استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس 16/9/2021م، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة في العاصمة القاهرة... ورحب السيسي بالدبيبة في زيارته إلى مصر للمشاركة في اجتماعات اللجنة العليا المصرية الليبية المشتركة. (سكاي نيوز عربية)
وقعت ليبيا ومصر اتفاقيات للتعاون المشترك في مجالات عدة، هي الأضخم منذ سقوط نظام معمر القذافي، قبل عشر سنوات، شملت 13 تفاهماً وستة عقود تنفيذية بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 30 مليار دولار. وكانت هذه الاتفاقية، بما تشمله من استثمارات ضخمة، ثمرة لتحسن العلاقة بين القاهرة وطرابلس، منذ استلام السلطة التنفيذية الجديدة لمهامها، في نهاية الربع الأول من العام الحالي. ويعتقد محللون أن منح مصر حصة كبيرة في برنامج إعادة الإعمار سيسهم في تعزيز الاستقرار في ليبيا، والمضي قدماً نحو إنهاء النزاع السياسي والعسكري، اللذين ميزا المرحلة الانتقالية طيلة العقد الماضي. (إندبندنت عربية الجمعة 17/9/2021م)
ليبيا حالها كحال كل البلاد الإسلامية مليئة بالثروات إلا أن من يحكمها ويتحكم فيها عملاء متصارعون يوالي بعضهم بريطانيا صاحبة النفوذ الأصلي هناك وبعضهم الآخر أمريكا التي استطاعت منافسة بريطانيا ووضعت قدمها في ليبيا بعميلها حفتر يدعمه الرئيس المصري من طرف وبتدخل عميلها أردوغان من الطرف الآخر، ليبقى الصراع محتدما حتى لو أظهرت أطرافه الرضا بتقسيم السلطات والمصالح إلا أنه يبقى اتفاقا بين الثعالب.
زيارة الدبيبة لمصر لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة لمسؤول ليبي خاصة الذين ولاؤهم لأمريكا، فمصر هي من تحمل مفاتيح الحل لبسط نفوذ أمريكا داخل ليبيا رغم وجود أردوغان في الصورة، فالنظام المصري حقيقة هو القوة الإقليمية المعنية بالأزمة الليبية وبالطبع لصالح أمريكا وتنفيذا لأجندتها، فكل العملاء لا يعنيهم أمن واستقرار الشعوب ولا رفاهيتها ولا حتى إعادة إعمار بلادهم، بل الأمن والاستقرار في نظرهم هو أمن واستقرار عملاء سادتهم وتمكينهم من البلاد وثرواتها ولو سالت دماء الشعوب أنهارا! وما يحدث في سوريا دليل على ذلك، والرفاهية في نظرهم لا تمنح إلا للخانعين ومن ارتضوا العيش ليس فقط تحت مظلة الكافر المستعمر بل من يقاتلون معهم ويقتلون إخوانهم لبسط نفوذ سادتهم، أما إعادة الإعمار فهي وسيلة نهب جديدة ووسيلة تدخل مأمونة لمساعدة العملاء في التخلص من المنافسين والمخلصين على الأرض والتمكن من بسط نفوذ السادة في البيت الأبيض على أكبر بقعة ممكنة من الأرض.
فواقع تلك الزيارة المعلن لبحث عدد من المسائل وإبرام اتفاقيات وعدد من مذكرات التفاهم مع اللجنة الليبية المصرية العليا، في الوقت الذي أجرى فيه الدبيبة قبل مغادرته ليبيا في 15/9/2021م، مباحثات مع وفد أمريكي وصل في اليوم نفسه بقيادة مستشار وزارة الخارجية الأمريكية ديريك شوليت، حيث التقى الدبيبة ومسؤولين ليبيين آخرين وكأن لهذه المباحثات علاقة بزيارة مصر وما تم فيها لاحقا من أمور خفية أو معلنة، ففي النهاية ما تم من اتفاقيات سيجعل وجود مصر وتدخلها في ليبيا محميا باتفاقات ضمن القوانين الدولية من هجوم الدول الكبرى التي تصارع أمريكا بعملائها في ليبيا وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا، ترجم ذلك وعد الدبيبة بتسهيل عملية إدخال العمالة والمعدات المصرية إلى ليبيا بسرعة قياسية، منوها إلى أنه "سيتم العمل خلال الفترة المقبلة على تسهيل كل ما من شأنه تعزيز حركة التجارة والقوى البشرية، واتخاذ الخطوات اللازمة لفتح المعابر وزيادة معدلات الرحلات الجوية، وتسيير السفن". (إندبندنت عربية الجمعة 17/9/2021م).
