عاشت السعودية وخاصة المنطقة الشرقية يوم الجمعة حالة من الصدمة والخوف والتحسب، عندما قام شاب في العشرين من عمره "بحسب الداخلية السعودية" بتفجير نفسه في مسجد الإمام علي في منطقة القطيف، وهو مسجد يرتاده الشيعة عادة للصلاة فيه، وقد أسفر هذا التفجير عن قتل ما يزيد عن عشرين مصليا وإصابة أكثر من مائة آخرين، وقد تبنى تنظيم الدولة هذا التفجير، وسارع الجميع إلى توجيه أصابع الاتهام إلى إيران وأنها وراء هذا التفجير في مسجد الشيعة لإثارة الفتنة الطائفية وإدخال البلاد في دوامة العنف والتفجيرات، وجماعات شيعية حملت التحريض السعودي المسؤولية عما حدث وأن سياسات السعودية الداخلية والخارجية هي التي تولد العنف والإرهاب على حد قولهم.
وقبل أن نتناول الموضوع ونلم به من عدة جوانب علينا أن نعطي لمحة عن المنطقة التي حدث فيها التفجير وطبيعة الصراع السعودي الداخلي.
المنطقة الشرقية هي أكبر مناطق السعودية مساحة حسب مسح عام 2010م، وأكثر منطقة يوجد بها النفط في العالم، تقع في شرق البلاد على ساحل الخليج العربي. ويبلغ عدد سكانها حوالي 4 مليون نسمة، ويقال أن نسبة السنة 60%، ونسبة الشيعة 40%.
حافظ آل سعود على هذه المنطقة واعتبروها منطقة استراتيجية نتيجة موقعها المهم المطل على الخليج وثروتها الكبيرة، وقد وعى الغرب الكافر وخاصة أمريكا منذ فترة طويلة علي أهمية هذه المنطقة وثروتها فقاموا بتأسيس شركة أمريكية "أرامكو" هي الأقوى عالميا في إنتاج النفط وسيطروا عليها منذ 1945 والأمريكان يجنون النفط ويسرقون خيرات الأمة وعلى سمع وبصر الحكام الخونة، أما بالنسبة للشيعة فإن موقعهم الاستراتيجي على الخليج وقربهم من البحرين التي بها شيعة أيضا وعلى الضفة الأخرى من الخليج تقع إيران جعل هذه المنطقة قابلة دائما لكي تكون منطقة قلاقل وعدم استقرار غير حقيقي، حيث عمد آل سعود على انتهاج نهج التخويف من الشيعة وأطماع إيران في المنطقة، ليحافظوا على ملكهم المتداعي، لذلك تمارس الحكومة على الشيعة نوعا من العنصرية وتجعلهم دائما يشعرون بعدم الاستقرار، ويعزف علماؤهم على هذا الوتر بدوام تحذير الناس من الشيعة و"عقائدهم الفاسدة"، وقد فُهّم الناس أن آل سعود خير من حافظ على عقيدة التوحيد في هذه البلاد وأنهم السد المنيع أمام العقائد الفاسدة.
وقد حدثت عدة حوادث ومظاهرات واحتجاجات من أهل القطيف وكانت تقمع من الدولة وتضرب بيد من حديد، لأن الأمر في المنطقة لا يتحمل القلاقل ولا الهزات، وقد حدث قبل أقل من سنة حادثة مماثلة حيث قامت مجموعة من الأشخاص بالاعتداء على عرس بالقطيف (الإحساء) وراح ضحيتة مجموعة من المسلمين الآمنين، وقد اتهمت القاعدة بذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك مخطط معين لتقسيم السعودية؟ أم أن هناك كلاما عن وجود من يزج السعودية في الربيع العربي؟
يوم الأحد السادس من شعبان تكلم المتحدث الرسمي عن الداخلية السعودية اللواء تركي عن أن هناك مخططاً لتقسيم السعودية، وأن هناك خلايا أخرى في البلاد تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار، مع أن المتهم في عملية التفجير هذه والعمليات الأخرى في أنحاء البلاد وخاصة في الرياض خلال الشهرين الماضيين هم تنظيم الدولة والقاعدة، إلا أن أحداث اليمن، والدور الذي تلعبه السعودية في اليمن خيم على الأجواء والتصريحات، وربط ما يحدث في اليمن بحادثة التفجير، فبزعم الداخلية السعودية بأن فشل الحوثيين في اليمن أدى بهم لمحاولة نقل المعركة إلى السعودية، وهذا أمر مستبعد.
ولكن حقيقة ما يحدث من أن التأليب الداخلي على الحوثيين وبأنهم شيعة وأصحاب عقيدة فاسدة تخرجهم من الملة حسب كلام العلماء في بلاد الحرمين، أدى هذا الأمر إلى إثارة فتنة طائفية عند الناس خفية وتظهر أحيانا، وقد استغلتها بعض الجماعات التي ترى في حكم آل سعود عدم الحكم بما أنزل الله، لتبدأ بإثارة القلاقل في منطقة الشيعة والتي سوف تثير الغضب عند الناس ولكن ليس بدرجة كبيرة لأن الناس ترى كما أسلفنا في الشيعة، أنهم الروافض ومنهم من كفرهم.
وربما يكون هذا نواة إلى ثورة عارمة على حكم آل سعود العملاء والذين بان عوارهم.
لقد أفنى النظام السعودي عمره في التآمر على المسلمين وإثارة الفتن فيما بينهم، وأنفق الأموال وأنشأ الفضائيات ووظف المشايخ، لبثّ الفتنة الطائفية بين المسلمين شيعة وسنة ليل نهار، وها هو يكتوي بنار الفتنة التي أشعلها فيحصد شوك ما زرعت يداه في أراضيه..
إن هذه الفتنة بين أبناء المسلمين جريمة منكرة يجب على كل مسلم العمل على إيقافها والوقوف في وجهها والعمل الدؤوب لتوحيد المسلمين جميعا في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة؛ فهي وحدها التي أظلت المسلمين وحمتهم قرونا وهي وحدها الكفيلة بأن تظلهم وتحميهم جميعا من جديد..
رأيك في الموضوع