النظرة العلمية الطبية: فيروس قاتل متطور ليس له مصل لقاح، انتشر عالميا ولا مجال لمحاصرته دون وجود دواء أو لقاح، وقد تغيرت بعض المعطيات، وتناقضت بين كثير من الأطباء والعلماء، ومثال ذلك عدم إصابة الأطفال وقد ثبت العكس بل وتوفي أطفال، وأصاب شباباً، وفي بداية المرض ذكرت له أعراض وبعد شهرين أو أكثر ذكرت أعراض أخرى، وعليه لا دواء ولا علاج للمرضى وخصوصاً كبار السن والأطفال الصغار، وعليه لا مناص من الاستسلام لسياسة بناء المناعة الذاتية، ومن ثم سياسة مناعة القطيع.
النظرة الاقتصادية: إن بقيت الأحوال والإجراءات في التعامل مع كورونا كما حصل لغاية تاريخ كتابة هذا المقال أي ١/٤/٢٠٢٠، أي إغلاق للمطارات والمنافذ البرية والبحرية، فإن العالم مقبل على أكثر مما شهدنا من انهيارات اقتصادية سواء للبورصات والاقتصاد الرقمي والأسهم. أما قطاع السياحة والفنادق بكل أطيافه فسيبقى شبه مغلق ومنهاراً؛ لأن تكلفة التشغيل عالية، ونلاحظ كيف انهارت أسعار النفط عالميا حيث وصل سعر البرميل أقل من عشرين دولاراً، وتسريح العمال والعاملين والذي من المتوقع أن يصل من ٥-٢٥ مليون عاطل عن العمل.
وعليه فإن الدول ستتجه نحو الحماية الدولية تحت ما يسمى بمصلحة الدولة أولا، وهذا يولد التشاحن، وعدم التعاون بين دول العالم لحل المشاكل المختلفة التي تنشأ عادة عالميا، وهذا يعيد العالم لعصر الدولة القومية والوطنية والإقليمية مما يؤجج الصراعات، ويؤدي إلى حدوث حرب عسكرية عالمية ثالثة مما يعني قتل أضعاف الـ٧٠ مليون إنسان الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية والتي حصلت نتيجة الكساد الاقتصادي العظيم عام ١٩٢٩م.
وعليه فإن سياسة أمريكا المتحكمة بالعالم والتي مفادها "أمريكا أولا" يعني التصادم مع دول العالم الأخرى، والتسريع بالمواجهات العسكرية؛ لأن المواجهات والحرب الاقتصادية قائمة وتزداد ضراوة، سواء بين أمريكا والصين أو أمريكا والاتحاد الأوروبي، وأخيرا حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا.
وعليه فإن العالم بأمس الحاجة لنزع فتيل النزاعات المشتعلة عالميا، أي دولة تحكم العالم بالعدل لا أن تتحكم بالعالم وتستغله وتنهبه، بل وتستعبد الشعوب وتقتل من يطالب بحقه في العيش البشري الكريم.
النظرة الديموغرافية: الدّيموغرافيا المعروفة بعلم السكّان؛ وهي دراسة لمجموعة من خصائص السكّان، وهي الخصائص الكميّة، ومنها الكثافة السكانيّة، والتّوزيع، والنموّ، والحجم، وهيكليّة السكّان، بالإضافة إلى الخصائص النوعيّة، ومنها العوامل المجتمعيّة، مثل: التّنمية، والتّعليم، والتّغذية، والثّروة. وتُعرَّف الدّيموغرافيا بأنّها الإحصاءات التي تشمل الدّخل، والمواليد، والوفيات، وغيرها ممّا يُساهم في توضيح التغيُّرات البشريّة. فهذا يعني أن كل مكونات الديموغرافيا سيطرأ عليها تغير سواء كلي أو جزئي وفي الأغلب جزئي، وسنتناول أمثلة على ذلك. مثل: التّنمية، والتّعليم، والتّغذية:
أما التنمية فستتغير بكل أشكالها سواء منها البشرية أو الاقتصادية أو الثقافية وغيرها، فالتنمية البشرية على سبيل المثال ستتأثر سلبا بحكم ما يسمى التباعد والخوف من العدوى، وهي متأثرة سلباً نتيجة الثقافة الغربية والرأسمالية العلمانية وخصوصاً في الغرب، فنسبة التوالد ضعيفة بل إن التزاوج ضعيف أيضاً، وقد حل مكانه المصاحبة حتى سميت أوروبا بالقارة العجوز، ومرض فيروس كورونا أساس الوقاية منه العلاقات المتباعدة في كل العلاقات الزوجية وغير الزوجية.