فالزيارة في حقيقتها وما تسعى إليه أمريكا هو فتح الباب أمام تدخل مصري طبيعي في ليبيا من شأنه أن يساعد في زيادة النفوذ الأمريكي على حساب عملاء بريطانيا، بدعوى حماية مصالحها واستثمارها والوفاء بالتزاماتها تجاه شركائها في الحرب على الإرهاب حسب زعمهم، فهي حلقة جديدة من حلقات الصراع بين أمريكا وبريطانيا على ليبيا وثرواتها.
صراع لصوص الغرب على الأمة وثرواتها لا ينتهي تتتابع فصوله وتتوالى بلا كلل، تآمر مستمر مكر الليل والنهار، تصارع مصر وتركيا صراعا ظاهرا وهما يعملان لصالح سيد واحد حتى يرتمي العملاء في أحضان هذا السيد، وتعمل بريطانيا من خلال عملائها على إفشال خطط أمريكا والتصدي لعملائها، في غياب كامل للأمة من ساحة الصراع بينما هي صاحبة الحق الأصيل في ليبيا وأرضها وثرواتها، وأبناؤها في مصر وتركيا والجزائر حتى في ليبيا هم الأطراف التي تتصارع بها ومن خلالها الدول الكبرى لبسط نفوذها والتمكن من الهيمنة على ليبيا وثرواتها، فالتدخل المصري والتركي مشروع في ليبيا بل هو واجب أوجبه الشرع عليهم لحماية أهل ليبيا وتحريرهم من هيمنة الغرب بكل أطرافه المتصارعة هناك، لا أن يكونوا أدوات بسط نفوذه وفرض هيمنته على البلاد وثرواتها، هذا ما ينبغي أن يكون وجود مصر وغيرها من أجله داخل ليبيا وما يجب أن تتحرك جيوش المسلمين من أجله لليبيا وغيرها وليس مصر وحدها.
إن الصراع في ليبيا هو صراع على ثروات الأمة ووقوده أبناؤها، والواجب أن يصبح هذا الصراع بين الأمة وبين الغرب بغية الانعتاق الكامل من تبعيته والتحرر من هيمنته ووقف نهبه ثروات الأمة وخيراتها، وإن من حق مصر وجيشها بل يجب عليها حماية ليبيا وأهلها وأمنها واستقرارها لكن ممن تحميها وتحميهم ولصالح من؟ فلا يجوز أن تكون الحماية من المخلصين من أبناء الأمة ولا لصالح أمريكا ولفرض سلطانها، بل يجب أن تكون حمايتها من المتصارعين عليها من أمريكا وبريطانيا وغيرهما من الطامعين في ثروات الأمة المتخاصمين عليها حماية لثروة الأمة، غايته نيل رضوان الله عز وجل ومبتغاه تحرير الأمة من قيود التبعية للغرب الكافر بكل أشكالها وصورها، هذا هو التدخل الذي نريده والذي أوجبه الله على جيوش الأمة وخاصة جيش مصر الكنانة، إلا أن هذا يحتاج أولا لانعتاق مصر نفسها من تبعية أمريكا والتخلص من عملائها وأدواتها وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاضها، في هذه الحالة فقط سيكون دخول مصر إلى ليبيا غايته تحريرها من التبعية وحماية أرضها وشعبها وثرواتها من تغول الكفر وتصارعه عليها. نسأل الله أن يكون انعتاق الأمة وجيوشها قريبا وبأيدينا، وأن يعجل لنا بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وأن نكون من جنودها وشهودها. اللهم آمين.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع