رغم بؤس الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية مقبرة الطاقات، ورغم ادعاءاتها بأنها إنما تراهن على الشباب اتقاء لوعيه وصحوه لا إيمانا عميقا به، إذ لو كان كذلك كما يدعي الحكام لما كان الشباب بين حريق وغريق، قُتل فيه الانتماء لبلده حتى بالمعنى السطحي للانتماء، حيث لم توفر له الأنظمة إلا كل بؤس وفراغ وضياع، فأصبح الشباب فارّاً من بلده راكبا البحر حاملا معه أحلاما جعلتها تلك الأنظمة كوابيس وهي في الإسلام العزيز أدنى درجات الحقوق.
رغم كل ذلك تجد الإبداعات والاختراعات، حيث يُخرج الشباب من بين فرث ودم هذه الدول الوظيفية والكيانات الهزيلة توليدات وتوليفات وتفريعات وإلهامات يتسابق عليها وعليهم الدول الكبرى لتقطف ثمرات عقولهم التي نالت منها أنظمة الفشل والعجز والتيئيس والخزي والعار، هذه الدول الكسولة الجبانة التي تعتبر كل وعي يخلق إشكالا وكل ثروة تخلق استعمارا، وكل إبداع هو إفراط في التفكير قد يعاقب عليه القانون، هذه الدول التي لا تمتلك رؤية وليس لها أفق، لا استراتيجيات تجاري يومها بيوم كفاقد البصر يتلمس الطريق وهو الذي يضع يده على عينيه لا يروم تنحيتها.
بل منا نحن شباب الإسلام من عرضت عليه مبالغ خيالية مقابل التفريط في براءات اختراع فرفض إرادة منه ورغبة بأن يكون إبداعه على ذمّة مشروع أمة في سياق مشروع تحرّري يقطع مع التبعية والارتباط للأجنبي. نعم رغم كل هذا البؤس وفي هذا العالم الذي سنّ فضيحة الملكية الفكرية والذي احتكر سلم التقييمات والتعريفات ووضع المفاهيم، يبدع شباب الإسلام ويتألق فتفرط فيه الأنظمة ليضعوه بلا ثمن ضمن مشروع يعادي الأمة ودينها ومبدأها وقيمها وشبابها.
لقد سمحتم أيها الحكام العملاء الخونة بإبادة الشباب إبادة شاملة كاملة حتى يكونوا بين حريق وغريق أو في أيدي المخابرات العالمية تنفذ بهم مشروعاتها الاستعمارية مستغلة عاطفته وتحمسه للإسلام. كما أنكم قنّنتم الحياة السياسية بشكل لا يمارس فيها الشباب السياسة إلا في إطار فكري علماني منبتّ عن دينه وهويته بحيث يكون خصيما للمشروع الإسلامي بطبيعته يدري أو لا يدري، كما أنكم فتحتم للأنظمة الغربية مدارسكم يتجولون فيها الخيلاء ليقطفوا زهور الأمة كي يزدان بها ربيعهم ويعلو شأن شعوبهم ودولهم.
اعلموا أيها الحكام أنكم وقتٌ مستقطع في بث تجريبي رديء للغاية على قناة الأمة في انتظار البث الرسمي معتذرين لمشاهدينا على رداءة البث داعين إياهم لكتم صوته في انتظار نصر الأمة وعودتها سيرتها الأولى على سواعد شبابها شبابا على منهاج النبوة.
ها نحن الشباب اليوم نقود ثورة أبهرت الجميع وأربكت قوى الشر والاستكبار رغم مكرهم الكبّار. شباب فجّر قضايا أربكت العملاء وأخافت الجبناء وأرهقت الغرب ومؤسساته ومراكز دراساته فكان "الشعب يريد إسقاط النظام" فأصبح شعارا يتردّد في شوارع وول ستريت وكانت قضايا التصنيع والتحرر والسيادة والوحدة واسترداد الثروات لنوقظ الجميع من سبات فرضته أنظمة الخيانة والعمالة.
يا شباب الإسلام، أيها الجناح النابض المفعم بالأمل والطموح الشباب العنيد الذي لا يرضى إلا بمعالي الأمور وعليائها الذي سئم الرتابة والعمالة واستبلاه الأنظمة والحكام وتعاليهم وتقزيمهم، أنتم الآن أصحاب الشأن وأصحاب رسالة عظيمة وانتماء عظيم، فعليكم أن تضعوا إبداعاتكم الفكرية والسياسية والعلمية والعقدية والتقنية على ذمة المشروع الإسلامي المتحفّز الذي خذله الحكام العملاء ونأى عنه ونهى عنه الموالون للغرب الذين استصغروا أنفسهم واستعظموا الغرب.
أنتم تنتمون لمحمّد ﷺ فهو فخركم وعزكم وقائدكم، فلا لينين ولا ستالين ولا جيفارا ولا ماوتسي تونغ ولا عبد الناصر ولا صدام ولا غيرهم هم قادتكم ولا مصدر إلهامكم.
إلى الشباب المنخرط في العمل السياسي، أدعوه إلى ضرورة مراجعة غايته المرجوة والآليات والوسائل والطرق المتبعة عبر حوار في العمق في الفكر والسياسة لا عقد ولا إحراج ولا إقصاء. بل بكل تحرر من كل رأي مسبق عن العمل السياسي على أساس الإسلام وأن لا يسمح لأي جهة ما أن تمارس عليه الوصاية الفكرية والإرهاب الفكري، أدعوه إلى حوار شامل وجاد في كيفية النهضة وعلى أي أساس، والتصورات والبرامج والحياة السياسية في الإسلام وكذلك نظرة عميقة في التاريخ؛ لنكون فعلا شبابا على منهاج النبوة نحمل الرسالة والأمانة.
إلى الشباب التائب الآيب إلى ربّه هربا من التيه وبحثا عن أمل قضت عليه الأنظمة الحاكمة قضاء مبرما: ارفضوا كل فكر يعتبر هؤلاء الحكام ولاة أمور وجبت طاعتهم، فذاك دجل وتدجين لكم لتكونوا سندا لظالم وحاكم باع البلد وأهله وثورته بحكمه بغير ما أنزل الله، لا تتبعوا خطوات الشيطان ولا خطوات الحكام.
ارفضوا كل فكر يدعوكم أن تكفّروا الأمة وتحملوا عليها السلاح، كل فكر يكفّر بالذنب كل فكر يهدر الدماء لتوظفه الدوائر الأجنبية والمخابرات المحلية والعالمية من أجل العبث بكم وتشويه ممارسة السياسة على أساس الإسلام، قال ﷺ: «وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يُحَاشِي مُؤْمِناً لِإِيمَانِهِ وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ بِعَهْدِهِ فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي».
إلى الشباب الذي يؤمن أن التغيير يبدأ من داخل الأنظمة فهو كمن يقول فلنصلح ما تشقّق من جدران منزل سقفه سيهوي على الجميع، ومثله كمن يعلق إطارا فيه صورة الزهور والربيع ولكن داخل غرفة سجن فقط لتحسين ظروف العبودية، تعالوا إلى نقاش عميق واقعا وتاريخا وتجارب أخرى عن أناس حاولوا وجربوا، وكما قالت العرب "من جرب المجرب كان عقله المخرب"، فلتكن ورشات كالنحل تدرس تلك التجارب تستخلص منها العبر.
يا شباب الإسلام كونوا سياسيّين على أساس الإسلام العظيم تنظرون إلى العالم من زاوية فكر رسالي قائم على الوعي القائم على الوحي.
رأيك في الموضوع