يحل علينا شهر رمضان هذا العام والمسلمون كما في كل عام يستبشرون بنصر من الله سبحانه وتعالى، كيف لا وهم قد قرأوا التاريخ الإسلامي وعرفوا أن أعظم الغزوات والمعارك والفتوحات حصلت في هذا الشهر العظيم تاج الشهور، فيه انطلقت الأمة إلى العالمية حتى وصلت إلى قلب أوروبا، وفيه أذاقت يهود مرارة الهزيمة في حرب تشرين الأول عام 1973 يوم حطم المسلمون خط بارليف الممتد على طول الساحل الشرقي لقناة السويس بعد ست سنوات فقط من إنشائه والذي أشاعوا استحالة تدميره إلا بقنبلة ذرية، فدحضوا مقولة إن جيش يهود لا يقهر!
يحل علينا هذا الشهر الكريم والمصائب والنكبات تتوالى وبوتيرة متزايدة وبأشكال ووسائل متجددة ومتعددة على الأمة الإسلامية، فدماء المسلمين تنزف بغزارة في سوريا والعراق واليمن وليبيا وكشمير وبورما والهند والأرض المباركة فلسطين المحتلة التي اجتمع فيها شذاذ الآفاق يهود بتآمر من الغرب ومباركة من حكام المسلمين الذين بدل أن يحرروها عقدوا اتفاقيات التطبيع مع المحتل الغاصب وتبادلوا الزيارات معه واستقبلوا قادته بكل حفاوة.
ولأن الغرب ويهود يدركون تمام الإدراك أن الخلافة على منهاج النبوة قائمة غدا أو بعد غد، وأن حكمهم زائل لا محالة وأن هذه الدولة ستعمل على طردهم والقضاء على كيان يهود فإنهم وبكل السبل يحاولون تأخير هذا اليوم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فلم يكتفوا بتطبيع بعض حكام المسلمين ومن ضمنهم حكام الخليج مع يهود بل جعلوهم يسمحون بإدخالهم إلى تلك البلاد الطاهرة التي سجنوا من فيها من العلماء المخلصين ليفسح لهم المجال بنشر المنكرات والفواحش وحذف آيات من القرآن الكريم من المناهج، كما أفسحوا الطريق للجمعيات النسوية لتفتيت الأسر المسلمة باتفاقية سيداو اللعينة، وغيرها الكثير.
والأمة الإسلامية فيها غيارى لا يسكتون على منكر وتحركهم مشاعر النخوة والدفاع عن البلاد والأعراض فإنهم حين أدركوا أن الدول الغربية التي تتصارع على أساس قومي قد تفككت وتضعضع مكانها في الموقف الدولي وأن جيوشهم لا يمكن أن تصمد أمام عزم وقوة المسلمين كما حصل مع الجيش الأمريكي حين انسحب من أفغانستان، وكما حصل مع كيان يهود الهش الذي لم يستطع الصمود أمام ضربات الفصائل الفلسطينية المسلحة في عدوانه على قطاع غزة العام الفائت، حين لم يقتصر الرد من الضفة الغربية وغزة بل ساهم الأهل في الأراضي المحتلة عام 48، وحين زحفت جموع من المسلمين في البلاد الإسلامية إلى الحدود مطالبة بفتحها أمام المجاهدين.
ولما أدرك الغرب ويهود أن ملامح الوعي بدأت تظهر على الأمة الإسلامية، بدأت أمريكا تحرك عملاءها بعقد الاجتماعات المتواصلة مثل اجتماع شرم الشيخ بين حاكم مصر السيسي وعميل بريطانيا في الإمارات محمد بن زايد ورئيس وزراء كيان يهود، وبعدها توافد وزراء خارجية الدول العميلة؛ الإمارات والبحرين والمغرب ومصر، لحضور قمة النقب مع وزيري خارجية يهود وأمريكا، وسط غياب وزيري خارجية الأردن والسلطة الفلسطينية، ثم تقرر تحويل اللقاء إلى منتدى دائم، يعكس بلورة هيئة أمنية إقليمية لمواجهات التحديات.
لكن أهل فلسطين رفضوا كل تلك التحركات الخيانية فقام شبان بمهاجمة يهود في بئر السبع والخضيرة وحول تل أبيب في هجمات أفقدت يهود شعورهم بالأمن، كل ذلك جعل رئيس جهاز الأمن العام في كيان يهود (الشاباك) رونين بار، يحذر من احتمال اشتعال الوضع الأمني خلال شهر رمضان، فسارع وزير خارجيتها يائير لبيد للقاء الملك عبد الله لاستدراك الوضع خاصة مع تزامن أعياد اليهود هذا العام ومنها عيد الفصح الذي تشتد فيه الاقتحامات للمسجد الأقصى، وزار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن كيان يهود وأراضي السلطة الفلسطينية ثم تتالت الزيارات فالتقى ملك الأردن برئيس السلطة الفلسطينية وعلى أثرها قام وزير دفاع يهود بزيارة عمّان للغرض ذاته، ثم في اليوم التالي رئيس كيان يهود أيضاً، وأما أردوغان الذي قدم التعازي وتمنى الشفاء للجرحى وأدان الهجمات ووصفها بالإرهابية، فقد ناشد الرئيس هرتسوغ بأن لا يمنع الفلسطينيين في رمضان من الدخول إلى الأقصى متمنيا مرور هذا الشهر الفضيل وعيد الفصح بسلام مهنئاً يهود في عيدهم.
ومن كان يظن أن كل تلك التحركات بسبب خوفهم على عبادة المسلمين في الأقصى ورباطهم، فهو جاهل أو متجاهل أن قصدهم حراسة الكيان الغاصب والحفاظ على أمنه، وخوفا على عروشهم الواهنة.
وأمام هذا الواقع الجديد حشد كيان يهود جيوشه ليهاجم مخيم جنين، في غياب مقصود لأجهزة أمن محمود عباس، فقتل اثنين وأصاب ثلاثة بجراح خطيرة، ثم قام متطرف يهودي باقتحام المسجد الأقصى، وهكذا أخذت الأوضاع في فلسطين بالغليان حتى قبل بدء شهر رمضان المبارك.
هذا وقد أُعلن عن "تحالف دفاعي إقليمي غير مسبوق يتطور ويتشكل بين الجيش (الإسرائيلي) والجيوش العربية (المعتدلة) في الشرق الأوسط" بقيادة سلاح الجو في كيان يهود وقائد سلاح الجو المنتهية ولايته عميقام نوركين وبدفع من المستوى السياسي.
أيها المسلمون: أنتم شهود الله في الأرض فلا يجوز لكم السكوت على من ظلمكم ومن يوالونهم الغارقين في سكرتهم يحسبون أنهم باقون في هذه الدنيا سنوات مديدة، وستُسألون عن ذلك يوم القيامة، فانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.
يا أهل القوة والمنعة: هنا تقع على عاتقكم مهمة نصرة دين الله وأمة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام بإسقاط تلك الأنظمة العميلة، فاستغلوا هذا الشهر العظيم وضعوا أيديكم بأيدي حزب التحرير وأعطوه النصرة لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ولتحرير البلاد من العملاء وتحرير فلسطين والأقصى من رجس من دنسوه وانتهكوا حرمته.
رأيك في الموضوع