الخلافة هي الطريقة العملية لتطبيق أحكام الإسلام في معترك الحياة وحمل الإسلام رسالة نور وهدى إلى العالم بالدعوة والجهاد؛ فالخلافة هي تاج الفروض وقبة الدين وحامية حمى المسلمين، فهي التي تقيم الحدود وترعى الشؤون وتحمي الثغور وتصون الأنفس والأعراض والأموال والثروات، وهي التي تطبق الإسلام في الداخل وتحمله إلى الخارج بالدعوة والجهاد لتعم رسالة الإسلام أرجاء المعمورة فهي رحمة للعالمين، والخلافة وعد وفرض واستخلاف وقوة وتمكين وأمان...
فأما كونها وعداً واستخلافاً من الله فإن الله يقول في محكم التنزيل: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، ووعد الله لا يتخلف فالله لا يخلف الميعاد.
كما بشر بعودتها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد من طريق حذيفة بن اليمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «...ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
وأما أن الخلافة هي فرض من الله أوجبه على المسلمين كافة في أرجاء المعمورة وجعل قيامه أمراً محتماً لا تخيير فيه ولا هوادة في شأنه والتقصير في القيام به معصية من أكبر المعاصي يعذب الله عليها أشد العذاب، فالدليل عليه من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة:
أما الكتاب فإن الله تعالى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المسلمين بما أنزل الله وكان أمره جازماً، قال الله تعالى: ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ﴾، وقال الله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾.
وأما السنة فقد روى مسلم عن طريق نافع قال: قال لي ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، فالنبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة والبيعة لا تكون إلا لخليفة ليس غير، والميتة الجاهلية كناية عن شدة الإثم لمن مات وليس في عنقه بيعة لخليفة.
وأما إجماع الصحابة رضوان الله عليهم فإنهم أجمعوا على لزوم إقامة خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وقد ظهر تأكيد إجماع الصحابة على إقامة خليفة من تأخيرهم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمت مبايعة أبي بكر رضي الله عنه خليفة للمسلمين.
وأما أن الخلافة قوة فإن الخلافة توحد المسلمين في كيان سياسي واحد فتكون قوة مرهوبة الجانب ترهب أعداءها فيخشونها ويحسبون لها ألف حساب، والوحدة قوة وقد أمر الله المسلمين أن يعتصموا بحبل الله جميعا ليكونوا قوة ترهب أعداءهم فتقذف في قلوبهم الرعب، قال الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾.
كما أمر الله المسلمين أن يعدوا لأعدائهم عدتهم فيكونوا قوة ترهب أعداءهم فيصيبهم الوهن فينتصر المسلمون عليهم، قال الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾. ولفظة قوة جاءت نكرة وتعني كل قوة ترهب الأعداء وتجعل الغلبة والفوز والتفوق والنصر للمسلمين كقوة عسكرية وبشرية واقتصادية وتكنولوجية وغيرها، وعندما كانت الخلافة قوة في السابق هابتها دول الكفر كلها ودفعت أقوى هذه الدول الجزية للمسلمين عن يد وهم صاغرون، فقد دفع ملك الروم المتعجرف نقفور فوكاس الجزية صاغرا ذليلاً بعد أن رفض دفعها للخلافة العباسية في عصر الخليفة هارون الرشيد، كما دفعت أمريكا ضريبة سنوية للخلافة العثمانية في عصر الخليفة سليم الثالث.
وما تجرأ أعداء الإسلام وسفكوا دماء المسلمين وهدموا مساجدهم واعتدوا على أعراضهم في الهند والصين وروسيا وبورما والشام والعراق وفلسطين وغيرها إلا عندما اطمأنوا أن قوة المسلمين المتمثلة في الخلافة غائبة.
ولا شك أن الخلافة هي القوة القادمة فهي من ستحرر فلسطين وأخواتها وتكون الدولة الأولى بلا منازع كما كانت من قبل لقرون عديدة من الزمن.
وأما أن الخلافة هي تمكين للمسلمين فإنها الطريقة العملية للحكم بالإسلام ونشره في ربوع المعمورة فهي التي ستمكن للمسلمين من نشر دينهم في الأرض كلها بالدعوة والجهاد.
وأما أن الخلافة هي أمان فإنها بتطبيقها للإسلام في جميع شوؤن الحياة يسود الأمن ربوع بلاد المسلمين. قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
وعليه فإن الأمن والأمان لا يوجد إلا بوضع أوامر الله ونواهيه موضع التطبيق من خلال دولة الخلافة التي يسير الراكب في ظل حكمها من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه...
أيها المسلمون! إن الخلافة هي التي تعيد الحكم بالإسلام بعد أن توقف العمل بكتاب الله وسنة رسوله 99 عاما، وهي التي تحرر فلسطين وأخواتها وهي التي تعيد هيبة المسلمين في قلوب أعدائهم بعد أن ذهبت مهابتهم من قلوبهم، والخلافة هي من يوقف الجرائم والذنوب العظام التي تفشت فيهم خلال 99 عاما، والخلافة هي من تعيد الجهاد في سبيل الله لنشر دينه وحمل رسالته للعالم كله لإخراجهم من ظلمات الرأسمالية إلى نور الإسلام وتوقف حروب الفتنة العبثية التي أشعلها الكفار بين المسلمين لتمزيقهم وتنفيذ مخططاتهم، والخلافة هي التي توحد المسلمين بعد أن مزقتهم اتفاقية سايكس بيكو إلى دويلات كرتونية منزوعة المهابة بعد أن كانوا دولة واحدة جامعة للمسلمين...
أيها المسلمون! إن حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله يدعوكم أن ترصوا صفوفكم خلف قيادته وتنضموا إلى سفينة التغيير التي ستعبر بإذن الله إلى بر الأمان بقيادة ربانها العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة، فإن الخلافة هي فرض ربكم ومبعث عزكم وقاهرة عدوكم ومحررة أرضكم وهي منارة الخير والعلم والعدل في ربوع العالم...
لمثل هذا فليعمل العاملون وليتنافس المتنافسون.
بقلم: الأستاذ شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع