دار الإسلام هي الدار التي تُطبَّق فيها أحكام الإسلام على جميع شؤون الحياة والحكم، ويكون أمانها بأمان الإسلام، ولو كان جل أهلها من غير المسلمين.
ودار الكفر هي الدار التي تُطبَّق فيها أحكام الكفر على جميع شؤون الحياة، ويكون أمانها بأمان الكفر، ولو كان جميع أهلها من المسلمين. فالعبرة في الدار من كونها دار إسلام أو دار كفر، بالأحكام التي تُطبَّق عليها، وبالأمان الذي تكون آمنة به، وليست العبرة بدين أهلها.
والدار حتى تكون دار إسلام يُشترط أن يجتمع فيها أمران؛ أحدهما: أن تُحكم بالإسلام، لقوله تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾، والثاني: أن يكون أمانها بأمان الإسلام لا بأمان الكفر، فيجب أن يكون الحكم بالإسلام وتطبيقه وكذلك الأمان الداخلي والخارجي ذاتيا بأمان المسلمين وحدهم، أي بسلطان الإسلام، قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾، والسلطان والأمان الذي يكون للكافرين دور فيه هو السبيل الأقوى على الأمة الذي نهانا الله عنه.
وقد كان رسول الله ﷺ يُوصي أمير الجيش: «ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ» أخرجه مسلم، فمفهوم قوله ﷺ أنهم إن لم يتحولوا لا يكون لهم ما للمهاجرين، أي أن الأحكام تختلف بين من يتحول إلى دار المهاجرين، وبين من لا يتحول إلى دارهم. ودار المهاجرين كانت هي دار الإسلام في عهده ﷺ، والشروط المتوفرة فيها هي شروط دار الإسلام وهي أنها تحكم بالإسلام وأمنها بأمان المسلمين، وما عداها دار كفر.
وبإقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، انقسم العالم إلى دارين؛ دار إسلام ودار كفر. ورد في وثيقة المدينة (دستور الدولة الإسلامية) التي كتبها النبي ﷺ: «هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمّدٍ النّبِيّ، بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَثْرِبَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ، أنّهُمْ أُمّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ النّاسِ»، فالنبي ﷺ وضع المسلمين جميعاً في جهة، بوصفهم أمة واحدة، وجعل كل من يتبعهم ويلحق بهم ويجاهد معهم جزءاً من هذه الأمة، التي تعيش في ظل دار الإسلام، ووضع غيرهم في جهة أخرى، دار الكفر أو دار الحرب.
ولأهمية بيان أن دار الكفر ودار الإسلام حكم شرعي، وأنها مفهوم سياسي ثابت، كانت المادة ٢٩، من مشروع دستور دولة الخلافة، الذي أعدّه حزب التحرير: "يُشترط في القطر أو البلاد التي تبايع الخليفة بيعة انعقاد أن يكون سلطانها سلطاناً ذاتياً يستند إلى المسلمين وحدهم لا إلى أي دولة كافرة، وأن يكون أمان المسلمين في ذلك القطر داخلياً وخارجياً بأمان الإسلام لا بأمان الكفر. أما بيعة الطاعة فحسب من البلاد الأخرى فلا يشترط فيها ذلك" (مشروع دستور دولة الخلافة، صفحة 14).
بقلم: الأستاذ محمد صالح
رأيك في الموضوع