من المخطط أن تجري الانتخابات البرلمانية في قرغيزستان في 4 تشرين الأول/أكتوبر من العام الحالي. وقد تم تسجيل 15 حزبا كمرشحين. وبدأ عمل الدعاية ابتداء من 4 أيلول/سبتمبر. ويمكن تقسيم الأحزاب المسجلة بشكل أساسي إلى مجموعتين: الأولى أحزاب موالية لأمريكا، والثانية أحزاب موالية لروسيا.
طليعة الأحزاب الموالية لأمريكا هو حزب آتا مكين (الوطن) الاشتراكي الذي أُسِّسَ عام 1992. ومع ذلك فإن زعيمه عموربيك تيكباييف مضطر للخضوع للضغوط الروسية، ومع حدوث الوضع المناسب يُظهِر معارضته لروسيا ولذلك سُجن بأمر روسي في عهد الرئيس السابق أتامباييف.
ويليه حزب "بير بول" الذي أعلن معارضته للحكومة، وزعيمه ألتينبيك سليمانوف. والسياسي الموالي لأمريكا ألممبيت شيكماماتوف الذي ترك حزب أتا مكين انضم إلى حزب بير بول. إن شيكماماتوف وسليمانوف معروفان بعرقلتهما سعي روسيا لتعدين اليورانيوم في قرغيزستان خلال فترتهما البرلمانية السابقة، ويتزعم شيكماماتوف الحزب في هذه الانتخابات الحالية.
حزب "ريفورما" الذي شُكل حديثاً، وأعضاؤه الأساسيون من مؤيدي المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان.
حزب "كازات" الذي نجح في محاربة الفساد بقدر معين لتكوين الناخبين من خلال التنسيق مع السلطة. في الواقع فإن التزامه تجاه أمريكا هو إثارة الشعب ضد السلطة الموالية لروسيا بمجرد ظهور الفرصة.
أما الأحزاب الموالية لروسيا فيقودها حزب المتسلط "بريمديك"؛ وهو حزب الرئيس سارنباي جينبيكوف ومن حوله، ومع ذلك يوجد بينهم بعض السياسيين الموالين لأمريكا.
حزب "ميكينيم قرغيزستان"؛ هذا الحزب ينتمي إلى رايم ماترايموف، الذي تلقب في إطار خط أتامباييف بـ"ريم مليون" في "مكافحة الفساد" ويتم تصويره في وسائل الإعلام الأمريكية كرمز للفساد. ومع ذلك لم يستهدف لمكافحة الإرهاب من الرئيس جينبيكوف، بل على العكس، فكلاهما يدعمان بعضهما بعضا.
حزب "قرغيزستان"؛ وفي انقسام البلاد بين شمال وجنوب في الصراع على السلطة، يُعَدّ حزب "قرغيزستان" مشرفا في الصوت الشمالي للسلطة الحالية.
إن حزب "بوتون قرغيزستان" (قرغيزستان الموحدة) يمكن إدراجه في قائمة الأحزاب الموالية لروسيا. لأنه تجمّع فيه السياسيون الذين يقولون "إن مخالفة روسيا غير ممكنة"، ولكن هذا الحزب أُبعد عن الانتخابات. يجب أن نفسر هذا كصراع بين الأحزاب الموالية لروسيا، لأنه لا يوجد في "بوتون قرغيزستان" (قرغيزستان الموحدة) إلا الذين استقالوا من الخدمات الحكومية والذين لا يوافقون على الحكومة.
حزب "نور الإيمان"، يمكن إضافته إلى الأحزاب الموالية للحكومة. رغم أنه يحضر في إطار المشروع الأمريكي "الإسلام المعتدل" ولكن إذا بقي الوضع على ما هو عليه فلا يمكن أن يذهب بعيدا من منفعة الحكومة. إن زعيم هذا الحزب نورجيكيت كاديربكوف كان رئيسا لمؤسسة "إيمان" خلال رئاسة أتامباييف وأصبح نائب وزير الثقافة خلال رئاسة جينبيكوف، وهو من مؤيدي المفهوم الديمقراطي المسمّى "حوار الأديان"، وهذا الحزب يسعى لكسب الأصوات في الانتخابات عبر دغدغة المشاعر الإسلامية لدى المسلمين، ومع ذلك فإن المسلمين لا يعتبرونه ممثلهم لعلمهم أنه لا صلة له بالإسلام، ولكن بهذه الطريقة يتم الترويج للمشروع الفاسد "الإسلام المعتدل".
هذه هي الأحزاب الرئيسية التي ستخوض الانتخابات البرلمانية في قرغيزستان، وبقية الأحزاب يمكن تسميتها بـالصغيرة.
الآن دعونا نلقي نظرة على بعض أنشطة وتدابير هذه الأحزاب:
قال تيكباييف في 13 آب/أغسطس: ما أسعدنا المخالفة فقط، بل الأحزاب الحاكمة أيضاً لم تتمكّن من أن تتّحد، هناك نقاش غير مسالم وصراع لا هوادة فيه. هناك صراع على السلطة والنظام والتدفق.
