إن المناظر والآهات وتردي الخدمات يوجد غصة وكمدا في النفس؛ فعدن تعيش في وضع صحي كارثي وهو في الحقيقة لم يكن وليد اللحظة (أزمة كورونا) بل سبقها بعقود حيث إن الأمن الصحي لدى اليمن عموماً لا يرقى لمسمى الصحة، وخير شاهد على ذلك هو حجم المرضى من أهل اليمن الذين يتوجهون للعلاج في الخارج.
وتفاقمت أزمة الأمن الصحي تفاقما أقل ما يوصف بالخطير، وانكشف ذلك الستار خصوصا بعد ما شهدته مدينة عدن من أمطار وسيول أظهرت زيف ادعاء وزارة الصحة أن لديها صحة من أساسه، فلا مستشفيات حكومية بها مقومات أساسية لاستقبال الحالات، ولا مستشفيات خاصة فتحت أبوابها، ولا أطباء موجودون حيث كانوا أول الناس التزاما بالحجر الصحي، ولا محجرا صحيا حيث أصبح الشعار السائد (إذا أردت الموت فعليك بالمحجر الصحي) - وهو يذكرنا بسجون الظالمين (الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود) - لكثرة من مات فيه وخصوصا بعد تسليمه لمنظمة أطباء بلا حدود.
إن ما تعانيه اليمن عامة وعدن خاصة في هذه الأيام أوبئة فتاكة عديدة بدأت بالانتشار بشكل لافت بعد نزول الأمطار التي أغرقت الشوارع وسحقت البيوت المهترئة ولم تجد لها منافذ فتحولت شوارع المدينة إلى مستنقعات آسنة، فمنها حمى الضنك، والتشكنجونيا (المكرفس)، والحميات الفيروسية، وكورونا، فكل مرض من هؤلاء يأخذ نصيبه من أهل عدن دون وجود أي بيان من وزارة الصحة يوضح ما يحدث، ولا عزل صحي جاد ولا أدنى مسؤولية لمن هم في هرم المسؤولية، فهم مشغولون بالمناكفات السياسية وخدمة أسيادهم الكفار والتسول من الدول والمنظمات الغربية لإنقاذ المدينة!
إن مستشفيات عدن تفتقد لأقل المقومات وهي لا تكلف ميزانية البلد شيئا يذكر بل لا تقارن مع ما تنفقه على المعسكرات أو المكافآت التي يسرقها المسؤولون، ولكن هذا ما يريده الغرب الكافر من عبيده الحكام.
إن إعلان الأطباء المتكرر عن نفاد المحاليل الخاصة بفحوصات PCR التي تستخدم لكشف حالات الاشتباه بفيروس كورونا لهو خير شاهد على أن هناك من لا يعبأ بالأمن الصحي في البلد، بل ويعبث به.
لقد جاء الإعلان عن الإغلاق الكامل لمنطقة كريتر في عدن لمدة 3 أيام بعد مرور أكثر من 3 أسابيع من انتشار الوباء فيها وهي مدة كافية لانتشاره في كل بيت مع وجود تحذيرات من الأطباء المختصين بالفيروسات الوبائية عن وجوب إغلاق كريتر، ولكن لم يتم ذلك إلا مؤخرا ولم يقوموا بإزالة القمامة أو الرش الضبابي أو حملات توعوية إلا بشكل يستحي الإنسان من ذكره.
لقد ضج الناس بسبب هذا الوضع الكارثي، ليس فقط سوء الوضع الصحي بل صاحبه انعدام الأمن والخدمات مثل الكهرباء التي باتت تتقطع بين الحين والآخر، وهنا وفي هذه اللحظة نزلت القوات الأمنية للشوارع لوقف الاحتجاجات التي طالبت بإسقاط حكومة هادي والمجلس الانتقالي بشعار (لا انتقالي لا شرعية.. ثورتنا ثورة شعبية).
إن حجم الوفيات في ازدياد وعندما تخطى الطبقة الشعبية فأصبح يستهدف الأطباء والقضاة ومسؤولي الدولة والأكاديميين في الجامعات أعلنت الدولة أن عدن موبوءة، وما هذا الإعلان إلا ليزداد رصيدهم في البنوك وليس لإنقاذ أهل عدن.
ومع هذا الوباء وما يلاقيه الناس من موت إلا أن للكهرباء نصيبها من الأموات، فحالات الموت التي بسبب انطفاء ساعات الكهرباء كثيرة وهي تؤثر خصوصا على مرضى القلب والضغط، وكذا خدمات المياه التي أصبحت مقطوعة عن بعض المناطق أكثر من سنة، وما زالت آثار الأمطار والسيول وما لاحقها من أتربة خفيفة ومتطايرة منتشرة بكل مدينة عدن تجعل من أمراض التنفس والحساسية سبباً رئيسياً لها، فلا تحرك جاد لإنهاء هذه الآثار إلا ما ندر، فنحن لم نسمع من مسؤول عن خطة لإنقاذ عدن أو عن حجم التجهيزات لمجابهة الأوبئة ولا وجود خطة للفحص الشامل بل لا وجود لمحاليل لذلك ولا توفير للدواء الذي ينفد يوميا بشكل جنوني بسبب الطوابير التي على أبواب الصيدليات.
هذا الوضع الكارثي لن يقف في مدينة عدن بل سيطال اليمن بأكملها حيث أعلن مؤخراً أن محافظة لحج القريبة من عدن منطقة موبوءة بالحميات.
وفوق هذا وذاك فإن تحالف الغدر والخيانة يأخذ نصيبه من الكارثة الصحية بعدن حيث وصلت مدرعاته في لحظات المناكفات السياسية واقتتال الإخوة في الدين لتنفيذ مخططات الكفار في السيطرة على جنوب اليمن، بينما لم يصل لعدن جهاز تنفس اصطناعي واحد، ونجد تصريحاً لنائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك بأنه سيمنح السعودية أكبر قاعدة عسكرية في العالم، ولكنه لا يكترث بأن يمنح أهل المدينة وحدة عناية مركزية!
إننا ننبه أهلنا أنه لن يبادر أحد سواء من المسؤولين أو المنظمات الدولية أو الدول الكبرى إلى إنقاذكم، فهم لا يرونكم أصلا بل يرون ما تجلسون عليه وما حباه الله هذه المدينة من خيرات وممرات مائية مهمة فأنتم والله أرخص من موقعكم الجغرافي، فهذه حقيقة يجب أن لا تنسوها.
إن الحل الجذري والوحيد لمثل هذه الكوارث والأزمات والمحن والإحن والموبقات هو نبذ هؤلاء الحكام الخونة الأنذال الذين يرقصون على جراحاتكم ومآسيكم، والعمل الجاد المجد مع العاملين المخلصين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لتنقذ ليس عدن واليمن فقط، بل العالم أجمع من شقاء النظام الرأسمالي فحزب التحرير بينكم ومعكم يدعوكم لهذا الأمر العظيم.
بقلم: المهندس محمد عكين – اليمن
رأيك في الموضوع