في إطار حرف الشعوب عن تغيير النظام تغييرا جذريا والاكتفاء بتغيير رأس النظام، قالت الجزيرة مباشر الخميس 23/7/2020م، إن حملة شعبية معارضة في مصر دعت قادة وضباط الجيش المصري بالتحرك ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي للدفاع عن نهر النيل إثر إعلان إثيوبيا اكتمال المرحلة الأولى من ملء سد النهضة. وكتبت حملة "باطل" على حسابها على مواقع التواصل: "رسالتنا إلى قادة وضباط مصر.. بعدما ضاع النيل.. تحركوا قبل أن تضيع مصر".
النظام المصري ليس السيسي كما لم يكن مبارك من قبل، وبخلع السيسي لا يتغير النظام كما لم يتغير النظام بخلع مبارك، فالسيسي ومن سبقوه في حكم مصر هم مجرد أدوات تنفذ سياسات أمريكا التي تملك بوصلة النظام منذ ثورة تموز/يوليو 1952م، ولا يتحرك النظام في أية قضية من القضايا المهمة والمصيرية منفردا عن سياسة أمريكا وما يخدم مصالحها، حتى لو أضر ذلك بمصالح مصر وأهلها ولو كان على جثثهم! فلا ريب عندنا أن لأمريكا مصلحة في إقامة سد النهضة ولو على سبيل إضعاف مصر استراتيجيا بالتحكم في منابع النيل التي تروي مصر وأهلها، وتفريط النظام في حقوق مصر في مياه النيل هو سير في الخط المرسوم له من سادته في البيت الأبيض حيث مركز التنبه الفعلي لحكام مصر وارتباطهم بسياسة أمريكا، فلو أرادت حربا زج بشبابه في أتونها الملتهب ومحارقها كما فعل عبد الناصر سابقا في اليمن وكما يلوح السيسي بالنسبة لليبيا، ولو أرادت سلاما فسيجعل من السلام خيارا استراتيجيا مقدسا كما فعل مبارك وعلى خطاه السيسي في قضية فلسطين.
فالعمالة في أصل النظام من حيث أدواته وفكرته الرأسمالية التي يحملها، وليس رأس النظام فقط، والحديث عن تغيير رأس النظام السيسي أو التصدي له وحده دون باقي النظام ودون فكرته هو عبث لا طائل منه ولن ينتج عنه أي تغيير، بل قد تكون عواقبه أسوأ، وقد رأينا ما حدث في مصر بعد خلع مبارك، وليبيا بعد القذافي، وتونس بعد بن علي، واليمن بعد صالح، كلها تغير فيها الرأس وبقي النظام وأفكاره تحكم وتتحكم، فالتركيز على رأس النظام هو محاولة خبيثة ليظل الصراع ومحاولات التغيير داخل إطار الرأسمالية ويحافظ على مكتسبات الغرب منها فتبقى حظائر سايكس بيكو التي تقسم الأمة وتمنع وحدتها، وتبقى الاتفاقيات الدولية وامتيازات الشركات الأجنبية والمعاهدات، وفوق هذا كله تبقى تبعية الغرب ويبقى نفوذه جاثما فوق صدورنا.
والملاحظ أن كل دعوة للتغيير في إطار العلمانية التي يحاول الغرب فرضها وفرض رموزها على الناس غير مقبولة ولا تلقى رواجا إلا بين قلة قليلة لا تستطيع إحداث فارق أو حشد جمهور مؤيد، وهذا ما لمسناه خلال السنوات الماضية والتي تلت ثورات الربيع العربي، بل لقد ثبت للجميع أن شعوب الأمة عامة ومصر خاصة تتجه نحو الإسلام الذي يعبر عنها وينسجم مع فطرتها، عبرت عن هذا حشود الناس في الميادين تنادي إسلامية لا علمانية وتنتخب أبناء الحركات الإسلامية ممن خدعتهم الأنظمة واستدرجتهم.
ولهذا نقول إن أي تغيير يجب أن يشمل النظام كله بأفكاره وعقيدته وقوانينه وتشريعاته مشمولا بأدواته ومنفذيه، وفي حالة مصر تحديدا يجب أن يشمل النظام الرأسمالي الحاكم كله بقوانينه وتشريعاته ومعاهداته وأدواته ومنفذيه من الحكام العملاء والمرتبطين بهم وبالغرب، بمعنى أنه يجب إسقاط النظام الذي يطبق على الناس ومن يطبقه عليهم معا، والحرص على ألا يتم استنساخ النظام مرة أخرى، وهذا لا يستطيع القيام به إلا من يملك مشروعا حضاريا بديلا قادرا على النهوض بمصر وبتفكير خارج إطار الرأسمالية وحدود سايكس بيكو، أي أنه مشروع حضاري عالمي صالح للنهوض بمصر والأمة وهو ما يقدمه حزب التحرير مشروع الأمة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة الذي تبحث عنه الجموع الثائرة من يومها الأول، وقد كنا شهودا على ذلك رأي العين، ورأينا على الشاشات شيخ اليمن الزنداني وهو يبشر جموع الثوار في ساحة التغيير بالخلافة القادمة وأنها ستكون على منهاج النبوة، وستظل هي مطلب الناس الذي يجمعهم ويخرجهم في طلبه، ولن يخروا لغيره، مهما شوهتها الأنظمة ومهما اتهمتها وحامليها بالإرهاب والتطرف، وقد رأينا كيف تفاعل الناس مع دعوات محمد علي للخروج، وفي المقابل نظرة تدمع العين لها طربا وفرحا لجموع المحتفلين بعودة آيا صوفيا مسجدا مرة أخرى، لافتات تعبر عن تعلق الأمة بدينها وترقبها لأي بارقة أمل تبشر بنصر جديد قادم، ولولا آلة القمع والقتل المشهرة في وجوه الناس وحالة الريبة التي يفرضها النظام في مصر لكان لكل حادث حديث ولرأينا جموع الناس تحتفل في قلب القاهرة بآيا صوفيا كأنه عيدهم.
خلاصة القول إنه لا تغيير بغير مشروع الإسلام الحضاري الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، هذا ما يجب أن يعرض على قادة وضباط الجيش المصري ليتصدوا به للسيسي ونظامه وداعميه وسادته في البيت الأبيض، وهو وحده الكفيل بالإطاحة بهم حقا وضمانة ألا يعودوا مرة أخرى، وإننا في حزب التحرير نضع ما نحمله بين يدي المخلصين في جيش الكنانة وندعوهم كما دعا مصعب بن عمير سادة الأنصار الذين نسأل الله أن يجددهم بالمخلصين في جيش الكنانة، إن ما نحمله مسطر على مواقعنا الرسمية وصفحاتنا على مواقع التواصل؛ يستطيع أن يصل إليها من أراد، وما نحمله من خير ليس حكرا علينا بل هو من ثقافة الإسلام وأفكاره وهو ملك للأمة، فمن أراده فليأخذه بحقه وليعلنها به خلافة على منهاج النبوة ونحن معه.
أيها المخلصون في جيش الكنانة: إنكم فرس الرهان وبكم وحدكم تتغير المعادلة وتنقلب الموازين، وما كان السيسي ليتجبر على أهل مصر لو لم يأمنكم ولولا حمايتكم له وصمتكم على جرائمه، فأنتم بهذا شركاء جرمه ولن ينفعكم ما يهبكم من رشى هي أقل من حقوقكم، والله سائلكم عن أمتكم ودينكم فجهزوا جوابكم، وإننا نذكركم بالله عودة قبل الممات وقبل فوات الأوان، ونسألكم به أن تنصروا دينكم وعقيدتكم وتنحازوا لأمتكم، ونقولها لكم كما قالها مصعب الخير: أو تسمعون منا وتنظرون فيما نحمله لكم وللأمة وتناقشونه معنا بكل نقاطه وتفصيلاته، فإن وجدتم خيرا قبلتموه وإن وجدتم شرا كف عنكم ما تكرهون وبيننا وبينكم الله والله خير شاهدا علينا وعليكم، نسألكم الله دينكم الذي تدينون وربكم الذي له تتوجهون بصلاتكم ودعائكم، أنصفوا دينكم وأعيدوا دولته التي تطبقه ليصبح واقعا عمليا متجسدا فيدخل الناس في دين الله أفواجا ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ألا إن نصر الله قريب.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع