بينما يسعى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، حثيثاً للتأكيد على ضرورة مواصلة الجهود في مكافحة (الإرهاب) مكرراً مقولته المملة "حل الأزمة في سوريا هو سياسي فقط!" نسمع صوت سيده في البيت الأبيض "شيبتني الأزمة في سوريا" و"نؤكد على أنه لا يوجد حل للأزمة في سوريا إلا الحل السياسي"! ثم يفأجئ عراب السياسة الغربية هذا العالم كله بتقديم اعتذار رسمي أمريكي للطاغية المجرم ونظامه القاتل لأنه استهدف "بالخطأ" أرتالاً من جيش النظام المجرم أثناء قصفهم للمدنيين في الأراضي المحررة والتي تقع بيد أهل ثورة الشام.
وقاحة ونذالة واستهانة بدماء البشر لم يسبقه ربما في التاريخ كله إليها أحد! فالدماء تُسكب سخية في كل منطقة في سوريا والمدنيون يُستهدفون عنيةً من قبل طائرات التحالف الغربي والتركي والروسي والأسدي ولا نجد شريفاً في العالم الغربي كله يستنكر ذلك أو يقف ليقول كلمة حق واحدة قبل أن تخرس أقلام الصحفيين في كل أنحاء العالم إلا من رحم ربي!
حتى الائتلاف - صنيعة الغرب - لم يعد يحتمل الكذب والتغشية فنطق أخيراً عبر رئيس حكومته المؤقتة يحمّل أمريكا وزر الدماء التي تُسفك في سوريا لأن الصورة لم تعد فقط شديدة الوضوح بل زالت كل الغشاوات عن أعين الناس ولم يبقَ إلا أعمى البصيرة من ينكر أن أمريكا هي فرعون هذا العصر وهي هامان العالم الغربي وهي التي تغذي (الإرهاب) في العالم أجمع وخاصة في عقر دار الإسلام، شام الرسول عليه الصلاة والسلام، بينما يقبع مرتزقتها - حكام المسلمين - في قصورهم متفرجين لاهين عن آلام أمة ثكلى منذ سقطت خلافتها في إسطنبول ومنذ أن استولى الكافر المستعمر على مقدراتها فأصبح يدير شؤونها بيديه الآثمتين ممعناً بقتل أبنائها ونهب خيراتها دون رقيب أو حسيب.
أما أوروبا التي تصارع نفوذ أمريكا في كل مكان إلا في سوريا فقد نطق وزير خارجية إحدى منظومتها وهي فرنسا قائلاً "إن إيران وروسيا قد تصبحان متواطئتين بجرائم حرب في سوريا إذا واصلتا إطالة أمد الحرب في سوريا". ووصفهما بأنهما داعمان لبشار الأسد! وقال الوزير في بيان مكتوب "وإلا فسوف تصبح روسيا وإيران شريكتين في جرائم الحرب التي ترتكب في حلب"، في إشارة إلى القصف الذي تتعرض له حلب والذي أودى بحياة عشرات الأشخاص. فما هذا التصريح وأمثاله من دول الاتحاد الأوروبي إلا ذر للرماد في العيون لحفظ قطرات من ماء الوجه الأوروبي القبيح الذي لم تعد تفيد كل الأكاذيب الدبلوماسية لإخفاء قبحه ومشاركته في جرائم النظام السوري. وفي السياق نفسه نفهم أكاذيب أمريكا على لسان سفيرتها هذه المرة في الأمم المتحدة، سامنثا باور، حين قالت "إن أفعال روسيا في سوريا أفعال وحشية وليست محاربة للإرهاب"، مشيرة إلى أن روسيا تسيء استخدام الفيتو من خلال قصف سوريا ولا سيما حلب. في حين قدم المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا تقريراً حول التطورات في سوريا، وذلك خلال الجلسة - الهزلية - التي عقدت بطلب من أمريكا وبريطانيا وفرنسا لبحث القتال والحصار على الأحياء الشرقية لمدينة حلب يوم الأحد 25/9/2016. من جانبه، قال الأفاك سفير روسيا في الأمم المتحدة "نطالب بفصل المعارضة المعتدلة عن الجماعات الإرهابية في سوريا"، مشيراً إلى أن واشنطن لم تلتزم بتعهداتها في اتفاق وقف النار. وكشف تقرير دي ميستورا عن طيبة قلب لا متناهية!! حيث تحدث عن توقف محطتين أساسيتين للمياه في حلب، ما اضطر سكان المدينة لشرب المياه من آبار ملوثة، وذكر أنه من غير الممكن أن يكون 270 ألف محاصر في الأحياء الشرقية من حلب من الإرهابيين (وطبعاً يقصد هنا الثوار لا قوات النظام الإجرامية)، مطالباً بإجلاء المصابين منهم.
وبما أن النظام في ورطة لا يُحسد عليها وليس لديه سلاح فعال ضد أهل الشام إلا المال الملوث والهدن، فقد دعا المبعوث الأممي - الذي أصبح ممثلاً لبشار ونظامه - إلى هدنة لوقف النار لمدة 48 ساعة من شأنها إيصال المساعدات إلى حلب الشرقية، عازماً في الوقت نفسه على عدم سماحه بدفن اتفاق وقف النار في سوريا تحت الأنقاض.
ولا يكتمل مسلسل الخبث هذا إلا إن توجت عدوة الإسلام والمسلمين هادمة دولة خلافتهم هذه الجلسة بقول سفيرها - سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة ماثيو ريكروفت - بالقول "إن محاولات الولايات المتحدة وروسيا لإحلال السلام في سوريا تقترب كثيرا جدا من نهايتها، وعلى مجلس الأمن أن يكون مستعدا للوفاء بمسؤولياته"، مشيراً إلى أن روسيا شريك مع الحكومة السورية في تنفيذ جرائم حرب. قاتلهم الله جميعاً أنى يؤفكون!
لكن أهل الشام الصابرين الصادقين أدركوا أن لا خلاص لهم من تسلط أمريكا وأذنابها في الغرب والشرق إلا من خلال خلع عروش حكامهم مهما كان الثمن باهظاً موقنين بنصر مؤزر من عند الله تعالى وعدهم به سبحانه بقوله: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. والأمة الإسلامية تعلم أن واجبها هو العمل للتغيير. أما التغيير بحد ذاته ومتى حدوثه فهو في علم الله تعالى وحده، وهو ليس في وسعها، لذا فإن عزيمتنا لا تقهر وإن ثباتنا قد هزّ عروش أمريكا وأوروبا وروسيا وأذنابهم، وهذا بحد ذاته يحمل تباشير النصر وقربه، كالغيث يبدأ بقطرات ثم ينهمر برداً وسلاماً على المؤمنين الصادقين الثابتين، يقول عز وجل: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
رأيك في الموضوع