قال تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْأَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾.
فمن أراد الزواج مثلا وجب أن يكون زواجه على سنة الله وسنة رسوله ﷺ، ومن أراد الصلاة وَجَبَ أن تكون صلاته كما أمر الله وبيَّنها رسوله ﷺ، وكذلك إقامة الحكم بما أنزل الله يجب أن تكون بالطريقة التي بيَّنَها رسول الله ﷺ، لأن القضية هي عبادة لله تعالى بإقامة الحكم وبالطريقة التي شرعها لنا سبحانه وسار بها رسوله ﷺ.
وبناء على سيرة الرسول ﷺ في سيره منذ البعثة لإقامة الدولة ولتحويل دار الكفر إلى دار إسلام، وتحويل المجتمع الجاهلي إلى مجتمع إسلامي، حدد حزب التحرير طريقة سيره بثلاث مراحل:
الأولى: مرحلة التثقيف لإيجاد أشخاص مؤمنين بفكرة الحزب وطريقته لتكوين الكتلة الحزبية. وهي المرحلة التأسيسية، ففيها وُجدت النواة وتكونت الحلقة الأولى بعد الاهتداء إلى الفكرة والطريقة، ومن ثمّ بدأت هذه الحلقة الأولى بالاتصال بأفراد الأمة عارضة عليهم الفكرة والطريقة بشكل فردي.
فمن كان يستجيب لها تنظمه للدراسة المركزة في حلقات حتى ينصهر بأفكار الإسلام وأحكامه التي تبنتها، ويصبح شخصية إسلامية ويتمتع بعقلية إسلامية تجعله ينظر إلى الأفكار والوقائع والأحداث من منظار الإسلام، ويصدر حكمه عليها وفق مقاييس الإسلام من الحلال والحرام، كما يتمتع بنفسية إسلامية تجعله يدور مع الإسلام حيث دار، يرضى لما يرضي الله ورسوله، ويغضب ويثور لما يغضب الله ورسوله، وينطلق إلى حمل الدعوة إلى الناس بعد أن تفاعل مع الإسلام؛ لأن الدراسة التي تلقاها في الحلقات هي دراسة عملية مؤثرة، أي دراسة للعمل بها في الحياة وحملها للناس.
الثانية: مرحلة التفاعل مع الأمة لتحميلها الإسلام حتى تتخذه قضية لها، كي تعمل على إيجاده في واقع الحياة والدولة والمجتمع. وهي مرحلة التفاعل مع الأمة لتحميلها الإسلام وتبنيها قضيتها المصيرية، بإيجاد الوعي العام، والرأي العام عندها على أفكار الإسلام وأحكامه التي تبناها الحزب، حتى تتخذها أفكاراً لها، تعمل بها وتحملها لتوجدها في واقع الحياة، وتسير مع الحزب في العمل لإقامة الخلافة ونصب الخليفة لاستئناف الحياة الإسلامية، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم.
الثالثة: مرحلة استلام الحكم، وتطبيق الإسلام تطبيقاً عاماً شاملاً، وحمله رسالة إلى العالم. وهي مرحلة الوصول إلى الحكم عن طريق الأمة وأعمال طلب النصرة، حيث يطبق الإسلام تطبيقاً كاملاً غير مجزأ، وحينئذ يبدأ الحزب الدور العملي، وهو الدور الذي وجد من أجله، فتقوم دولة الخلافة وتكون قوامة على فكر المجتمع وحسه، وتطبق الإسلام في حياة المسلمين تطبيقاً انقلابياً لا يقبل التدريج مهما كانت الظروف، وتحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم عن طريق الجهاد.
وإنه من فضل الله علينا وعلى الناس أن أصبح للإسلام رأي عام، وأصبح هو أمل الأمة في الخلاص، وأصبحت الخلافة تتردد على كل لسان بعد أن لم تكن، وأصبحت إقامتها وإعادة الحكم بما أنزل الله هي أمنية المسلمين جميعاً.
اللهم هيئ لنا من أمتنا من يعيننا على نصرة دينه وإقامة دولته، واجعلنا اللهم من الصادقين الثابتين على هذا الطريق القويم.
رأيك في الموضوع