كشفت ناشطة في اعتصام الجودة وفقا لفيديو عن أهم مطالب المعتصمات في مستشفى الجودة بجنوب الخرطوم، وقالت إن هدفهم هو إسقاط الانقلاب لضمان الحصول على الحرية في الذي يردن لبسه ويغنين الغناء الذي يرغبن فيه إضافة إلى إعادة الزخم الثوري. وقالت أخرى في المكان نفسه: "لقد خرجنا اليوم في موكب نسوي حتى نعيش بأمان ونتحرك في مساحات آمنة حتى لا يتعدى علينا أحد وخرجنا ضد نظام كبير جدا ضد نظام ذكوري وضد نظام أبوي ونظام دكتاتوري يحارب فينا منذ الأزل".
إن حركة تحرير المرأة هي حركة علمانية، نشأت في مصر في بادئ الأمر، ثم انتشرت في أرجاء البلاد الإسلامية، تدعو إلى تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها من مثل الحجاب، وتقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات، والمساواة في الميراث، وتقليد المرأة الغربية في كل أمر. ونشرت دعوتها من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية في العالم الغربي. وقبل أن تتبلور الحركة بشكل دعوة منظمة لتحرير المرأة ضمن جمعية تسمى الاتحاد النسائي، كان هناك تأسيس نظري فكري لها ظهر من خلال كتب ثلاثة ومجلة صدرت في مصر.
والحرية، تلك الكلمة البراقة اللامعة التي خُدِعَ بها الملايين من البشر ولا سيما المرأة، والتي صدَّرها لنا الغرب عبر عقود طويلة، والمتابع لذلك يجد أن هذه الألبسة العارية التي يطالبون بها من غير رقيب ولا حسيب عليهم ابتدأت في الصحف والمجلات العربية عام 1925م، أي بعد هدم الخلافة بعام واحد فقط، ظهرت بصورة كثيفة في تلك الحقبة وكان ظهورها جريئاً في خلاعته، في وقت كانت المرأة المسلمة متمسكة بحجابها الكامل، لكن الضغط الإعلامي وتزيين ذلك والدعوة إلى الموضة واتباعها أجبر النساء على التخلي عن الحشمة، ثم الانجراف قليلاً قليلاً صوب السفور والجري خلف الموضات، ولا يزال هذا السيل الجرار من هذا العري يزداد يوماً بعد يوم، ولعل محلات الأزياء والمجلات النسائية العربية، ومسابقات ملكات الجمال التي يتم عرضها في القنوات الفضائية هي أصدق تعبير على ذلك، ومن طرق الضغط ما تتم ممارسته بإتخام الأسواق وملئها بأصناف الألبسة الغربية المنافية للدين والحشمة والعفاف، لإجبار النساء على ارتدائها لعدم أو صعوبة توافر البديل الساتر العفيف.
ولعل قضية حرية المرأة هي الخدعة الكبرى التي نصبها الغرب، وانطلت على الكثيرين من أبناء هذه الأمة ممن نسوا هويتهم الإسلامية أو تبرؤوا منها، وصدقوا ما يعلنه الغرب من شعارات زائفة خادعة تنادي بالحرية والمساواة وتحرير المرأة من الأغلال التي وضعها الإسلام. إن هذه الحريات لا تليق بالإنسان كإنسان والذي هو كائن مفكر، يحتاج إلى ضوابط ونظام صحيح يعيش عليه، ولكن الغرب روّج لفكرة الحرية واعتبرها مكسبا للإنسان، وهذا أمر مجرد من الفكر الصحيح العميق الذي يجب على الإنسان أن يرتقي إليه.
وكعادة كل الأمور التي تخالف الفطرة وتنحرف بها عن مسارها الذي رسمه الله لها، فإنها ما تلبث وتنهار أمام نداء الفطرة القوي الجارف، فيأبى الله عز وجل إلا أن يظهر عوار هذه الدعوات، بل وينطق ألسنة بعض نساء الغرب اللاتي عشن في ظلال تلك الحرية المزعومة، فهذه كاتبة أمريكية تسمى فيليبس ماكينلي تقول بلسان الناقم على حاله: "هل نعد نحن النساء بعد أن نلنا حرياتنا أخيراً خائنات لجنسنا إذا ارتددنا لدورنا القديم في البيوت؟ إن لي آراء حاسمة في هذه النقطة، فإني أصر على أن للنساء أكثر من حق في البقاء كربات بيوت، وإنني أقدر مهنتنا وأهميتها في الحقل البشري، إلى حد أني أراها كافية لأن تملأ الحياة والقلب". وقالت ماري دي كليرك زوجة رئيس جنوب أفريقيا سابقاً "إن المرأة لم يعد لها أهمية في ظل الحرية الزائفة التي قضت على كيانها وشخصيتها، وجعلتها عرضة للاستغلال البشع من أصحاب العواطف المنحرفة من الرجال، إن المكان الطبيعي للمرأة هو البيت، الذي فيه تكون الأسرة، وترعى فيه الأبناء أجيال المستقبل وأمل الأمة في غدها المنشود". وفي السويد خرجت النساء السويديات في مظاهرة عامة تشمل أنحاء البلاد احتجاجا على إطلاق الحريات الجنسية هناك اشتركت فيها مائة ألف امرأة.
هكذا شهدن من جربن الحرية ومارسنها فالحرية لم تجلب للمرأة سوى الذل والمهانة والقذارة، وليس هناك جريمة أكبر من ربط حرية المرأة الغربية الإباحية، ولك أن تتخيل حجم الكارثة وفظاعة الجريمة المرتكبة ضد المرأة الغربية المسكينة التي أقنعوها أن الحرية هي أن ترتمي في أحضان الرجال وأن تصبح حقلاً للتجارب وهدفاً لكل باحث عن متعة مؤقتة مع قناعتها التامة أن حضارتها قدمت لها كامل حقوقها، لتفقد المسكينة نفسها بعد مرور السنوات دون أن تنعم بأمن واستقرار الأسرة التي ضمنها الإسلام لكل امرأة مسلمة مع الحفاظ على جميع حقوقها الشرعية والقانونية. فمستقبل الغالبية العظمى من نساء الغرب ضبابي ظلامي؛ فإما أن تكون أسيرة دور العجزة أو ضحية للاغتصاب والعنف أو المعاناة من أمراض جنسية مزمنة، وربما ما نشرته منظمة الصحة العالمية من إحصائيات بهذا الخصوص صادم جداً، وستصدم أكثر إذا عرفت أنه في أمريكا وحدها يقتل بالإجهاض أكثر من مليون طفل سنويا! حسب كلام المراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض.
وما يدعو للعجب أن يأتي من يدعي أنه منا ويتكلم لغتنا ويريد أن يجعل من المرأة المسلمة التي هي أمه وأخته أضحوكة ولعبة لكل صاحب هوى ومجون، يريد لها أن تتعرى وتخلع خمارها وكأن الحضارة بالعري والتنقل بين أحضان الرجال! فعلى المرأة المسلمة أن تدرك أن من يدعي الخوف عليها يجب عليها أن تخاف منه لأنه سوف يكون الذئب الذي سينهش لحمها والذي سيجعل منها كمثل مجير أم عامر؛ فالحذر الحذر من إدخال الضباع إلى بيتك. فلا يوجد دين أو تشريع على وجه الأرض حفظ للمرأة كرامتها وأعطاها حقها كاملا غير منقوص إلا الإسلام.
بقلم: عبد الخالق عبدون علي
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع