بعد أن مارس الغرب الكافر المستعمر وعلى رأسه أمريكا خداعه وتضليله على أهل الشام منذ بداية ثورتهم المباركة، وبعد أن انكشفت حباله وألاعيبه، حتى صار مبعوث أمريكا لدى الأمم المتحدة جيمس جيفري يقول جهارا نهارا "نحن لا نريد تغيير النظام في سوريا إنما نريد منه فقط أن يغير سلوكه".
وبعد أن رأينا رأي العين سير كل الأطراف بمن فيهم قادة الفصائل خلف الحل السياسي الأمريكي صار لا بد لكل ثائر مخلص النية صادق العزيمة أن يقف أمام نفسه ومعها وقفة حق وصدق، وأن يعيد ترتيب أوراقه من جديد، ولا بد له أثناء عملية ترتيب الأوراق هذه أن يجيب نفسه أولا وقبل كل شيء على مجموعة من الأسئلة، أهمها:
هل بات تنفيذ الاتفاقات والقرارات الصادرة عن المؤتمرات التي عقدها الغرب الكافر المستعمر وغيره من أعداء الثورة المباركة يعتبر جهادا؟
وهل التزام أهل الشام بما صدر عن هذه المؤتمرات يعتبر إعلاءً لكلمة الله تبارك وتعالى؟
ألم تحملوا السلاح للقتال دفاعا عن المظلومين حقنا لدمائهم ودفاعا عن أعراضهم وأموالهم ولإسقاط النظام المجرم بكل أركانه ورموزه، ومن ثَمَّ تحكيم شرع الله؟
أليس سكوتكم عن قادتكم الذين كبل الدعم أيديهم وأخرس سلاحهم وصادَر قرارهم هو ما أوصل الشام وأهلها إلى هذه الحال؟
وهل سَيَحول سكوتكم عن هؤلاء القادة المتخاذلين بينكم أنتم أهل الشام عموما وبين العودة إلى حضن نظام البعث المجرم العميل، أم أنه سيكون سبباً في العودة لأحضانه لينتقم منكم ومنهم شر انتقام؟
هل بقي أحد منكم يظن بأعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين (الدوليين، والإقليميين، والمحليين) خيرا وينتظر منهم حلاً لمشاكلنا؟
والسؤال الأهم: إن كنت أيها الثائر ترفض السير والانخراط في مشروع أمريكا السياسي، الذي سيفضي إلى إعادة إنتاج النظام وإعادتكم لأحضانه صاغرين أذلاء فما هو البديل؟
إن لم تصارح نفسك وتحدد موقفك، وتبتغي رضا ربك عز وجل؛ فلا شك أن السفينة ستغرق بكم.
إن السكوت عن هؤلاء القادة الذين أصبحوا مسلوبي القرار هو ظلم ما بعده ظلم، لأنه أدى إلى حرف بوصلة الثورة وبيع التضحيات في سوق المؤتمرات، هذه التضحيات التي قدمها أهل الشام من أرواحهم ومن فلذات أكبادهم وأموالهم من أجل إسقاط نظام الإجرام وتحكيم الإسلام.
أيها الثائرون الصادقون: لا يوجد في الساحة غير مشروعين لا ثالث لهما؛ مشروع أمريكا الذي سيعيد إنتاج النظام المجرم، ويعيدكم إلى حظيرته ليسومكم وأهلكم سوء العذاب وينتقم منكم شر انتقام. ومشروع الإسلام العظيم المتمثل بإسقاط النظام السوري العميل المجرم بكافة أركانه ورموزه، وإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي بشر بها رسول الله ﷺ، وهو المشروع الذي يدعوكم له إخوانكم شباب حزب التحرير، وهو الرائد الذي لا يكذب أهله، فكونوا ممن يفوز بنصرة هذا الدين ومشروعه العظيم كما فاز به الأنصار الأوائل، وبذلك تفوزوا بإذن الله بالخيرين؛ خير الدنيا (الاستخلاف، والتمكين، والأمن)، وخير الآخرة (جنة عرضها السماوات والأرض)، ورضوان من الله أكبر، فأنصاف الثورات قاتلة، وأنصاف المواقف مهلكة، والاتكال على غير الله عصيان ومذلة، فأروا الله من أنفسكم خيرا، ولا يصدقن فيكم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾.
رأيك في الموضوع