التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مساء الأربعاء الفائت؛ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والوفد المرافق له في العاصمة الرياض، والتقى بالملك سلمان كذلك يوم الخميس الفائت وتم التداول بشأن ملفات عديدة.
في مؤتمر صحفي عقد عقب اجتماع خماسي ضم كيري ونظراءه السعودي عادل الجبير، والإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وتوبياس ألوود مساعد وزير الخارجية البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قال كيري: "إن المشاركين في اللقاء الخماسي وافقوا بالإجماع على مقاربة متجددة للمفاوضات لإنهاء الحرب في اليمن وذلك برعاية الأمم المتحدة".
وأعلن وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره السعودي عادل الجبير، في جدّة، إطلاق مبادرة جديدة لحلّ الأزمة اليمنيّة.
وأوضح كيري، أن "المبادرة للحلّ في اليمن تشمل جميع أطراف الأزمة"، مشيراً إلى أنّ "الخطة الجديدة للتسوية في البلاد، تقضي بسحب الحوثيين لأسلحتهم من العاصمة صنعاء وتسليمها إلى طرف ثالث".
وأضاف وزير الخارجية الأمريكية، أن "خطة الحل الجديدة في اليمن تشمل تشكيل حكومة وحدة وطنية"، مؤكّداً أنّه "لا حلّ عسكريّاً للأزمة التي تشهدها البلاد".
وأشار كيري، إلى أن "الاتفاق الجديد حول حلّ الأزمة اليمنيّة يمنح الحوثيّين فرصة المشاركة في حكم البلاد وما لم يتم ذلك فستسوء الأمور أكثر في اليمن"، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّهم يُشكّلون "أقليّة" في اليمن.
وأوضح أن المقاربة هي ذات "مسارين أمني وسياسي يتقدمان بالتوازي لتوفير تسوية شاملة"، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون "وافقت بالإجماع على هذه المبادرة الجديدة".
إن الخطة الجديدة التي أتى بها كيري لم يكن فيها من جديد إلا التأكيد على إشراك الحوثيين في الحل وتحقيق رغبتهم في تزامن الملف السياسي مع الملف الأمني والذي كانت حكومة هادي ترفضه وتتمسك بالقرار 2216 الذي يقضي بانسحاب الحوثيين من المدن وتسليم سلاحهم وتشكيل حكومة شراكة وطنية، لقد ضمن كيري للحوثيين الشراكة في الحل السياسي والأمني معتبراً إياهم أقلية؛ مما يعني أن أمريكا تلعب دورها في دعم ما تسميه الأقليات في المنطقة لصالح مخططاتها الاستعمارية، لقد ساوى كيري بين جميع الأطراف من حيث تسليم السلاح والانسحاب من المدن، حيث قرر أن تسليم سلاح الأطراف المتصارعة في اليمن سيكون لطرف ثالث وهو ما يشير إلى التهديد بدخول قوات دولية لتنفيذ ذلك في حال فشل المتصارعين في التوصل إلى حل حسب ما تريد أمريكا كون اليمن أصبحت تحت البند السابع من قانون العقوبات الأممي، أما بخصوص وقوف أمريكا بجانب الحوثيين في الملف الاقتصادي فهو واضح جدا، فهي قد ضغطت على هادي وحكومته في عدم اتخاذ قرارات بعدم التعامل مع البنك المركزي الذي يقع تحت سيطرة الحوثيين معتبرة ذلك خطا أحمر، ويبدو أن بريطانيا تساير أمريكا في ذلك مدركة لخطورة الوضع الكارثي الذي سيؤول إليه تنفيذ مثل تلك القرارات، حيث سيغدو المشهد السياسي في اليمن شبيها بالمشهد الليبي وبالتالي الاتفاق بين أمريكا وبريطانيا على استمرار الهدنة الاقتصادية بين الأطراف المتصارعة في اليمن خاصة وأن بريطانيا تلعب بورقتين؛ ورقة تتظاهر بالوقوف مع الحوثيين وهي ورقة علي صالح الذي يناصف الحوثيين في الحكم، وكذلك ورقة ما يسمى بالشرعية ممثلة بهادي وحكومته، مما يعني أن بريطانيا يمكنها أن تكسب الكثير إذا ما كان هناك حل سياسي قادم، وهي تعلم أن التعويل على الحل العسكري ليس مجديا وفيه صعوبات وتكاليف باهظة الثمن.
إن الناظر في مبادرة كيري يجد أنها ليست إلا ضمانات لتطمين الحوثيين بعد عزوفهم عن التوقيع على خطة الحل الأخيرة المقدمة من المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، وتهديد كيري في حال فشل خطته بإجراءات مناسبة إنما هو تهديد لهادي وحكومته للقبول بالحل الأمريكي الذي قبلوه على مضض.
إن الحل في اليمن قد صار صعب المنال في ظل صراع همجي أنجلو أمريكي وفي ظل تعدد أطرافه المحلية والإقليمية، بل في ظل السياسة الأمريكية المتغطرسة والمتخفية بالتباكي على حقوق ما تسميه الأقليات التي تتخذها ذريعة للتدخل في بلادنا ولترسم فيها خرائط جديدة فتقسمها بحسب مصالحها وتجعل أهل البلاد في مواجهة دائمة فيما بينهم!!
في ظل هذه الحلول الأمريكية المسمومة فإن على أهل اليمن أن يدركوا أن خلاصهم لن يكون إلا بتفعيل إيمانهم وحكمتهم التي وصفهم بها رسولنا الكريم e، فليعودوا للعقيدة الإسلامية وأحكامها الشرعية التي جعلتهم إخوة لا أقلية ولا أكثرية، وليتركوا الطائفية التي تروج لها أمريكا الاستعمارية وليحكموا شرع الله فيما بينهم ويقطعوا يد الأجنبي وأنظمته العميلة عن شؤونهم وقضاياهم، وليفكروا بمسئولية وجدية في قضاياهم المصيرية والتي أهمها استئناف الحياة الإسلامية بإقامتهم لدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ فبها تتآلف القلوب وتنزاح الخطوب ويعود المسلمون خير أمة، فهل من مجيب؟!! اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
* رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع