مع استمرار العمليات العسكرية لـ(تحرير) الموصل فيما سمي بالمرحلة الثانية، لوحظ أن المعارك أخذت طابعا أكثر حدة، مع اشتراك متزايد للقوات الأمريكية بالدرجة الأولى والقوات الفرنسية بدرجة أقل، ويأتي هذا التطور بعد زيارة وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر للعراق، حيث صرح اللفتنانت كولونيل ستيورات جيمي قائد كتيبة أمريكية تساند القوات العراقية "أن العمليات الجديدة تتضمن نشر قوات أمريكية أقرب لجبهة القتال في الموصل، وإذا حارب داعش بضراوة واصطدمنا بعوائق واضطررنا للعودة فقد يتطلب الأمر وقتاً أطول"، والأمر نفسه يقال عن القوات الفرنسية بعد زيارة للرئيس الفرنسي هولاند بصحبة وزير دفاعه في 2/1 اجتمع خلالها مع العبادي في بغداد ومع البارزاني في أربيل وزار القوات الفرنسية الموجودة هناك لمساندة قوات البيشمركة، وقال هولاند خلال زيارته إن اشتراك بلاده في محاربة تنظيم الدولة هو لحماية فرنسا، علماً أن هناك حوالي 500 جندي فرنسي و 14 طائرة مقاتلة وعدداً من المدافع.
إن مشاركة قوات التحالف سواء بالقصف المدفعي أو بالطائرات يأتي بعد انتقادات عديدة وجهت للقوات العراقية التي اتهمت بسوء الإدارة والارتباك وخاصة الفرقة 16 التي ارتكبت أخطاء أدت لمقتل الكثير من المدنيين في الموصل كما صرح بذلك أثيل النجيفي محافظ نينوى السابق.
وتشير الأنباء الواردة من الموصل أن العديد من القذائف والصواريخ تتساقط على الأحياء السكنية وخاصة في الجانب الأيسر الذي تمكن الجيش من الدخول إلى حوالي ثلثيه، وأدى القصف إلى سقوط العديد من المدنيين بين قتيل وجريح وتهديم المنازل على ساكنيها.
وفي الوقت نفسه تقوم القوات العراقية بمساندة الحشد الشعبي في عمليات أخرى في قاطع الأنبار وخاصة المناطق الغربية مما أدى إلى نزوح جديد للسكان.
ومع استمرار العمليات تذكر منظمة العفو الدولية وكذلك لقاءات مع المدنيين يتم نقلها عبر المحطات الفضائية عن قيام الحشد الشعبي بارتكاب جرائم جديدة بحق المدنيين ما بين خطف وقتل وتعذيب وتهجير وسرقة منازل وتفجيرها وخاصة في مناطق غرب الأنبار، فيما يسود الغموض مناطق غرب الموصل قرب تلعفر حيث لا يوجد أي خبر عن عمليات هناك وكذلك الجانب الأيمن من الموصل الذي يتحرك الجيش باتجاهه ببطء شديد رغم تصريح مسؤول عسكري أن مطار الموصل أصبح في مرمى مدفعية الجيش العراقي.
إن عمليات تحرير الموصل أصبح واقعها أنها عمليات لتدمير مدينة الموصل وإيقاع الأذى بسكانها، وهذا يمكن قراءته من تصريح قائد التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الفريق ستيفن تاونسند "أن عملية تطهير الموصل والرقة قد تستغرق عامين" وأضاف "أن الجيش العراقي تمكن من الدخول إلى أحياء سكنية شرق الموصل بالدبابات"، علماً أن القوات الأمريكية قامت بتدمير الجسور الخمسة في الموصل منذ بدء العمليات قبل أكثر من شهرين والتي تفصل جانبي المدينة الأيسر والأيمن.
من الواضح أن سير العمليات القتالية في الموصل لا يراعى فيها الجانب الإنساني، فهناك قصف عشوائي على الأحياء السكنية سواء من القوات العراقية ومن يتحالف معها أو من تنظيم الدولة الذي يقصف المناطق التي يضطر للانسحاب منها ما أدى إلى تدمير الكثير من المنازل وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا كما حصل يوم السبت 7/1/2017 بعد دخول الجيش إلى أحياء المثنى والرفاق والفرقان والأطباء وكذلك مستشفى السلام ومستشفى الشفاء، فإن هذه المناطق تعرضت لقصف شديد ما أدى لإصابة عدد كبير من المدنيين بين قتيل وجريح تم نقل الجرحى منهم إلى مستشفيات أربيل.
إن معاناة أهل الموصل ومن قبلهم أهالي ديالى وصلاح الدين والأنبار حصلت بسبب تسلط الحكام العملاء على رقاب المسلمين والذين يتاجرون بدماء الناس تنفيذاً لمشاريع أسيادهم، وما تسليم الموصل من قبل الجيش قبل عامين ونصف إلى تنظيم الدولة إلا واحدة من هذه الجرائم، ليتم بعد ذلك تهجير الناس وقتلهم وتدمير مدينتهم كما يحصل الآن.
إن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها المسلمون في كل مكان وخاصة في الشام والعراق واليمن حصلت بسبب الصحوة التي عمت المسلمين في كل مكان وشكلت تهديداً لأنظمة الكفر في العالم مثل أمريكا بالدرجة الأولى يليها روسيا وبريطانيا وفرنسا بالدرجة الثانية، فكلما تنبه المسلمون إلى دينهم وعزموا على العودة إلى تطبيق أحكام شريعتهم بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، اشتدت هجمة الكفار عليهم، ولكن المسلمين قد وعوا الدرس هذه المرة ولن يهدأ لهم بال حتى يعودوا كما كانوا خير أمة أخرجت للناس ومنفذين لقوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 71]
رأيك في الموضوع