناء السلاطين وهو من أبرز الوجوه الداعمة للاعتصام، وله تأثير كبير بسبب رمزيته المتعلقة بالسلطنة العفرارية التي كانت تحكم المحافظة فهو يرأس أيضاً المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى وهذه الأسرة مربوطة بالإنجليز منذ فترة طويلة، وأيضا الشيخ أحمد سالم الحزيزي وكيل المحافظة سابقا وهو قائد عسكري تولى العديد من المناصب، وله تأثير على الكثير من الناس في المحافظة، وعملوا على تحريك حزب الإصلاح في المحافظة قال رئيس الفرع المحلي لحزب الإصلاح بالمهرة، مختار الجعفري. إن الدعم الذي تحصل عليه السلطة المحلية يجب أن يسخر لدعم مؤسسات الدولة، وليس لإنشاء تشكيلات تعمل خارج سيطرته - في إشارة إلى التشكيلات التي تعمل السعودية على تأسيسها وربطها بها.
هذه هي الأحداث الحاصلة في محافظة المهرة حيث يحاول كل طرف كسب ود الناس وهو صراع دولي بأيد إقليمية ومحلية حيث تعمل سلطنة عمان على المحافظة على استمرار نفوذ الإنجليز في اليمن فقد أوكلوا إليها محافظة المهرة، أما مملكة آل سعود في عهد سلمان وابنه محمد فهم يعملون على كنس وجود الإنجليز من اليمن وتسخير اليمن والمنطقة لخدمة أمريكا، لأنه لا يمكن تصور أن سلطنة عُمان أو مملكة آل سعود يعملان لصالح أي منهما لأنهما دولتان تابعتان والدول التابعة لا تعمل في سياستها الخارجية إلا وفق ما يملى عليها من الدول الكبرى المتحكمة فيها.
إن هذه الأحداث تؤكد ما قاله حزب التحرير منذ أول أسبوع لعاصفة الحزم المشؤومة حيث ذكر أن العاصفة التي تقودها السعودية هي لخدمة أمريكا في اليمن للمحافظة على عملائها وخصوصا الحوثي، فعمل الإنجليز على طريقتهم في اشتراك رجالهم فكانت الإمارات أبرز المشاركين في العاصفة، وبالتالي يظهر الصراع بين السعودية والإمارات واضحاً، وقد أشرك الإنجليز سلطنة عمان في قضية الصراع على محافظة المهرة، وهذا يفسر عدم حسم المعركة في اليمن بسبب الصراع بين دول التحالف المشاركة في الحرب في اليمن.
إنه من المحزن أن تظل بلاد المسلمين ميداناً للصراع ودماء المسلمين هي التي تسيل، وأموال المسلمين هي من يغذي الصراع والمستفيد هو الغرب الكافر المستعمر، فهل سيفيق المسلمون وأدوات الصراع وينحازوا إلى دينهم وعقيدتهم وأمتهم، ويقطعوا أيدي الكافر المستعمر وأيدي الخونة والعملاء الذين انسلخوا عن أمتهم؟! إننا في حزب التحرير ندعو أبناء أمة الإسلام إلى العمل معنا لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي سوف تحرر بلاد المسلمين وتقطع أيدي الكفار المستعمرين فالحقوا بالركب. قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾.
بقلم: الأستاذ عبد الهادي حيدر – اليمن
رأيك في الموضوع