وأضاف تيكباييف في مؤتمر حزب آتا مكين في 17 آب/أغسطس: "شهدت قرغيزستان قوةَ الشارع (الثورة) عدة مرات كما شهدت أوكرانيا قوة الشارع. يشعر لوكاشينكو أيضاً بقوة الشارع اليوم. إذا لم تستمع الحكومة للشعب والمعارضة الأقلية فإن حزب آتا مكين مستعد للنزول إلى الشوارع وقيادة الشعب".
حصل حزب "ريفورما" على دعم مؤيدي أحزاب موالية لأمريكا في معارضته لتسجيل حزب قرغيزستان. كما دعا أنصاره للنزول إلى الشوارع احتجاجاً على إزالة حزب بوتون قرغيزستان. لقد كشف حزب "ريفورما" بهذا زيفَ وعد الحكومة بإجراء "انتخابات نزيهة"، وهكذا ساهم في ازدياد عدم ثقة الشعب في الوعد الفارغ.
قال السياسي الموالي لأمريكا المسجون رافشان جينبيكوف في تصريح له: "لقد أظهرت الأبحاث الاجتماعية أن الجمهور لا يثق في الحكومة. وقد ظهر إلى الوجود ناخبون على المزاج الاحتجاجي القوي. في مثل هذه الحالة ستأتي الأحزاب المخالفة والمستقلة حتما". وأضاف: "إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب سيؤدي إلى السخط الشعبي ووجود ناخبين على المزاج الاحتجاجي والاضطراب كما في بيلاروسيا إذا لزم الأمر".
بعد أن أزالت لجنة الانتخابات المركزية حزب "بوتون قرغيزستان" من الساحة قال أداخان مادوماروف: "أنا الآن لست بشخصٍ يدعو إلى السلام والوئام. دع الشعب يختار حقوقه ويدافع عنها. بغض النظر عن الطريقة التي يختارها الشعب سأكون معه".
التصريحات أعلاه تظهر أن المعارضة، سواء أكانت موالية لأمريكا أم موالية لروسيا، تتحد في فكرة إثارة الشعب ضد الحكومة.
وردا على ذلك قال الرئيس جينبيكوف: هناك قوى تحاول من الآن إقناع الناس بأن الانتخابات ستكون خاطئة ولإعداد الناس للنزول إلى الشوارع، نحن نرى كل شيء. يجب أن أقول بصراحة إن هناك من يريد زعزعة الوضع حسب العادة القديمة باستغلال حالة ﺍﻻﺳﺘـــﻀﻌﺎﻑ، وإذا لم يقدر يقوم بتعكير صفو الأمن. لقد قلت صراحة أمس في مجلس الأمن إنه سيتم اتخاذ إجراءات احترازية ضد هؤلاء الأشخاص. تم اتخاذ القرار وكُتِبَ فيه بوضوح. وأنا أيضا أصررت فيه. إن الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية يمكن أن يفهموا هذا تنبيها مقدما.
قال الرئيس جينبيكوف قوله هذا استنادا على دعم روسيا؛ لأن الشعب لا يثق بالحكومة ولا يدعمها. وإن السياسيين الموالين للحكومة أضعفوه بتشكيل عدة أحزاب، لأنهم كثيرون ولكل طرف وعضو منهم أطماعه ومصالحه. حتى الحكومة بدأت الشجار حول الأصوات. إن بعض أعضاء "بريمديك" و"مكينيم قرغيزستان" بدأ الصراع بينهم. وعندما انسحب حزب قرغيزستان من النضال لم تدعمه الأحزاب الأخرى الموالية للحكومة. وقام "بيرمديك" و"مكينيم قرغيزستان" بالضغط على "نور الإيمان" لمنع تفريق أصوات المسلمين.
في هذه الحالة يأمل الرئيس بدعم روسيا فقط؛ لأن روسيا تمكنت من إنقاذ مادورو من الهجمات الأمريكية في فنزويلا، وهي الآن تدافع عن لوكاشينكو في بيلاروسيا. ومع ذلك فإن الرئيس جينبيكوف لم يأخذ بعين الاعتبار الاختلافات بين هذه الدول وقرغيزستان. وكان يجب عليه أن يأخذ عبرة من التاريخ، لأن روسيا "بيّتت الملك" مراراً في قضية قرغيزستان. إذا عارض الشعب جينبيكوف فمن المرجّح أن يُقبل مادوماروف كبديل له. وهناك أيضاً بدائل أخرى لدى روسيا خبرة في صنع "بطل" منهم... ولكن لن توافق أمريكا على ذلك أبداً.
أيها المسلمون في قرغيزستان: إن هذه الانتخابات وألعابها الشيطانية تجري على أسس ديمقراطية مدمرة وفي إطار نظام استعماري رأسمالي. وإن حزب التحرير في قرغيزستان كان قد أصدر بياناً دعا فيه إلى مقاطعة الانتخابات، وبين فيه الأحكام الشرعية التي يجب على كل مسلم في قرغيزستان الالتزام بها.
بقلم: الأستاذ عبد الحكيم كاراهاني
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في قرغيزستان
رأيك في الموضوع