خاص من مراسل الراية – كوالالمبور – أدي أبو المهتدي
عقد حزب التحرير/ ماليزيا يوم السبت 9/12/2017م، الموافق 21 ربيع الأول 1439هـ، مؤتمرا حاشدا في العاصمة كوالالمبور تحت عنوان "الديمقراطية هي النظام الفاشل والخلافة هي العلاج الوحيد"، حضر في هذا المؤتمر العديد من الفعاليات بالإضافة إلى المشاركة الشعبية التي تضمنت وفودا بلغ عددهم 1300 مشارك قدموا من مختلف البلدان في العالم.
بعد الافتتاح بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ألقى الأستاذ هشام رئيس لجنة المؤتمر، كلمة استعرض فيها واقع النظام الديمقراطي، ومدى خطره على العالم عامة وعلى الأمة الإسلامية خاصة، وعظم الفساد المترتب من جراء تطبيقه، إذ قام حكام المسلمين بتعطيل الشريعة الإسلامية. ثم بين الأستاذ هشام أن العلاج الوحيد للخروج من هذا الفساد هو القضاء على النظام الديمقراطي والعودة إلى شريعة الإسلام تحت ظل الخلافة على منهاج النبوة.
بعد ذلك ألقى الدكتور محمد، أحد حملة الدعوة البارزين في ماليزيا، كلمة أوضح فيها مفهوم الديمقراطية عند حزب التحرير وبين فيها كيف نجح الغرب في تضليل الأمة الإسلامية عن طريق تعريف الديمقراطية. وذلك أن حقيقة الديمقراطية هي إعطاء الإنسان حريته وسيادته في وضع النظام لنفسه وليس مجرد أسلوب لاختيار الحاكم أو الشورى كما يزعمون. والديمقراطية بهذا المعنى لا شك أنها مناقضة للإسلام، حيث إن الله قد قرر أن السيادة للشرع، والحاكم هو الله وليس البشر، قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾.
ثم ألقى الأستاذ محمود كار، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تركيا، كلمة بين فيها فشل النظام الديمقراطي في العالم ولا سيما في البلاد الإسلامية. فمن حيث الفكرة فإن الديمقراطية هي فكرة خيالية لا يمكن أن تطبق، وإن فكرة سيادة الشعب لا واقع لها، فإن الذي يسيطر على الحكم في أمريكا مثلا هم أصحاب الأموال، والذي يسيطر على الحكم في إنجلترا هم فئة النبلاء، وهم قلة بالنسبة للشعب. لأجل ذلك فلا غرابة إذا كان عدد المتخلفين عن الانتخابات كثيرا، فالذين شاركوا في الانتخابات الأمريكية عددهم لا يتجاوز خمسين في المئة، ودونالد ترامب مثلا حصل على منصب الرئاسة الأمريكية بنسبة 55،4% فقط. أما من حيث الفساد من جراء تطبيق هذا النظام، وحتى في العالم الغربي أمر ملموس ومشاهد، حيث تقع جريمة قتل واحدة في أمريكا في كل 23 دقيقة، وتقع عملية اغتصاب كل 6 دقائق، ويتكرر الاعتداء على الأفراد في كل ساعة، وكل ذلك حصل في أمريكا. أما مظاهر فشلها وفسادها في البلاد الإسلامية فهو أمر لا حاجة إلى دليل عليه، فإن الدمار، والقتل، والاضطهاد، وانتهاك الأعراض والنيل من مقدسات الإسلام لم تزل تعاني منها الأمة الإسلامية وتزداد شدتها يوما بعد يوم...
ثم ألقى الأخ وسيم دوريهي أحد شباب حزب التحرير البارزين من أستراليا، كلمة عرض فيها أن الغرب قد تسلح بالديمقراطية للحملة على الإسلام، وتبرير تدخله في البلاد الإسلامية، وضرب لذلك أمثلة، منها برنامج أستراليا لإنشاء أكثر من 2000 مدرسة في إندونيسيا لتركيز القيم والمفاهيم المعتدلة بمبلغ أكثر من 500 مليون دولار، حيث قالت جوليا جيلار، رئيسة الوزراء السابقة لأستراليا: "نحن قمنا بذلك لأجل مصالح دولتنا التي تقتضي جعل الدولة النامية مثل إندونيسيا دولة ديمقراطية... وقال أليكساندردونير وزير داخلية أستراليا سابقا مضللا "إن الديمقراطية هي الخيار الوحيد، أما الإسلام فهو نظام بربري".
