نبدأ هذه الأحداث السياسية بالحديث عن كيان يهود وما يجري فيه، حيث يستمر الصراع السياسي الحاد داخله، فيكاد يصل إلى حالة تكسير العظام بين الحكومة والمعارضة على نحو غير مسبوق، ولا يرى نتنياهو مانعا من استخدام كافة الأساليب ولو كانت ملتوية في سبيل تمرير إصلاحاته القضائية، ولو بلغت حالةً من العصيان المدني، أو هروب الرساميل إلى الخارج، وخسارة علاقات كيانه الخارجية مع أمريكا، وتخفيض مستوى التطبيع مع الدول العربية، معتمداً في ذلك كله على دعم أسياده في الحزب الجمهوري الأمريكي.
لكنّ الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن يرسل له رسالة شديدة اللهجة يطلب منه إيقاف التعديلات في جهاز القضاء على الفور، وعدم تقويض ديمقراطية الدولة، والتنازل عن مواقفه المتصلبة والقبول بحلول وسط مع معارضيه، ويحذره فيها من مغبة إلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية، وبالديمقراطية داخل كيان يهود.
ويضطر نتنياهو بعد هذه الرسالة شديدة اللهجة إلى الخضوع لبايدن، ويعلن صاغراً عن تعليق العمل بالتعديلات القضائية، بعد أن كان يتبجح بأنّ تلك التعديلات شأن داخلي، ولا يسمح لأي دولة بالتدخل فيها، وبعد أن كان وزيره بن غفير قد قال بأنّ دولته ليست نجمة تضاف إلى نجوم علم الولايات المتحدة.
وأظهرت الإدارة الأمريكية أيضاً غضبها من نتنياهو من خلال رسالة أخرى قدمتها مجموعة من أعضاء في الحزب الديمقراطي إلى الرئيس بايدن يطالبونه فيها بعدم دعم نتنياهو الذي بحسب وصفهم ينتقص من الديمقراطية، ويستخدم أموال دافعي الضرائب الأمريكية في بناء مستوطنات غير شرعية، وخلق حالة من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.
كما أظهرت الإدارة الأمريكية تذمرها من حكومة نتنياهو من خلال مقالة كتبها توماس فريدمان وصف فيه نتنياهو بالزعيم غير العقلاني.
وقبل ذلك كانت أمريكا قد وجّهت صفعة إلى نتنياهو من خلال إبرام المصالحة بين السعودية وإيران، وهو ما يعني ابتعاد السعودية عن كيان يهود والتقرب من إيران، وضرب فكرة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين دولة يهود والسعودية.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بين بايدن ونتنياهو دخلت بريطانيا على الخط، واستقبلت وزير خارجية يهود في لندن، ووقّعت على اتفاقية شراكة بين الدولتين لزيادة تعكير العلاقة بين أمريكا وكيان يهود.
والآن دعونا ننتقل للحديث عن دولتين محسوبتين على فرنسا وما يجري فيهما، وهما تونس ولبنان، فكلتاهما على شفا السقوط الاقتصادي، فأمّا تونس فوصف المسؤول الأوروبي جوزيف بوريل الوضع فيها بأنّه يسير نحو الانهيار، فيما يستمر الرئيس التونسي بأخذ البلد نحو الحكم الفردي المطلق، بينما تسعى بريطانيا لتقويض حكمه، حيث أعدّت وزارة خارجيتها مذكرة تطالب فيها بفرض عقوبات على قيس سعيّد وبعض وزرائه.
وأمّا لبنان فيسير نحو الخراب، فقد فقدت الليرة اللبنانية 98% من قيمتها وأصبح الدولار يساوي 140 ألف ليرة، وأخفقت اجتماعات باريس في حل معضلة انتخاب رئيس للدولة، والظاهر أنّ السعودية ومن ورائها أمريكا ترفض التعاون مع فرنسا لحل المشكلة، وليبقى لبنان يتخبط ويتهاوى.
ولو انتقلنا إلى أقصى دول المغرب لوجدنا أنّ الصراع الجزائري المغربي قد بلغ أقصى مدىً له، حيث صرّح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأنّ العلاقات مع المغرب قد بلغت نقطة اللاعودة بسبب الصحراء الغربية، مع أنّ هذه المشكلة هي مشكلة تافهة استهلكت البلدين لأكثر من نصف قرن، ولم تجد لها حلاً، والحقيقة أنّ هذا الصراع المغربي الجزائري المُزمن مُتعمّد، ويخدم مصالح استعمارية إنجليزية واضحة هدفها عدم توحيد القوتين الكبيرتين في المغرب، وعدم تمكين الشعبين من التغيير لاستمرار التحكم بلجامهما، وكذلك عدم تمكين المستعمر الأمريكي من النفاذ إليهما.
وننتهي أخيراً في هذا الحديث عن أحدث المستجدات في المنطقة إلى اليمن والصراع المحتدم فيه بين القوى المتقاتلة، والتي تحركها أمريكا وبريطانيا، ويدل على ذلك اجتماع اللجنة الرباعية لحل الصراع في اليمن والمؤلفة من قوتين دوليتين وهما أمريكا وبريطانيا وقوتين محليتين تابعتين لهما وهما السعودية والإمارات.
هذه هي أبرز الأحداث المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط، أو لنقل هذه هي أهم الأحداث في هذه الفترة بالذات.
رأيك في الموضوع