في مقابلة موسعة ومسرحية مع صحيفة يولاندس بوستن في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2024م، بذلت رئيسة وزراء الدنمارك ميت فريدريكسن جهوداً كبيرة لرسم صورة متطرفة للمسلمين في البلاد. فقد اتهمت القرآن بتشجيع المسلمين على ارتكاب الجرائم وضرب أطفالهم والانخراط في سلوك يخلقُ انعدام الأمن في الأماكن العامة. وأنّ الخطر المزعوم الذي يشكّله المسلمون الذين يعيشون في الدّنمارك يساوي "تهديد روسيا وبوتين".
وطالبت المسلمين "بالاستيعاب القائم على القيم"، ما يعني ضمناً أنه يجب عليهم التخلي عن قيمهم الإسلامية. ويتمّ تحديد الآراء حول المثلية الجنسية وفلسطين واستخدام القرآن كنقطة مرجعية باعتبارها آراء تجعل المسلمين أعداء للمجتمع.
تعقيبا على هذه التصريحات قال بيان صحفي للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في الدنمارك: تأتي هذه المقابلة في وقت لم تنجح فيه أي من المبادرات السياسية للحكومة في عكس أرقام استطلاعات الرأي الضعيفة تاريخياً. لم تفعل محاولات رئيسة الوزراء الفاشلة لإبراز صورة أكثر تعاطفاً الكثير لتغيير التصور العام لها بوصفها سياسية متهكمة وحسابية. وتلجأ الآن، في يأس، إلى اللّعب بورقة الإسلام على أمل تسجيل نقاط سياسية رخيصة.
إنّ اتهاماتها الخادعة للقرآن الكريم باعتباره مصدراً للجريمة والعنف ضدّ الأطفال هي أكثر التصريحات غرابة التي أدلى بها رئيس وزراء دنماركي على الإطلاق. فهي تربط القيم الإسلامية، بطريقة متلاعبة، بالجريمة والعنف والبطالة، على الرّغم من معرفتها التامة بأن جرائم العصابات بين الشباب المسلمين مدفوعة بالافتتان بالثقافة الغربية. والواقع أن الهوية الإسلامية هي العامل الأكثر فعالية في إبعاد الشباب عن أسلوب الحياة الغربي البائس هذا.
إنّ رئيسة الوزراء تدرك تمام الإدراك أن انعدام الأمن والعنف لا يرتبطان بالمسلمين الذين يمارسون شعائرهم الدينية. فمعدلات الجريمة بين الشباب منخفضة تاريخياً وتستمر في الانخفاض عاماً بعد عام. ويرجع هذا على وجه التحديد إلى اعتراف ميت فريدريكسن في المقابلة بقولها: "إنّ الأجيال الأصغر سناً من المسلمين تتمسك بالإسلام بقوة أكبر من الأجيال السابقة".
إنّ الصورة التي تحاول أن تصور بها المسلمين باعتبارهم طفيليات مجتمعية تتناقض مع العديد من التحليلات الاقتصادية، التي تؤكد أن ارتفاع معدل تشغيل "المهاجرين غير الغربيين" كان حجر الزاوية في النمو الاقتصادي المستمر في الدنمارك في السنوات الأخيرة.
إنّ التهديد الحقيقي للمجتمع الدنماركي لا ينبع من الجالية المسلمة، بل من قسوة رئيسة الوزراء التي كانت واضحة بشكل صارخ في دعمها للإبادة الجماعية في غزة. لن ينسجم المسلمون أبداً مع (قيم) الإبادة الجماعية، لأن هذه القيم لا تروق لهم ولا لأي شخص لديه مجرد ذرة من الإنسانية.
رأيك في الموضوع