تشهد مدينة شارلوت بولاية نورث كارولينا في الولايات المتحدة حظراً للتجول بعد مواصلة المحتجين الهتاف لليلة الرابعة على التوالي "لا عدالة، لا سلام". لقد بدأت هذه الاحتجاجات في 20 أيلول/سبتمبر 2016، عندما كان السيد كيث لامونت سكوت موقفاً سيارته في حي سكني هادئ في شارلوت في انتظار عودة أحد أبنائه من المدرسة. لسوء حظه، فقد وصلت الشرطة بعد فترة وجيزة مع مذكرة اعتقال بحق شخص آخر، شخص لا علاقة له به. وما زاد الوضع سوءاً بالنسبة للسيد سكوت البالغ من العمر 43 عاماً، حقيقة أنه كان رجلاً أسود، في بلد يقرر اللون أي خدمات تعليمية وصحية ستحصل عليها، وما هي الوظيفة التي ستحصل عليها، وبالنسبة للكثيرين فإن اللون سيقرر أيضاً ما إذا كنت ستعيش أو تموت عندما تواجَه من قبل الشرطة. بالنسبة للسيد سكوت فقد كان مصيره الموت، وترك وراءه أرملة و7 أطفال أيتاماً.
لقد قامت زوجته المذعورة بتصوير فيديو من الهاتف المحمول، حيث صورت ضباط الشرطة المسلحين الواقفين وراء العديد من سيارات الشرطة التي كانت تحيط بزوجها، حيث صرخوا عليه بلغة بذيئة لإلقاء مسدسه، رغم أنه لم يكن لديه مسدس. إن السيد سكوت الذي لم يشتبه به في أية جريمة سابقة، ارتبك من المشهد العنيف المحيط به. لكنه خرج من السيارة وفقاً للتعليمات وعندها تم إطلاق النار عليه من قبل أحد الضباط. وقد توفي على الأرض بجانب سيارته، ولم يسمح لزوجته بالاقتراب منه. وبما أنها امرأة سوداء فقد كان من السهل أيضاً إطلاق النار عليها وقتلها كما حصل لزوجها لو أنها عارضت تعليمات الشرطة وحاولت الاقتراب منه ومواساته في لحظات موته الأخيرة. وفي حين كانت الشرطة تفحص جسد ضحيتها، كل ما كان يمكن أن تقوم به هو المراقبة ومواصلة التصوير.
نتيجة الاحتجاجات التي تلت ذلك، تم استدعاء الجيش لمساعدة الشرطة وفرض حظر التجوال في المدينة. لقد شهد السكان السود في هذه المدينة شيئاً شبيهاً بالاحتلال العسكري الذي فرضته أمريكا على العديد من المدن الأخرى في أنحاء العالم. وقال أحد المتظاهرين لـ CNN في الليلة التي تلت وجوده هناك: "للقتال من أجل عرقي - للقتال من أجل المساواة، أصبح لدينا الكثير من الناس هنا، هذا عمل صعب وكل شيء صعب، لا زلنا غير قادرين على متابعة حياتنا"، بالإضافة إلى الشعور بالظلم في الأحداث الأخيرة لمقتل الرجل الأسود، فقد أعرب هذا المتظاهر عن إحباطه من عدم المساواة التي يعاني منها السود في أمريكا. وعندما سئل من قبل CNN عن الأضرار التي لحقت بالأعمال قال إنها كانت "قد بنيت بالأساس بعيداً عنا" وتابع قائلاً "لماذا كلكم تأخذون زيادة؟ أنتم جميعكم أناس أغنياء، إن نسبة المشردين قد فاقت التصور. حتى إنكم جميعكم لا تهتمون لذلك؟ ولكن تهتمون بعدد قليل من النوافذ المحطمة؟ صدقاً، هل يهمني العدد القليل من النوافذ المحطمة؟ لا. إن ما يهمني هو هؤلاء الرؤساء، وهؤلاء السياسيون، وهذه الحكومة، وهذه الشرطة، كل هذا بحاجة إلى التغيير. هذا ما أمثله الليلة".
لقد بنيت الولايات المتحدة على التمييز والاستغلال. لقد أبيد الهنود الحمر، والأشخاص السود مثل السيد سكوت هم أحفاد العديد من الذين نقلوا بالقوة للعمل لدى الأمريكيين البيض في ظروف من الذل والقهر. منذ إلغاء الرق، كان على الأمريكان السود المقاتلة في معركة طويلة من أجل المساواة. وبالرغم من أن العديد من القوانين العنصرية قد تغيرت منذ عام 1960، وبالرغم من أن الرئيس الأخير هو رجل أسود، إلا أن الظروف الإنسانية والاقتصادية لـ 99% من الأمريكان السود لم تتغير.
إن ما حصل للسيد سكوت قد حصل مرات عديدة من قبل، وقد تم توثيق عدة عمليات قتل مماثلة عن طريق الفيديو. فقبل أيام فقط من قتل السيد سكوت، قتل تيرنس كرانشر (40 عاماً) برصاص ضباط شرطة مدينة تولسا، فقد استجابت الشرطة لبلاغ بخصوص سيارة معطلة على الطريق. تظهر لقطات من كاميرا لوحة القيادة لسيارة الشرطة السيد كراتشر يسير باتجاه سيارته رافعاً يديه، قبل إطلاق النار عليه. وفي 28 تموز/يوليو، أظهرت أشرطة الفيديو من كاميرات الشرطة بول أونيل (18 عاماً) وهو يموت والدم يتدفق منه نتيجة الرصاص في ظهره في حين يضع ضباط الشرطة أقدامهم عليه ويمدون يديه للخلف لوضع الأصفاد في يديه!
حتى الآن فقد تعرض هذا العام 708 شخص لإطلاق النار وقتلوا على يد الشرطة، و24.4% من الضحايا هم أشخاص سود وهو ضعف نسبة عدد السكان السود من مجموع سكان الولايات المتحدة. وقد تم الادعاء بأن الشرطة تطلق النار بشكل أكبر على السود من البيض بسبب أن الأشخاص السود يرتكبون الجرائم بشكل أكبر، ولدعم هذه الحجة، فقد أصدر قسم الشرطة صورة تظهر ما يشبه المسدس بجانب السيد سكوت. إلا أن الفيديو الصادر عن السيدة سكوت يظهر مشهداً سابقا ولنفس المكان بحيث يظهر بوضوح عدم وجود مسدس هناك. إن أكاذيب قسم الشرطة وعملية زرع المسدس بجانب الأمريكان السود القتلى، هو تكرار لأحداث مماثلة في فلسطين، حيث يقوم جيش يهود بتعديل مشاهد الموت لأهل فلسطين الأبرياء عن طريق وضع سكين لتبرير القتل. إن من غير المحتمل أن ترى عائلة السيد سكوت والسود في شارلوت العدالة والمساواة من قسم الشرطة المحلية، كما هي حال أهل فلسطين من قبل جيش يهود.
رأيك في الموضوع