لفت المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى أنه "سيجمع الجهات اليمنية إلى طاولة المفاوضات في غضون شهر" وحث على "اغتنام الفرصة من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن تدابير لبناء الثقة".
ورحب غريفيث بـ"الدعوات الغربية الأخيرة للاستئناف الفوري للعملية السياسية، وللاتفاق على تدابير لوقف الأعمال العدائية"، مشدداً على أنه "لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع"، مؤكدا أنه "سيواصل العمل مع جميع الأطراف للاتفاق على خطوات ملموسة لتجنيب جميع اليمنيين النتائج الكارثية لاستمرار الصراع، وللتعامل على وجه السرعة مع الأزمة السياسية والأمنية والإنسانية".
فيما حث جميع الجهات المعنية على "اغتنام هذه الفرصة للانخراط بشكل بناء مع جهودنا الحالية لاستئناف المشاورات السياسية على وجه السرعة، من أجل التوصل إلى اتفاق على إطار للمفاوضات السياسية، وعلى تدابير لبناء الثقة"، مشيراً إلى أن "تدابير بناء الثقة تتضمن على وجه الخصوص تعزيز قدرات البنك المركزي اليمني، وتبادل الأسرى، وإعادة فتح مطار صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين حاليا".
وقال مارتن غريفيث: "إن قضية مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، وقرب الانتخابات النصفية بأمريكا وراء دعوة وقف الحرب باليمن".
وأعرب غريفيث عن عدم اندهاشه من دعوة أمريكا لوقف إطلاق النار في اليمن خاصة أنه كان في واشنطن مؤخرا والتقى مسؤولين هناك وجرى الحديث عن أهمية الدعوة لحل الصراع في مقابلة مع شبكة "سي إن إن".
وردا على سؤال حول مدى تأثير قضية مقتل خاشقجي وقرب الانتخابات النصفية الأمريكية، قال غريفث: "أعتقد أنها خليط من الأمور التي ذكرتها بصراحة، أعتقد أنه كان هناك منذ البداية ومن معرفتي الشخصية رغبة قوية للتحول من الحرب إلى السلام في اليمن".
ولفت إلى أن "لدى الولايات المتحدة الأمريكية فرصة قوية لإنهاء الحرب في اليمن".
وأكد في الوقت ذاته على أن "الدعوات لإنهاء الحرب أمر واتخاذ خطوات عملية لذلك يعتبر أمرا آخر".
وأضاف: "أعتقد أن تلك الأمور حفزت مثل هذه الخطوة وحفزت المصالح في الدول المعنية، وليس فقط في واشنطن والمنطقة بل حتى في أوروبا".
وقد أيدت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا دعوة أمريكا إلى وقف التصعيد في اليمن، وقد قالت للبرلمان يوم الأربعاء "بالتأكيد ندعم الدعوة الأمريكية لوقف التصعيد في اليمن، لن يكون لوقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تأثير على الأرض إن لم يرتكز على اتفاق سياسي بين الأطراف المتحاربة".
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قد دعا الأربعاء الفائت، إلى وقف الأعمال القتالية في اليمن، وقال إن المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الأهلية ينبغي أن تبدأ الشهر المقبل.
وفي بيان، قال بومبيو إنه ينبغي أن تكف حركة الحوثي المتحالفة مع إيران عن تنفيذ ضربات صاروخية وهجمات بطائرات مسيرة ضد السعودية والإمارات، وإن على التحالف بقيادة السعودية أن يتوقف عن شن ضربات جوية في كل المناطق المأهولة باليمن...
تطل علينا الدول المتصارعة في اليمن بتصريحات تدعو لإيقاف الحرب المستعرة فيه وكأنها تستخف بعقول الكثير ممن لا يدركون أن أمريكا وبريطانيا هما الدولتان المتصارعتان على النفوذ والثروة في اليمن وذلك عبر أدواتهم المحليين والإقليميين. إن هذه الدعوات لإيقاف الحرب ما هي إلا لذر الرماد في عيون الناس عن حقيقة الصراع والحرب الدائرة في اليمن وتغطية على من يقف وراءها؛ فعلى الأرض لا يزال عملاء الإنجليز يصرون على تحرير مدينة الحديدة التي عادت إليها الحرب مجددا بعد أن خمدت نيرانها لشهور نتيجة الضغوط الأمريكية على عملاء الإنجليز (دولة الإمارات والرئيس هادي)، ومع تصريح هؤلاء أن العمليات العسكرية في الحديدة لن تكون من أجل الحسم العسكري ولكن للضغط على الحوثيين من أجل العودة إلى المفاوضات إلا أن أمريكا لا تزال غير مطمئنة إلى تلك الوعود...
هناك كلام مستهلك عن مبادرة وحلول للأزمة في اليمن سواء من أمريكا أو بريطانيا، وتلك التصريحات هي تصريحات جوفاء؛ حيث تستخدم بريطانيا تصريحاتها الملفوفة بالطابع الإنساني ضد جرائم السعودية في اليمن، بينما تصرح أمريكا كذلك داعية إيران لكف يدها عن دعم الحوثيين. وكلها تصريحات ابتزاز وخداع وكسب أصوات في الانتخابات الأمريكية، لكن عودة الرئيس هادي إلى أمريكا للمرة الثانية يوحي بأن الزيارة ليست لمجرد عمل فحوصات طبية، وهو ما يتم الإعلان عنه، بل إنه من المرجح أن هناك ضغوطات أمريكية تمارس عليه للقبول بالحل السياسي لليمن الذي تريده هي وعرقلة دور الإمارات الموالية للإنجليز، ومع ذلك فإن أمريكا تريد حفظ ماء وجه السعودية وإخراجها من الحرب في اليمن خاصة مع ارتفاع وتيرة قضية اغتيال خاشقجي والضغوط البريطانية ضد السعودية في ذلك الملف وملف حرب اليمن، وهذا من المرجح أن يجعل كلاً من أمريكا وبريطانيا تتفقان على تغييرات في السعودية أو في ملف اليمن، وإن لم يتم ذلك فمن الصعب إقناع السعودية وحدها بإيقاف الحرب دون الإمارات التي تعمل لإرجاع نفوذ الإنجليز في اليمن بعد أن أصبح هادي عاجزا عن تحقيق الكثير لها كونه بيد السعودية وأمريكا ولا يستطيع عمل شيء إلا تخويف السعودية بإيران ونعرتها الفارسية.
إن الأزمة في اليمن معقدة وما من حل يلوح في الأفق، وهذا يخشى منه أن يعمل لتفتيت اليمن بإبقاء كل طرف مسيطراً على جزء من أجزائه، وهذا ما تهدد به أمريكا عملاء الإنجليز ليخضعوا للسلام خاصة بتلك التصريحات الأخيرة التي صرح بها وزير الدفاع الأمريكي جون ماتيس بإعطاء الحوثيين حكماً ذاتياً في صعدة شمال الشمال وإعطاء الحراك الجنوبي حكما ذاتيا في جنوب اليمن وهكذا.
إن الواجب على أهل اليمن أن يعملوا لما يخلصهم من هذه الصراعات والحروب والمؤامرات التي تحاك ضدهم وضد بلادهم، وإن ذلك لن يكون إلا بالعمل لإعادة سلطان الإسلام في أرض الإيمان والحكمة، وذلك بإقامة الخلافة الراشدة التي تجمع شتاتهم وتطفئ نيران الفتن التي تلتهم فلذات أكبادهم وتجعلهم يعيشون المجاعة والخوف والدمار...
بقلم: الأستاذ عبد المؤمن الزيلعي
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية اليمن
رأيك في الموضوع