مع طلوع فجر الثلاثاء المنصرم شن كيان يهود الغاصب هجوما وعدوانا جديدا على أهلنا في غزة هاشم، بدأها باغتيال القيادي في سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بهاء أبو العطا وزوجه رحمهما الله، ومحاولة اغتيال أكرم العجوري في دمشق فقتل ابنه، ثم أتبع ذلك قصفا للبيوت وتدميرا للمساكن وقتلا لعشرات الشهداء وإصابة لعشرات آخرين، وتوعد بالمزيد والمزيد علنا دون مواربة أو خفاء وعلى مسمع حكام العرب والمسلمين ردا على رشقات الصواريخ التي أطلقتها الفصائل، بل وأرسل رسائل التهديد للفصائل من خلال حكام مصر بكل وقاحة وصلف، حتى تم التوصل إلى اتفاق هدنة ووقف إطلاق نار كالعادة بعد يومين من الإجرام والغطرسة التي أسفرت عن 34 شهيدا وأكثر من 100 جريح.
من الواضح أنّه ما كان لكيان يهود أن يتجرأ إلى هذه الدرجة، فيمعن في أهل فلسطين القتل، ويبادر هو بالتصعيد مع الفصائل ويرسل رسائل التهديد والوعيد بكل صلف لولا أنه أمن جانب الحكام وخاصة أنظمة الجوار، كيف لا وهو يرى أنّ أحسنهم حالا من يشجب أو يستنكر باللسان دون أن يترجم ذلك إلى أفعال أو حقائق، أو يتوسط بين الجانبين توسط الغريب عن الطرفين لوقف الحرب وكأنه من دول عدم الانحياز، وأما الباقي فما بين الصمت المطبق المخزي وبين الإيعاز بالتهدئة وضبط النفس وعدم الرد!
إنّ مواقف حكام المسلمين عربا وعجما قد أثبتت للمرة الألف بأنهم هم سبب أصيل فيما تتعرض له فلسطين وباقي بلاد المسلمين من احتلال وظلم وقهر، لا فرق في ذلك بين من يُسمون بحكام الممانعة أو الاعتدال؛ فما زادت إيران مثلا على أن واصلت الجعجعات المعهودة، دون أن تحرك ساكنا، وهي التي أكدت أكثر من مرة أنّها قادرة على محو كيان يهود في ساعة من نهار، ولكنها تعود وتقول بأنّ صبرها بدأ ينفد، وكأن كل ما يحدث لم يكف لينفد صبرها لنرى أفعالها وتهديداتها! وأما أردوغان تركيا فقد كان منشغلا بلقائه الحميم مع ترامب المجرم، لينسقا المواقف بشأن الفصائل والعدوان على أهلنا في الشام، ولم يجد عنده الوقت الكافي ليتحدث ولو بتصريح أجوف عن إجرام يهود، فضلا عن أن يحرك ساكنا، وهو من كان قد اتصل قبل أيام قليلة بإسماعيل هنية ومحمود عباس ليطمئن على حال فلسطين والانتخابات المزمع إجراؤها. وأما بشار المجرم وحزب إيران في لبنان، فهما منشغلان كالعادة بإمطار أهلنا في الشام بالبراميل المتفجرة وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والتآمر على ثورة لبنان الفتية ولا وقت لديهما في التفكير بالرد على يهود أو الحد من غطرستهم رغم أن بداية الغطرسة بدأت هذه المرة في دمشق عاصمة الممانعة!! وأما حكام مصر وقطر فهما أكثر الناس انشغالا في التآمر على أهل غزة والفصائل بالتهديد والوعيد والأموال والإغراء...
ومن جانب آخر، فقد أثبت العدوان بأنّ جهود المقاومة وقدرتها قد تكفي لإخافة الاحتلال أو فرض معادلة الرعب كما يُقال، ولكنها لن تكفي لوضع حد لغطرسة يهود أو إنهاء الاحتلال من جذوره، فكيان يهود يبادر بالعدوان والإجرام كلما شعر أنه بحاجة إلى ذلك، فيمعن في غزة قتلا وتدميرا وإرهابا، وفي القدس تدنيسا وتهويدا وقتلا، وفي الضفة قتلا وإذلالا ومزيدا من الاستيطان والأسر... وهو في كل ذلك مدرك أنه لن يجد ردا قويا وحقيقيا ينسيه وساوس الشيطان.
إنّ الرد الحقيقي والشرعي لوضع حد لإجرام يهود وغطرستهم هو باستئصال كيانهم الجرثومي من الأرض المباركة فلسطين، وهذا أمر يحتاج إلى قوة حقيقية ترد الصاع صاعين، ولا تكتفي بفرض (معادلة الرعب) أو الاتفاق على (قواعد الاشتباك)! بل باقتلاع كيان يهود من جذوره من فلسطين.
ولوقف مسلسل الدم والاحتلال لا بد أن تُعاد القضية إلى أصلها وفلسطين إلى حضنها الحقيقي، ففلسطين قضية الأمة الإسلامية، وأهلها هم المسلمون كلهم، وقوتها هي جيوش الأمة وجحافلها، والقادر على وقف عدوان يهود وإزالة الاحتلال من جذوره من الأرض المباركة فلسطين هي جيوش الأمة وجحافلها في جهاد تحرر به فلسطين ويشرد به مَن خلف يهود.
لذا يجب استنصار الأمة الإسلامية وجيوشها والتوجه بالنداء إليهم لإقامة الخلافة على منهاج النبوة وتحرير الأرض المباركة، والكف عن الركون إلى حكام المسلمين فهم كلهم أولياء للغرب أعداء للأمة، وإن تقلب بعضهم في أدوار صنعها لهم الغرب المستعمر ولكنهم يسيرون على ما رسمه لهم من مخططات وأدوار للحيلولة دون انعتاق الأمة وتحررها من ربقة الاستعمار.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين
رأيك في الموضوع