وافقت هيئة الأمن الاتحادية "Bundessicherheitsrat" على إرسال القطعة الخامسة من أصل ست غواصات تم الاتفاق على توريدها إلى كيان يهود في صفقة تعود لسنة 2005م. الغواصات من فئة الدولفين "Dolphin-Klasse" من صناعة شركة تيسين كروب في مدينة كيل "ThyssenKrupp in Kiel" وتبلغ قيمتها حوالي 1.5 بليون يورو، يتم تمويلها بالثلث من خزانة دافعي الضرائب، كما أوردت صحيفة "Süddeutsche Zeitung" - "زود دويتشة تسايتنغ" في تقريرها عن الخبر. وبالإضافة إلى الغواصة، تمت الموافقة على تصدير 336 شاحنة عسكرية غير مسلحة إلى الجزائر، وكذلك معدات عسكرية لصناعة الذخيرة الصغيرة إلى الهند. وتأتي هذه الموافقة بعد الموافقة على تصدير 4 غواصات وشحنات عديدة من قطع الغيار والدعم العسكري للدبابات، ومعدات لإزالة الألغام لكيان يهود، أرسلت سابقا على مراحل.
وتعتبر ألمانيا، حسب تقارير عالمية، ثاني أكبر مصدر للأسلحة لكيان يهود بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
وما زالت مثل هذه الأخبار تثير بعض الامتعاض والجدل الخافت في الأوساط السياسية، حيث إنه لا يخفى على أحد أن كيان يهود سوف يزود هذه الغواصات برؤوس نووية مما يزيد من حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط. خصوصا بعد تصريحات وزير الخارجية الأسبق، "توماس دو ميسير Thomas de Maizière " التي أدلى بها عام 2012م، بأن مسؤولية استعمال هذه الغواصات وكيفية الاستفادة منها تقع على عاتق كيان يهود. ويعتبر بعض المحليين أن مثل هذه الصفقات التي تعقد في الغرف الخلفية، لا تخدم مصالح ألمانيا السياسية والاقتصادية، وأنها ليست سوى تبديد لأموال دافعي الضرائب في ألمانيا.
ويعيب أصحاب الجدل الخافت رضوخ السياسة الألمانية الخارجية لهيمنة الحليف الأكبر الولايات المتحدة، بينما تستمر الحكومة بقيادة المستشارة الألمانية ميركل في استعمال سياسة "Angsthasen Politik" "الأرنب المرعوب" التي انتهجها أستاذها ورئيس حزبها المستشار السابق هيلموت كول مع حلفائه الأمريكان، وتقتضي المسايرة والانصياع ومحاولة التفلت على خطوات طويلة المدى. بينما يخالفهم في ذلك الحزب الاشتراكي الألماني في اتخاذ خطوات مدروسة وواضحة المعالم للتخلص من هيمنة أمريكا على السياسة الخارجية الألمانية، مما يؤدي في العادة إلى عدم استمرارهم في الحكم لمدة طويلة، وما جرى من المستشار السابق شرودر وعلاقته بإدارة بوش إبان حرب الخليج وعقده لاتفاقية الغاز مع روسيا، ثم إقصاؤه عن الحكم وفوز الحزب المسيحي الألماني، لخير دليل على اختلاف السياسات الجزئية في طريق الاستقلال بالقرار السياسي الخارجي.
وبغض النظر عما إذا كانت هذه المساعدات الألمانية الطائلة والمستمرة لكيان يهود في فلسطين، تأتي ضمن تفاهمات ورضوخ لسياسة الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي الأول لألمانيا، أم كانت ضمن رؤية مصلحية أوروبية لأهمية هذا الكيان كخنجر في خاصرة الأمة الإسلامية، فإنها تكشف عن توافق في رؤية الغرب على أهمية هذا الكيان المصطنع وما يحققه لهم من أهداف استعمارية على المدى الطويل. ويكشف كذب سياساتهم المعلنة بشأن الاستقرار، والسلام، ونشر العدل، و"حقوق الإنسان"، وحل النزاعات بطرق سلمية. فهم من يغذي كل الأطراف بالمعدات والوسائل، ويختلق الأزمات والمعاذير، وهم من يحتل الأرض وينهب الخيرات، وهم من يتغاضى عن إجرام عملائهم وأدواتهم من قتل وتشريد. فأمة الكفر واحدة. قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ وقال: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾.
إن إمداد الكافر المستعمر لكيان يهود في فلسطين بهذا الكم الرهيب من أسلحة الدمار المختلفة لن يحول دون تحرير الأرض المباركة (فلسطين) وطرد آخر مستعمر منها بإذن الله. فوعد الله حق، وزوال هذا الكيان مهما أوتي من قوة حق، هو حتمية قرآنية، فقد قال تعالى فيهم: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾، أما وإن حبل الله قد انقطع، فلا بد للمسلمين أن يقطعوا حبل الناس مع هذا الكيان الغاصب المحتل ويطهروا البلاد منه، ويقيموا دولة الخلافة على منهاج النبوة، دولة العزة والكرامة، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا بإذن الله.
بقلم: د. محمد عقرباوي
رأيك في الموضوع