تتوالى جرائم النظام التركي المتآمر بحق أهل الشام، فلم يكتفِ هذا النظام العلماني بالعمل لوأد ثورة الشام وتثبيت نظام الإجرام، ودعوته للتصالح المخزي مع سافك الدماء وقاتل النساء والأطفال والشيوخ، هاتك الأعراض ومنتهك الحرمات، وإنما راح يمعن في إكمال دور نظام سفاح الشام، عبر سفك دماء أهلنا وقنصهم على الحدود المقيتة التي خطها الكافر المستعمر بيديه ليفرق بين أبناء الأمة الواحدة، بعدما هدم دولة الإسلام ومزق بلاد المسلمين، وكأنه لا يكفينا صواريخ نظام الكيماوي وحممه وقذائفه.
فقد قامت جندرما أردوغان، يوم الاثنين 13/3/2023م، بقنص الرجل المسن مصطفى فيزو أبو بسام، من خربة الجوز بدم بارد، أثناء حراثته لحقله، وذلك بعد أيام من قتلها لشاب سوري بعد حفلة تعذيب وحشية له ولمجموعة من رفاقه الذين هربوا من إجرام الطاغية بشار، وراحوا ينشدون رزق الله في بلاد الله، بعد أن سلّط النظام التركي علينا قادةَ فصائلَ مرتبطين بمخابراته، لا يعصون لهم أمرا، وحكومات ضرائب ومكوس وظيفية أرهقت كاهل العباد وحاربتهم في قوت يومهم ورغيف خبزهم لكسر إرادتهم وإخضاعهم لما يُملى عليهم من حلول استسلامية يريد النظام التركي، ومن ورائه أمريكا، فرضها على شعب ضحى بأكثر من مليون شهيد.
مكر يراد منه سوقنا لمقصلة الجزار عبر بوابة الحل السياسي الأمريكي والقرار الأممي 2254، وما تنسيق النظام التركي ولقاءاته المتكررة مع حكام روسيا وإيران ونظام أسد إلا تكملة للدور الموكل إليه أمريكياً، بعدما لبس زوراً ثوب "أصدقاء الشعب السوري"، وتاجر بشعار "المهاجرين والأنصار" والشعب السوري منه ومن مكره وإجرامه براء.
كما تعتبر هذه الجريمة النكراء استكمالاً لسلسلة جرائم مماثلة على الحدود راح ضحيتها مئات الأبرياء نتيجة السياسة العنصرية البغيضة التي ينتهجها نظام تركيا أردوغان بحق أهل الشام. فهي ليست أخطاء فردية كما يروج ويرقّع البعض تبرئةً لأردوغان، بل هي نتيجة طبيعية للتفكير الوطني المقيت والحدود الاستعمارية التي تفرقنا بعدما كنا دولة واحدة يقاتل فيها المسلمون أعداءهم كتفاً إلى كتف فامتزجت فيها دماؤهم نصرة للإسلام. سياسة لن يوقفها إلا إزالة الحدود التي خطّها الكافر المستعمر بيديه، لن يوقفها إلا إسقاط أنظمة الجور وإقامة حكم الإسلام.
أما ردود أفعال من يزعمون نفاقاً تمثيل الثورة من هيئات سياسية ومجالس تزعم أنها إسلامية وقادة يصفون النظام التركي بالحليف رغم كل إجرامه، فقد كانت ردود أفعالهم صمت القبور، أما من نطق منهم فلا نطق، خزي ومداهنة واستجداء وتذلل ومهانة، بل وجلد للضحية ومحاولة تبرئة صفيقة للنظام التركي، عبر تقزيم القضية وتصويرها على أنها تصرف فردي لا جريمة نظام مكتملة الأركان! وكأنها ليست سياسة ممنهجة قذرة منذ أعوام لنظام يقدس أمنه القومي وحدوده العنصرية ويجعل نجاحه في الانتخابات أولوية ولو على حساب دماء أبناء أمة الإسلام وأهل الشام.
فيما خرج أوكتاي يلماز، أحد أزلام النظام التركي بصفة محلل سياسي، على إحدى القنوات الإخبارية ليؤكد بشكل صفيق التوجه العنصري لنظامه العلماني واستخفافه بدماء المسلمين، تحت ذريعة تقديس الحدود، مكرراً عبارة القذافي الهالك: "من أنتم؟"!
إن من قتل البطل مولود ألطنطاش رحمه الله الذي انتصر لحلب لن تهمه نصرة الشام ولا دماء أهل الشام ولا تضحياتهم؛ حلب التي تآمر أردوغان لإسقاطها بالتنسيق مع صديقه الروسي، وباعتراف بوتين نفسه، فما يهمه هو رضا أسياده ونجاح انتخاباته، دون أن يقيم للدماء والأشلاء وزناً.
لقد سقط النظام التركي كقيادة سياسية أوردت ثورتنا المهالك، وسقط معه أزلامه من القادة والحكومات الذين يعتبرونه حليفاً استراتيجياً، وسقطت معهم جوقة المطبلين له والمرقعين لمكره وتآمره وإجرامه. وسقط صنم الوطنية الذي لا زال البعض يتغنى به، رغم أن سواد الأمة الأعظم بات يمقته ويتطلع للعزة والمنعة عبر رابطة الدين والعقيدة.
وآن لأهل الشام أن يتحركوا تحركاً جاداً لإنهاء كل آلامهم ومآسيهم، بأن ينفضّوا عن كل متآمر وجبان ومرتبط، وأن ينفضوا أيديهم من قادة وفصائل وحكومات رهنت قرارها لمخابرات الدول، وأن يتحركوا تحركاً واعياً وهادفاً ومنتجاً، فيتخذوا لهم قيادة سياسية واعية ومخلصة، تحمل همهم وتسعى معهم لتحقيق أهداف ثورتهم. قيادة تحمل مشروع خلاص من صميم عقيدة الأمة، ترسم لنا خارطة طريق مفصلة لإسقاط النظام المجرم في عقر داره وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه في ظل نظام الخلافة الذي أمرنا رسول الله ﷺ بإقامته. وهذا يتطلب عملاً جماعياً منظماً لصادقي الأمة، يتوّجون به تضحياتهم ويحققون أهداف ثورتهم.
وختاماً، رسالة إلى أهلنا المسلمين في تركيا: على عكس نظامكم، أنتم منا ونحن منكم، فمتى تأخذون على أيدي نظامكم الذي يتآمر على ثورتنا ويستبيح دماء أهلنا؟ أيرضيكم ما يفعله هذا النظام؟! ألسنا أهلكم وإخوانكم في الدين والعقيدة؟! أليس ديننا واحداً وعدونا واحداً وكتابنا واحداً ومشروعنا واحداً؟! ألم تكن دولتنا يوماً واحدة والأصل أن تعود كذلك؟! اتقوا الله فيما ائتمنكم عليه من نصرة للإسلام ومشروع المسلمين، لنحيا من جديد تحت حكم الإسلام وعدل دولة الإسلام بعيداً عن علمانية مجرمة تقصي الدين عن الحياة والدولة والمجتمع. فالله الله في دينكم وعرضكم ودماء إخوانكم.
أما أهلنا في الشام فقد آن أوان أن يستعيدوا قرارهم من القيادة السياسية التركية وممن ارتبط بها وتسلط على قرار ثورة الشام، ليصححوا مسارهم ويتخذوا قيادة من إخوانهم الصادقين ليحققوا هدفهم في إسقاط نظام الإجرام وإقامة نظام الخلافة على أنقاضه بإذن الله. وما ذلك على الله بعزيز.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
رأيك في الموضوع