بعد أن دمر كيان يهود غزة ودفع أهلها دماءهم وأموالهم جاء دور المتاجرين بقضاياهم ومن يبيعون دماءهم، ولسان حالهم ومقالهم: لا بديل عن حل الدولتين والاعتراف بفلسطين، دون النظر إلى أصل القضية ولا الحل الجذري لها! هذا هو ما تدور حوله مبادرة النظام المصري كغيرها من المقترحات والمبادرات التي تصب كلها في صالح يهود وتأبيد كيانهم المسخ ودمجه في المنطقة.
إن النظام المصري هو اللاعب الأبرز فيما يتعلق بغزة، وهو الأشد تأثيرا على من بداخلها ومن يقومون بالتفاوض عنها، فهو البوابة الوحيدة التي يعبر من خلالها أهل غزة إلى العالم أو يدخل إليهم، فلا مساعدات حقيقية إلا من خلال مصر ولا سلاح ولا غير ذلك، ومصر تحكم الحصار على غزة وأهلها بشكل كامل خاصة بعد هدم النظام الأنفاق وإنشاء المنطقة العازلة والجدران التي تمتد فوق الأرض وفي عمقها لتمنع إنشاء أنفاق جديدة، ما جعل النظام المصري صاحب التأثير الأقوى على المفاوضين، فهو يساوم أهل غزة بورقة الحصار ودخول الغذاء والمساعدات، أي أنه يساومهم بقبول ما يملى عليهم أو الموت جوعا! أما تنسيقه مع يهود فلم ينقطع بل إنه داعم وحارس للكيان الغاصب وشريك له في حصار غزة، ومبادرة النظام الأخيرة في هذا الإطار نفسه.
بموافقة أمريكية قدم الوفد الأمني المصري الذي يزور كيان يهود مقترح النظام الجديد الذي يتضمن ثلاث مراحل: أولها وقف كل استعدادات كيان يهود للقيام بعملية عسكرية في رفح، والثانية إطلاق سراح كل الأسرى والمحتجزين من كيان يهود مقابل إطلاق سراح المئات من المعتقلين الفلسطينيين في سجون يهود، أما الثالثة فتقضي بوقف إطلاق النار لمدة عام كامل يتم خلاله الدفع نحو حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية علمانية منزوعة السلاح؛ سلطة جديدة كسلطة عباس تحرس حدود كيان يهود وتقضي على ما تبقى من مقاومة وتوهم الأمة بعمومها أن القضية قد تم حلها وانتهى الأمر وأن علينا أن نقبل بالأمر الواقع وأن نتعايش مع كيان يهود كونه قد صار دولة جارة!
إن هذه المبادرة هي جزء من تآمر الغرب الكافر على الأمة وتقزيم لقضاياها، فقضية فلسطين ليست مجرد قضية بلد محتل مع سلطة محتلة وإنما هي قضية محورية للأمة ينظر إليها من أكثر من زاوية:
أولا: إن أرض فلسطين هي أرض إسلامية مغتصبة يجب تحريرها؛ ففلسطين كاملة هي أرض خراجية ملك لكل الأمة وليست ملكا لأهل فلسطين وحدهم، ولا يجوز لهم ولا لغيرهم التنازل عنها ولا عن شبر واحد منها، فضلا عن تسليمها ليهود والعمل على تأبيد وجودهم فيها.
ثانيا: هذا الكيان الغاصب هو قاعدة غربية كبيرة متقدمة لمنع وحدة الأمة في دولة واحدة من جديد، فهذا الكيان فوق كونه مغتصباً لأرض الأمة مدنساً لمقدساتها فإنه خنجر في خاصرتها يقسمها ويفصل بين شقيها.
ثالثا: ما يفعله وجود هذا الكيان صرف لأنظار الناس عن الغرب الكافر كعدو حقيقي زرع هذا الكيان ورعاه ونماه وهو الذي يدعمه إلى الآن سواء بنفسه أو بحكام بلادنا الذين يمثلون القبة الحديدية الحقيقية لهذا الكيان وجميعهم عملاء للغرب يرعون مصالحه وينفذون مخططاته.
إن أرض فلسطين أرض خراجية ملكيتها لكل الأمة وواجب تحريرها يقع على كل الأمة، الأقرب فالأقرب، وهو أوجب ما يكون على دول الطوق وعلى رأسها مصر وجيشها الأقوى والأقدر على تحريرها، وما يجب الآن على الأمة عامة وأهل مصر خاصة هو رفض كل تلك المبادرات والاتفاقيات وما يتفرع عنها، والمطالبة بإزالة الحدود مع غزة ومع كامل أرضنا المباركة، وتحريك الجيوش لتحريرها ونصرة أهلها. هذا هو الحل الجذري والوحيد والذي لن يكون في ظل أنظمة الضرار التي تحمي وتحرس كيان يهود وتعمل على تأبيده، وعلى رأسها النظام المصري الداعم الأول لهذا الكيان المسخ والذي يعدّه الكيان كنزا استراتيجيا له، ولهذا فتحرير فلسطين يبدأ بتحرير القاهرة من نظام العمالة الذي يكبل أهل مصر ويمنع جيشها من أي عمل من شأنه تحرير أرض الإسلام بل يسلطه على مصر وأهلها ويحاصر به إخواننا في الأرض المباركة وهو الذي يجب عليه نصرتهم.
يا أجناد الكنانة: إن ما يحول بينكم وبين إخوانكم في غزة سور وأسلاك رسخها نظام لا يرعى لله حرمة ولا يقيم لأحكامه وزنا، يأمركم بالمنكر وينهاكم عن المعروف ويسير بكم في معصية الله وغضبه وسخطه، وطريق منتهاه جهنم، فأدركوا أنفسكم قبل أن يأتي يوم تعضون فيه أيديكم وتقولون يا ويلتنا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول، يا ليتنا قطعنا حبالنا بهذا النظام وخلعنا كل ولاء له من أعناقنا، لقد أضلنا وزين لنا الدنيا ومتاعها، ووالله إنه لمتاع قليل زائل، فكل ما يعدكم النظام ويمنحكم لا شيء أمام غمسة واحدة في نار جهنم يستحقها من أسلم نفسه للنظام وشاركه جرمه في حق الأمة! فسارعوا وابرأوا من هذا النظام وبادروا إلى خلعه والعمل على تطبيق الإسلام في دولته التي ترضي ربكم عنكم وتجيش جيوشكم وتطلق أيديكم لنصرة إخوانكم في الأرض المباركة وتحريرها كلها تحريرا كاملا وإزالة هذا الكيان المسخ من جذوره وكل أنظمة العمالة والخيانة التي تحميه.
يا أجناد الكنانة، يا خير أجناد: إنه واجبكم الذي أناطه الله بكم، وهو في أعناقكم سيسألكم الله عنه يوم تلقونه، فكونوا لله كما يحب ويرضى يبسط لكم من فضله في الدنيا وتكون لكم الكرامة والجنة في الآخرة، فأروا الله منكم ما يجب، وأعلنوها لله خالصة؛ براءة من هذا النظام ونصرة للمخلصين العاملين لتطبيق الإسلام عسى الله أن يقبل منكم ويفتح بكم فتقام للإسلام دولته التي تحميه وتحمي أمته؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع