في يوم الاثنين الموافق 27 مايو/أيار انطلقت حملة عسكرية تركية في شمال العراق في منطقة قنديل وآسوس جنوبي هاكورك معقل مسلحي حزب العمال الكردستاني وأطلق عليها عملية (المخلب) والتي يديرها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، "وقالت وزارة الدفاع التركية إن الطلعات الجوية للمقاتلات التركية دمرت أكثر من 30 هدفاً للإرهابيين، مبينة أن العمليات شهدت استهداف معاقل منظمة "بي كي كي" الإرهابية، وكان وزير الدفاع التركي، ورئيس الأركان وقادة الجيش، تابعوا العملية بشكل مباشر من غرفة العمليات بمقر قيادة القوات الجوية بالعاصمة أنقرة." (ترك برس)
واستمر القصف الجوي والمدفعي إلى الساعة الثامنة مساء ليبدأ بعدها الإنزال الجوي للقوات الخاصة (الكوماندوز) لتقوم بمهمتها البرية في مناطق وعرة لملاحقة أعضاء التنظيم وتفكيك العديد من الألغام.
وكانت الحصيلة الأولى للحملة في يومها الرابع وبحسب وزارة الدفاع التركية هي مقتل تسعة عشر جنديا من مقاتلي حزب العمال من بينهم عنصران بارزان في الحزب، ومقاتلان اثنان من الجنود الأتراك متأثرين بجروح أصيبا بها في انفجار عبوة ناسفة. "وقالت وزارة الدفاع التركية اليوم الخميس إن طائرات حربية تركية وطائرات هليكوبتر هجومية ضربت أهدافا في الجبال الواقعة بشمال العراق وإن الجيش "حيّد" 19 مسلحا كرديا مع دخول عمليته هناك يومها الرابع. وذكرت الوزارة أن جنديين تركيين قتلا أمس الأربعاء متأثرين بجروح أصيبا بها في انفجار عبوة ناسفة خلال (عملية المخلب).." نقلا عن (أحوال تركية).
وبالتزامن مع الحملة يزور الرئيس العراقي برهم صالح تركيا تلبية لدعوة من الرئيس التركي أردوغان لمناقشة محاور عدة أبرزها، بحسب وسائل الإعلام، حماية الحدود المشتركة بين البلدين، وجهود أنقرة وبغداد ضد حزب العمال، والتطورات في سوريا، فالعملية تحدث باتفاق تركي-عراقي رغم ما يشاع من اختلاف وتقاذف في العبارات من الجانبين بين الحين والآخر، نعم هو باتفاق لأنه ولكل متابع؛ لا يخفى أن كلا الجانبين يتبعان وينفذان سياسة أمريكا في المنطقة.
والمدقق في مثل هذه الحملات العسكرية المستمرة من الجيش التركي على مواقع حزب العمال يرى أن الهدف منها في الغالب سياسي وليس عسكريا، فهي تأتي لحفظ ماء الوجه بالنسبة للنظام التركي ولتعزيز نفوذه.
فمن جانب تأتي هذه الحملة قبيل موعد إعادة الانتخابات البلدية لمدينة إسطنبول والتي من المقرر إجراؤها في حزيران، فقد خسر فيها حزب العدالة الفوز برئاستها هي والعاصمة أنقرة، مما دعا أردوغان للمطالبة بإعادة الانتخابات البلدية لمدينة إسطنبول، إذ ندد بحصول "انتهاكات واسعة النطاق"، فخسارة أردوغان لهذه المدينة تعد صفعة له ولحزبه الذي يحكمها منذ خمسة وعشرين عاما؛ وذلك بسبب أزمة انخفاض الليرة التركية وغيرها من المشاكل الاقتصادية التي تمر بها تركيا بسبب تطبيق النظام الرأسمالي المتهالك.
ومن جانب آخر فإن هذه الحملة تأتي لتعزيز موقف أردوغان داخليا وخارجيا بعد موقفه المخزي تجاه الثورة السورية، والتي أظهرت كذب خطوطه الحمراء، وما يقوم به اليوم من إعادة التطبيع مع نظام المجرم بشار وبالتنسيق مع الكفرة المستعمرين وأدواتهم من العملاء شرقا وغربا، فهو من جهة يظهر للأتراك حرصه على البلاد وأمنها المستهدف من حزب العمال، ومن جهة أخرى يسير وفق الدور المرسوم له أمريكيا في سوريا، ومن ضمن أعمال هذا الدور هو إضعاف الفصائل الكردية وإعادة ما استولت عليه لنظام بشار، إذ جاءت هذه الضربات أيضا لإضعاف هذه الفصائل التي بدأ حزب العمال بدعمها بالأسلحة والمقاتلين. "وتحدثت مصادر كردية من قوات البشمركة في منطقة زمار القريبة، أن العملية التركية جاءت استباقية لمنع تحرك العشرات من مسلحي الحزب باتجاه الأراضي السورية، للمشاركة في أي مواجهات عسكرية تجري بين الجيش التركي والفصائل الكردية بعد تلويح أردوغان بعملية وشيكة هناك، وقال ضابط في البشمركة لـ"العربي الجديد"، إن مسلحي العمال الكردستاني يتحركون منذ يومين لرفد الفصائل الكردية المسلحة داخل سوريا بالأسلحة والمقاتلين، تحسبا للمواجهات مع القوات التركية".
إن مما يحز في نفس كل مؤمن في هذه الأحداث الدامية هو أن الخاسر الوحيد فيها هم المسلمون في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وبأسلحة فتاكة صنعت لأن تُقتل فيها أمة محمد e حصرا، صنعها كفرة مستعمرون لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
وبالتأكيد فإن هذا كله يعود لعدم وجود خليفة للمسلمين يحكمهم بشرع الله، فجيوش المسلمين وبفعل حكام عملاء أصبحت أداة لتنفيذ مخططات دول الكفر المستعمرة بدل أن تكون حامية للمسلمين ومحررة لأقصاهم وناصرة لمستضعفيهم وناشرة للخير في ربوع الأرض بفتح بلاد الكفر لإنقاذ أهلها من ظلمات الكفر وفجور الأديان إلى نور الإسلام، كما أنقذنا الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم من جور الروم وكسرى فأصبحنا مسلمين.
فإلى فلاح الدنيا والآخرة ندعوكم أيها المسلمون للعمل لإعادة بشرى رسول الله e الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، نسأل الله أن يعجل لنا قيامها ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الروم: 4-5].
بقلم: الأستاذ علي أحمد
رأيك في الموضوع