لم يفق المصريون بعد من الإخفاقات التي تسبب بها رئيسهم عبد الفتاح السيسي حول ملف سد النهضة الذي يهدد شريان حياتهم الوحيد وهو نهر النيل، حتى تسبب بسياساته المتخبطة في خسارة 7 آلاف كم2 من مياه بلاده الاقتصادية لحساب اليونان، رغم توصيات وزارة الخارجية المصرية برفض المقترح اليوناني حول تعيين الحدود البحرية بينهما، وتلاعب أثينا بحقوق مصر في غاز شرق المتوسط، فإن الرئيس المصري يصر على إتمام الاتفاقية، وفق وثائق رسمية كشفتها الجزيرة على موقعها في 4/12/2019م.
يبدو وكأن السيسي قد آلى على نفسه ألا يترك حكم مصر وقد بقي لشعبها من مواردها شيء! فما بين مباع أو مرهون أو متنازل عنه لأعداء الأمة طوعا، أو ربما هذا هو الدور الذي كلفه به السادة في البيت الأبيض ولهذا أبقوا عليه حتى الآن طالما يمنحهم ما يريدون من ثروات الكنانة دون ثمن ودون عناء، فضلا عن اتفاقيات إعادة ترسيم الحدود تلك والتي تهب الثروة ومنابعها للغرب جملة واحدة ولا تبقي لأهل مصر منها حتى الفتات الذي قد يلقى إليهم. كما أن المستفيد الأكبر منها هو كيان يهود الغاصب، ففوق ما أصبح ينهبه من ثروات الأمة بمثل هذه الاتفاقيات فإن سياسة الأمر الواقع وليس القانون الدولي هي من ستخول للكيان المغتصب لعب دور مهم في الطاقة مستقبلا، إقليميا ودوليا، على حساب الأمة بكياناتها العميلة للغرب، وفوق هذا فإن هذه الاتفاقيات سواء في البحر المتوسط أو الأحمر، والتي بمقتضاها تسلم آل سعود إدارة جزيرتي تيران وصنافير، فصار المضيق بينهما مياهاً دولية يحق لكيان يهود أن يتحرك فيها رغماً عن النظامين وفقا للقوانين الدولية، ويستطيع كيان يهود بعد هذه الاتفاقيات أن يمرر أنابيب الغاز بينه وبين اليونان دون المرور في المياه المصرية، أي سيصبح كيان يهود هو المركز الإقليمي للطاقة حقيقة وليس مصر كما يزعم السيسي، ناهيك عما في تلك الاتفاقيات من إقرار بوجود كيان يهود ومحاولات دمجه مع الشعوب الرافضة له ولوجوده أصلا، بدعوى المصلحة والمنفعة المرتبطة بالكيان نفسه وكونه ربما يُعَدّ ليكون متحكما في الطاقة في المنطقة.
حقيقة واقع هذا النظام وأدواته أنهم مجرد أجراء لدى الغرب الكافر صنعهم على عينه ووضعهم على عروش بلادنا لرعاية مصالحه وتمكينه من ثرواتها وخيراتها، فلا عجب فيما يفعله السيسي، بل العجب في صمت المخلصين من أبناء الكنانة وخاصة الجيش، وهم يرون هذا التفريط بثرواتهم أمام أعينهم وبرعايتهم وحمايتهم وبجعل سلاحهم أداة قمع لكل صوت معترض من أهل الكنانة على قرارات رأس النظام الكارثية!
إن كل تلك الاتفاقيات وما نتج عنها أو سبقها من تفريط في ثروات مصر كلها وما تفرع عنها، باطل لا يجوز إقراره ولا يلزم أهل مصر حال اقتلاع هذا النظام، بل لا يجوز إقرارها ولا العمل بها أصلا؛ فكيان يهود كيان غاصب لأرض الأمة لا يجوز أن يكون بيننا وبينه غير حالة الحرب حتى يُقتلع من بلادنا اقتلاعا، وثروات الأمة ليست ملكا للحكام ليوزعوها يمنة ويسرى وليهبوها للغرب مقابل بقاء عروشهم التي نخر فيها السوس، بل هي ملك للأمة وواجب الدولة هو أن تحفظها للناس، ولا سبيل لذلك إلا بمشروع حضاري جديد ينسجم مع عقيدة الأمة ويوقف سيل النهب لثرواتها قبل أن يعمل على إعادة ما نهبه الغرب منها.
إن المشروع الحضاري الوحيد القادر على ذلك إنما هو مشروع الإسلام الذي يحمله لكم حزب التحرير؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وما فيه من أحكام شرعية ملزمة للحاكم والرعية، تمنع تملك الغرب لمنابع الثروة في بلاد المسلمين وتوجب إخراجهم منها، ولهذا فلن تكون بينها وبين كيان يهود هدن ولا مفاوضات ولا معاهدات بل ستطهر فلسطين منهم، إلا أن هذا المشروع يحتاج لنصرة صادقة من المخلصين في جيش الكنانة الساخطين على أفعال هذا النظام ورأسه وأدواته، الراغبين حقا في نهضة حقيقية لمصر تعود بالخير عليها وعلى أهلها، وعلى هؤلاء أن يعوا على ما يحمله ويقدمه حزب التحرير؛ ففيه ما يرجون من خير وبه وحده تعالج كل مشكلات مصر في كل المجالات، الاقتصادية والسياسية وحتى التعليم والصحة والأمن، فكلها يضمنها الإسلام ووضع لها أحكاما تبين كيفية التعامل معها وكيفية رعاية الناس من خلالها بما يضمن لهم جميع حقوقهم مسلمين وغير مسلمين، ويبينها لهم كاملة ويوجب عليهم محاسبة الحكام على تقصيرهم أو إساءتهم تطبيق الإسلام أو تقصيرهم في أداء حقوق الناس حتى تضمن عدلهم على رعاياهم بغض النظر عن دينهم ولونهم وعرقهم.
أيها المخلصون في جيش الكنانة! قديما وقف قطز بين أمراء جنده لا يحثهم على التخلي عن مال حرام أعطي لهم على سبيل الرشوة ليصمتوا عن جرم الحكام، بل يحثهم على الإنفاق من مالهم الحلال في سبيل الله بعد أن سبقهم لذلك وذكرهم بالله قائلا: "من للإسلام إن لم يكن نحن؟"، وإننا نذكركم بالله الذي سنقف وإياكم بين يديه مهما طال بنا الأجل، ولن تنفعكم أموال النظام التي يهبكم ولا المشاريع التي يخصكم بها لتصمتوا عن جرمه في حق أمتكم، بل هي رشوة ستكتوون بها في نار جهنم إن لم تلفظوها وتتبرؤوا لله منها ومن هذا النظام وتنصروا دينكم والعاملين لإقامة الدولة التي تطبقه على الناس وتحمله للعالم رسالة هدى ونور... فمن للإسلام إن لم يكن أنتم، ومن ينصره غيركم، ومن يعز دينه سواكم؟! انصروا الله ينصركم ويكتب لكم العزة والكرامة في الدنيا والآخرة وتكون بكم دولة العز الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، اللهم عجل بها واجعلنا من جنودها وشهودها.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
بقلم: الأستاذ سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع