ويمكن إيجاز نشاطات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في حوض البحر الأبيض المتوسط، وخاصة في مصر وتركيا ولبنان وسوريا وكيان يهود وأطراف جزيرة قبرص، والنظرات المتعلقة بها في النقاط التالية:
1- بدأ كيان يهود بالتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في حوض المشرقمنذ عام 2009، وهو يستخرج الغاز الطبيعي ويستخدمه حالياً.
2- حددت اليونان قطاعات وفق "المناطق الاقتصادية الحصرية" في القطاعات المحددة من قبلها، وبدأت فيها نشاطاتها من خلال الشركات البريطانية والفرنسية والأمريكية والإيطالية والكورية الجنوبية اعتباراً من عام 2007.
3- الاحتياطي الموجود في هذا الحوض يغطي حاجات الدول الأوروبية من الغاز الطبيعي لمدة خمسين سنة. بناءً على ذلك، هناك فرصة لهذه الدول للاستغناء جزئياً عن الغاز الطبيعي الروسي.
4- بدأت تركيا في الآونة الأخيرة بالتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط على الرغم من كونها واحدة من البلدان التي لديها أكبر إطلالة على البحر الأبيض المتوسط. وهناك خلافات بينها وبين اليونان حول القطاعات المحددة في إطار "المنطقة الاقتصادية الحصرية".
5- يلاحظ أن أردوغان لم يتناول في أي تصريح له حتى اليوم نشاطات التنقيب واستخراج النفط التي تقوم بها أمريكا وإنجلترا اللتان لا تطلان على البحر المتوسط وإيطاليا وكيان يهود في هذا الحوض، واكتفى بالرد على تصريحات الرئيس الفرنسي. ولئن كانت فرنسا لا تملك إطلالة على البحر المتوسط فإن أمريكا وإنجلترا وإيطاليا ليس لها إطلالة كذلك. ولم يتناول كذلك نشاطات كيان يهود المغتصب، ويفتقر إلى مشروعية الوجود وفق الأحكام الشرعية.
6- لقد استولى الإنجليز على قبرص في عهد الدولة العثمانية عن طريق الخداع، وسلموها إلى اليونان، والواجب هو إلحاق قبرص بتركيا كلياً. وتبقى مطالبات اليونان بالنفط والغاز الطبيعي باطلة، سواء في الجرف القاري لقبرص أو في الأماكن المعروفة بـ"المنطقة الاقتصادية الحصرية".
7- تشير الأبحاث إلى أن الحوض الشرقي للبحر المتوسط ينام على احتياطي كبير من الغاز الطبيعي والنفط، وقد أثار ذلك لعاب جميع الدول المستعمرة وعلى رأسها أمريكا، فتحركت على الفور، وبدأت بالإنتاج في المناطق الغنية. ومع ذلك، تقع جميع مناطق الإنتاج حتى الآن داخل المياه الإقليمية للأمة الإسلامية. وجميع أنواع النفط المستخرجة من هذه المناطق هي ملك للأمة الإسلامية، لكن حكام البلاد الإسلامية، وفي مقدمتهم حكام تركيا، يكتفون بالتصريحات المقتضبة، واتخاذ التدابير التي ترضي أسيادهم، ويلتزمون الصمت مع الأسف تجاه نشاطات التنقيب واستخراج النفط والغاز الطبيعي التي تنفذها الشركات التابعة للدول الاستعمارية في هذه الحقول التابعة للأمة الإسلامية.
8- من جهة أخرى، هناك أمر آخر يتعلق بتسويق النفط والغاز الطبيعي المستخرج من هنا ونقلها لا سيما إلى الدول الأوروبية، فهناك دراسات حول البدائل المختلفة في هذا الشأن، منها:
أ- تم نقل الغاز الطبيعي عبر أنابيب تمر من الأراضي التركية بطول 500 كم.
ب- تم النقل عبر أنبوب نقل بطول 2000 كم تقريباً يمر من كريت واليونان فالأدرياتيك وصولاً إلى إيطاليا.
ت- تم نقل الغاز من حقل أفروديت إلى مصر عن خط أنبوب تحت البحر.
ث- تنظر شركتا نوبل إنيرجي الأمريكية وديليك اليهودية إلى تسويق الغاز الطبيعي المستخرج من حقل لافانتان عبر الأراضي المصرية.
لذلك فإن أهمية نقل النفط والغاز الطبيعي المستخرج من هذه المنطقة وتسويق الفائض منها لا تقل أهمية عن النفط والغاز نفسيهما. وأمن خطوط نقل الطاقة التي تعتبر مهمة بالنسبة لأمريكا، وتستخدمها كأداة للضغط السياسي من خلال الشركات الأمريكية الناشطة فعلياً في المنطقة. والقضية القبرصية مرشحة للظهور في جدول الأعمال في الأيام المقبلة.
9- ثروات الأمة الإسلامية المعروفة منها والمجهولة، والظاهرة منها والباطنة في هذه المناطق الواقعة في حوض البحر المتوسط أو في الأراضي والبحار التابعة للبلدان الإسلامية هائلة.لكن الحكام الخونة يتركون هذه الثروات نهباً للمستعمرين، ويتركون أبناء الأمة الإسلامية يعانون فقرهم المدقع. والبحر المتوسط الذي كان في العهد العثماني بحيرة عثمانية يسيطر عليها الأسطول العثماني، تحول اليوم إلى ساحة سباق للمستعمرين، وفي مقدمتهم أمريكا - التي كانت تؤدي خراجها لدولة الخلافة العثمانية مدة 29 عاماً - رغم أنها لا تطل على البحر المتوسط مع الأسف. وهكذا تحولت الدولة العثمانية التي كانت تأخذ الخراج من أمريكا التي تبعد آلاف الكيلومترات عن مركز الخلافة دون الحاجة إلى إرسال جيش بأي شكل من الأشكال، تحولت إلى أشلاء، ودول قامت على أنقاضها، وحكام باعوا أنفسهم للخيانة والجبن وحب الدنيا، فلا يملكون كلمة حتى في جزء صغير من البحر المتوسط الذي كان بحيرة إسلامية، ويفرطون بالثروات التي ائتمنوا عليها، ويحولون بينها وبين المسلمين، ويقدمونها سخيةبلا مقابل للمستعمرين.
وعودة الأمة الإسلامية إلى سابق عزها، وسيطرتها على ثرواتها، وعودة البحر المتوسط بحيرة إسلامية كما كانت، إنما تتحقق بإذن الله تعالى بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة من جديد، فتستأنف حمل راية الإسلام والهداية للعالمين.
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّـهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾
بقلم: الأستاذ محمد حنفي يغمور – أنقرة
رأيك في الموضوع