ثم ألقى الأخ هيثم أحد شباب حزب التحرير البارزين في أمريكا، كلمة أوضح فيها مدى إهانة الغرب للإسلام من خلال تطبيق الديمقراطية، وبين قائلا: "لقد شاهدنا الديمقراطية كيف تقتل أبناءنا ونساءنا ورجالنا، لقد شاهدنا الديمقراطية كيف تتصرف في غوانتانامو وأبو غريب، لقد شاهدنا الديمقراطية كيف تسرق ثرواتنا، لقد شاهدنا الديمقراطية تمطر الصواريخ على رؤوسنا، لقد شاهدنا الديمقراطية كيف تهمل أصوات المنتخبين، لقد شاهدنا الديمقراطية كيف تدعم الطواغيت، لقد شاهدنا الديمقراطية كيف تنشر المنكرات في بلاد المسلمين". ثم سأل الحاضرين "من الذي يستطيع إزالة كل هذا الفساد في هذه الكرة الأرضية غير أمة الإسلام؟" وذكر قوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾
ثم تحول المؤتمر إلى الجزء الثاني من الموضوع وهو بيان كون الإسلام المطبق في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة هو العلاج الوحيد الذي سيخرج العالم من ظلام الديمقراطية إلى نور الإسلام، حيث ألقى الشيخ عصام عميرة من بيت المقدس، كلمته وبين فيها أنه لم يحصل من قبل أن الأمة الإسلامية عاشت بعيدة عن كتاب ربها القرآن الكريم، ولم يمر على المسلمين عصر يحكمون بغير ما أنزل الله، ولم يمر أي عصر عليهم وقوانين الكفر تطبق عليهم كما يحصل اليوم، بعد أن فرض الاستعمار الغربي عليهم النظام الديمقراطي، وذكر أن رسول الله قد أخبر ذلك في حديثه الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن النبي eقال: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ «فَمَنْ». [متفق عليه]. والمراد باتباعهم هو اتباع طريقتهم في الحياة، ولم يكن ذلك إلا بعد أن أزيلت الخلافة من الوجود التي هي جُنتهم، فأصيبت هذه الأمة بما لم تصب به من قبل، وعمت البلوى على بلاد المسلمين من سوريا، إلى العراق، وليبيا، وأفريقيا الوسطى وميانمار وغيرها، واغتصبت بيت المقدس، إلى أن تجرأ دونالد ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لكيان يهود، فإلى أين ستصل هذه المصائب إذا لم تسترجع الأمة الإسلامية عزتها وكرامتها...؟
ثم ألقى الأستاذ عبد الحكيم الناطق الرسمي لحزب التحرير في ماليزيا كلمة عن الطريقة الشرعية لإقامة الخلافة التي غفل عنها كثير من الحركات الإسلامية في هذا المجال، وبين الأستاذ أن الطريق الشرعي الذي سار عليه رسول الله eلإقامة الدولة هو طلب النصرة، وليس عن طريق الديمقراطية ولا الأعمال المادية. والنصرة لا تكون إلا من أصحاب القوة والمنعة، كما سعى رسول الله eفي طلبها من قبائل العرب حينذاك كما هو مبين في كتب السيرة، وبين الأستاذ عبد الحكيم أن هناك شروطا يجب توفرها في أهل النصرة وهي أن يكونوا جماعة وليسوا أفرادا، وأن يكونوا أصحابقوة ومنعة، وليس لهم معاهدة مع قوة أخرى يتقيدون بها، وألا يكونوا من غير المسلمين، وألا يشترطوا أي شرط مقابل هذه النصرة. بعبارة أخرى أن تضمن هذه الجماعة الطاعة الكاملة لتطبيق الإسلام وتضمن الأمن للإسلام والمسلمين.
وفي الختام ألقى الدكتور عثمان بخاش، مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير، كلمة عرض فيها استعداد حزب التحرير لتسلم الحكم بناء على هذه النصرة، سواء أكان من حيث الفكرة أم الطاقة البشرية لتسيير هذه الفكرة على أكمل وجه، حيث بدأ كلمته بأن تهديدات الغرب وأعوانه لمن يعمل لتطبيق الإسلام وإقامة الخلافة من جديد تدل على أن عودة نهضة هذه الأمة ليست مجرد حلم، بل هي واقع يخشاه حكام الغرب، والشواهد على ذلك هي تصريحات كبار قادتهم من مثل بوش وطوني بلير وساركوزي، وذكر ما قاله أحمد طمعة رئيس حكومة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سابقا: "من المستحيل أن يقبل المجتمع الدولي (أي الدول الغربية) بحكم الشريعة" وأن "المطالبة بتحكيم الشريعة دونه بحور من الدماء". ومع ذلك فقد دلت أحداث الربيع العربي على أن المسلمين معتصمون بعقيدتهم وهم عازمون على التحرر من الهيمنة الغربية وعلى استئناف الحياة الإسلامية، وقد نجح حزب التحرير في طرح المشروع الإسلامي الصافي النقي ففصل الأنظمة العملية اللازمة لقيادة الأمة في تطبيق الإسلام، ونجح في صهر الأمة التي احتضنت هذا المشروع بعد أن انتشرت دعوته في شرق العالم الإسلامي وغربه، والحزب مستعد لقيادتهم ولم يزل يدعوهم إلى عزتهم التي تتمثل بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، في كل بلاد المسلمين وحتى في إندونيسيا وماليزيا كما يشهد هذا المؤتمر الكريم.
21 من ربيع الأول 1439هـ
رأيك في الموضوع