وأما التنمية الاقتصادية، فحدث ولا حرج كيف ستكون نتيجة التباعد والحذر من العلاقات المتقاربة بين العاملين، فرأينا كيف تأثرت أسعار السلع والخدمات أثناء تفشي الفيروس رغم توفرها، ناهيك عن التكلفة الزائدة الطارئة بسبب الفيروس والتعقيم والتأخير بوصول السلع وتصنيعها، وما سيلحق بذلك من التعايش الجديد الطارئ.
أما التنمية التعليمية والثقافية والرياضية وما يتعلق بها، فليس ببعيد عما نراه بأم أعيننا من تعطيل الدراسة بالمدارس والجامعات والمعاهد التطبيقية، وأصبح التعليم عن بعد أحد البدائل المطروحة والتي يتم التدرب عليها وممارستها في وزارة التربية والتعليم الأردنية حيث أوجدت الوزارة منصات إلكترونية للتعليم عن بعد للمعلم والطالب وأصبح الأهل يتابعونها، وستكون التنمية الثقافية والرياضية كذلك بلا جماهير ومشاهدين عن قرب. وقبل الانتهاء من الأمثلة عن السلبيات والتغييرات التي ستطرأ سنتناول عنوانا مطروحا إعلاميا من خبراء عالميين ألا وهو "نقص الغذاء"، فنتيجة الظروف الطارئة ومنها حظر التجول والخوف من التعامل بين العاملين عن قرب خشية "عطسة" مفاجئة من مصاب بالفيروس فإن الإنتاجية زراعيا وصناعيا للغذاء ستتأثر سلبا بشكل ملحوظ، وهذا بدوره سيؤدي إلى نقص الغذاء وارتفاع الأسعار وربما إلى مجاعات وثورات جياع ونهب وسلب.
وفي الختام نقول: إن الانفلات في كل مناحي الحياة البشرية التي أسست الرأسمالية والديمقراطية العالمية الاستعمارية له هو المسئول أولا وآخرا عما حصل ويحصل عالميا، بل ومن المتوقع أن يحصل المزيد أن بقيت العقلية المتحكمة بالعالم وخصوصاً أمريكا والغرب تحت ركن أساس في حياتهم وهو الحرية الشخصية دون قيد أو شرط، والعمل على نشره عالمياً، ورأينا قوانين غربية لا تليق لبني البشر مثل قانون إباحة التزاوج بين إنسان وحيوان أو قانون المثلية، وقبله قوانين حماية الدعارة الجنسية والمخدرات.
وعليه، حتى يخرج العالم مما آل إليه سواء من فيروس كورونا، أو فيروس القيم والأفكار والمبادئ المنفلتة التي يصنعها بشر ناقص، وعاجز، ومحتاج إلى غيره، يخطئ، ويصيب، ويأكل، ويشرب؛ لأنه مخلوق ضعيف، تائه، مغرور بتقدمه العلمي الذي هو ليس نتاجه الآني المعاصر، بل هو نتاج بشري لأمم خلت من قبله منذ آلاف السنين، حيث اكتشفوا قوانين ونواميس خلقها الله تعالى، خالق الخلق لتستقيم الحياة، ولا تكون معوجة حيوانية بهيمية، تعالى الله الخالق العظيم عما يصفون.
بقلم: الأستاذ وليد حجازي
رأيك في الموضوع