روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ».
لقد جعل الله الخير في أمة الإسلام إلى آخر الزمان فهي أمة الخير والهدى والتقوى حاملة لواء الحق تسير إلى ظلمات الشرك والكفر فتضيء بنورها الظلمات وتزيل الغشاوة من العين الضالة.
وقد عملت قوى الغرب الكافر المستعمر جاهدة على هدم هذه الخيرية في الأمة، فلم تكتف بهدم دولتها، بل عملت على محو أفكار الإسلام من عقول أبنائها، فكان الاحتلال العسكري لضمان تحقيق ذلك، وإبقاء الأمة غافلة عن مصدر خيريتها وعزها.
إلا أن تلك القوى نسيت أو تناست أن الأمة الإسلامية هي أمة حية كريمة تأبى الضيم والظلم، وتبغض عملاء الاستعمار من حكام ووسط سياسي كما تبغض الاستعمار نفسه، وأنها وإن انحنت أمام التيار الجارف برهة، فإنها ستهب واقفة وتكسر أمواجه العاتية على صخرة عزمها وإيمانها، وهذا ما حصل فقد نهضت الأمة من كبوتها مسلحة في مجموعها بوعي على أهداف حقيقية نابعة من صلب عقيدتها من أهمها: رغبتها في عودة الإسلام للحكم، والتخلص من حكامها العملاء، والتخلص من شعارات الكفر من ديمقراطية ووطنية وقومية.
بدأت الأمة تعود لتستأهل وصف ربها لها بالخيرية: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾.
تأتي علة هذه الخيرية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكنتم أي أصبحتم يا أمة الإسلام خير أمة أخرجت للناس بأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر وإيمانكم بالله.
فيا لعظمة فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي قدمه الله عز وجل في هذه الآية على الإيمان به.
فرض عظيم كانت هذه الأمة ضائعة بتضييعها له، حتى أصبحت لا وزن لها ولا تأثير.
فرض كان مغيباً ولكن بفضل الله ومنّته ها هي أمة الإسلام تعود وتصارع من جديد لتقتعد مكانتها الطبيعية في مقدمة الأمم، فالأصل أن تكون الأمة الإسلامية في طليعة الأمم وفي مقدمتها، وما كان تراجعها وتمكُّن أعدائها منها والقضاء على دولتها إلا لتركها هذا الفرض العظيم، وغفلتها عن شرع ربها فالله عز وجل يقول: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾.
فمصلحون يعني صلاحاً مع إصلاح، فخيرية هذه الأمة بإصلاحها مع صلاحها، وذلك بتطبيق شرع ربها وبأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر.
ويقول رب العزة أيضا: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
وها هي أمتنا تعود من جديد لطريق الفلاح طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تعود لتقول للظالم في وجهه يا ظالم، تعود لتنكر على الطغاة ظلمهم وإجرامهم.
لذلك علينا أن نجدد ثقتنا بربنا وبأمتنا وأن نترقب تباشير الفجر القادم خلف عتمة الليل الحالكة، فعتمة الليل لن تقف حائلا أمام بزوغ الفجر مهما اشتد سوادها وظلمتها، ولا بد من فجر صادق يبزغ لينير الدنيا، فتشرق الأرض بنور ربها تبارك وتعالى، ونتسنم مقعدنا في مقدمة الأمم، ونحكم البشرية جمعاء بأحكام الإسلام؛ فنخرجها من ظلم الكفر وظلماته إلى عدل الإسلام ونوره، ونعود بحق خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله رب العالمين.
رأيك في الموضوع