دعت مجلة (غيرشيك حياة - الحياة الحقيقية) في 28/7/2020 إلى إحياء الخلافة الإسلامية وتساءلت: إذا ليس الآن فمتى؟ وإذا لسنا نحن فمن؟
لقد عبّرت هذه الدعوة عن الآمال الحقيقية للمسلمين، وعن المتطلبات الإسلامية الضرورية لحياتهم، وعن العاطفة الإيمانية الجياشة التي تغمرهم، وعن التحمس الشديد لإعلان الخلافة الإسلامية التي تجمع المسلمين في أكنافها، والعيش في ظل الأحكام الشرعية المنبثقة عن العقيدة الإسلامية التي تُطبقها دولة الخلافة، ويُنفّذها سلطانها على رعاياها.
فهي بكل بساطة عبارة عن تعبير صادق عن الرأي العام الكاسح الذي يجتاح جماهير الأمّة الإسلامية في كل أماكن وجودها لإقامة هذا الفرض العظيم.
ومع أنّ هذه الدعوة أتت من جريدة محسوبة على حزب أردوغان الحاكم، وجاءت بعد إعادة آيا صوفيا إلى مسجد، إلا أنّ أردوغان وحزبه لم ترق لهم هذه الدعوة، فانبرى المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عمرو شاليك بالدفاع عن الجمهورية الكمالية العلمانية بكل صفاقة، ورفض الخلافة الإسلامية بكل وقاحة فقال: "إنّ تركيا دولة ديمقراطية علمانية وإنّها دولة قانون، ومن الخطأ افتعال استقطاب سياسي بالدعوة إلى الخلافة، وإنّ الجمهورية هي قرة أعيننا بجميع سماتها، ويتوجب على تركيا المُضي قُدُماً نحو المُستقبل بهذه القيم المُشتركة لا أنْ نجري وراء الاستقطاب السياسي، وإنّ الجمهورية قائمة لا محالة بهذه القيادة الماهرة لتحقيق أهداف شعبها".
إنّ هذه التصريحات الرسمية للحزب الحاكم هي عبارة عن رد سريع صادم وقاطع لا لبس فيه برفض نظام الخلافة وتطبيق أحكام الشريعة، وباستمرار التمسك بالعلمانية والنظام الجمهوري الكمالي المناقض للإسلام، وفي هذا دلالة واضحة على أنّ إعادة آيا صوفيا إلى مسجد، والذي أشعل عاطفةً إسلامية غامرة فتحت شهية المسلمين لإعادة الخلافة وتحرير المسجد الأقصى، ما كانت في الواقع سوى دغدغة رقيقة كاذبة لمشاعر المسلمين في تركيا لأسباب انتخابية سرعان ما تتلاشى.
فهي تصريحات مُحبطة شعبياً وهدفها ضرب مفهوم الخلافة، ووصفه بالاستقطاب السياسي الذي يُقسّم الشعب، ويُفتّت المجتمع، بينما يتم تمجيد نظام الجمهورية ووصفه بأنّه النظام الذي يوحد الشعب، ووصف الجمهورية بأنّها المظلة الوحيدة للدولة التركية، فكانت رسالة الحزب الحاكم واضحة وصريحة مفادها: لا للخلافة لا للشريعة لا للعقيدة، نعم للقومية نعم للعلمانية نعم للقوانين الوضعية.
إنّها دعوة صريحة وفاجرة لتطبيق أحكام الكفر البواح ولاستبعاد أحكام الإسلام، إنّها دعوة للجمهورية العلمانية التي تُبعد الدين عن الحكم، وتجعل الشعب هو المشرّع من دون الله العليم الخبير، وهي رفض صارخ لرابطة الإسلام ودولة الخلافة، ورد قبيح للأحكام الشرعية، وجعل السيادة لقوانين يشرعها الإنسان وليس الله رب العالمين.
إنّ على كل مسلم وعلى كل تركي أنْ يستقبح هذه الدعوة ويرفضها، وأنْ يُعلن أنّ الخلافة هي قرة أعين المسلمين وليست الجمهورية، وأنّ الخلافة هي تاج الفروض الذي يرتبط به تطبيق أحكام الإسلام كلها، وهي قرة أعين جميع شعوب الأمّة الإسلامية عرباً كانوا أو تركاً أو غير ذلك، فهي مفهوم إسلامي مُنبثق عن العقيدة الإسلامية ويُعتبر أساس الثقافة السياسية الإسلامية، وهو مهوى أفئدة المسلمين، وتُعتبر فكرة الخلافة هذه الامتداد الطبيعي لخلافة أبي بكرٍ وعمر وعُثمان وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم، كما أنّ جُل المسلمين يجزمون بعودتها، لذلك فوجب عليهم أنْ يبذلوا قصارى جهدهم لإعادتها من أجل استئناف الحياة الإسلامية المتوقفة منذ قرابة المائة عام.
فالخلافة هي مظلة المسلمين وهي قرة أعينهم، وليست الجمهورية العلمانية المعادية للإسلام والمُوالية للغرب الاستعماري الكافر، وبالخلافة فقط تتحد الشعوب الإسلامية وتملك زمام قيادتها، ولن ترضى هذه الشعوب عنها بديلاً.
رأيك في الموضوع