كتب الشيخ الدكتور محمد إبراهيم رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان التعليق التالي لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:
غزة في قلب بلاد المسلمين، تباد وهي على حدود مصر، مصر المائة وعشرون مليون نسمة، وعلى مرمى حجر من الأردن، الذي هو بالأصل جزء لا يتجزأ من فلسطين أرضاً وسكاناً، وأرض الحرمين التي منها كان أهل نصرة رسول الله ﷺ، وخلال ساعة وثلث تصل من أنطاليا في تركيا إلى غزة، تركيا السلطان عبد الحميد الذي حفظ فلسطين من دنس يهود... غزة هذه تباد منذ ستة أشهر، وحولها كل هؤلاء!! بل إن هؤلاء، ما اكتفوا بالصمت؛ فمنافق تركيا الذي اشتهر بوضع خطوط حمراء في خطابات رنانة يدير ظهره لغزة ويرسل المعونات لكيان يهود، أكثر من سبعمائة سفينة من تركيا إلى كيان يهود منذ ٧ تشرين الأول/أكتوبر 2023، وشيطان مصر يحاصر غزة بإحكام ويمنع عنهم كل شيء، وأبو لهب الأردن يحمي قوافل الإمداد للكيان ويمنع مساعدة أهل غزة في وقت يمثل تمثيلا فاشلا يظهر فيه بطائرة ترمي الفتات لأهل غزة، وإبليس الحجاز فرخ أبي جهل يطغى في البلاد ويكثر فيها الفساد!!
أكثر من مئة ألف شهيد ومصاب، وأكثر من مليونين من المحاصرين والمشردين والجائعين والعراة!! فأين أمة محمد ﷺ، أمة الإسلام، الإسلام الذي أوجب على المسلمين إجارة المشركين حين يستجيرون بهم، قال تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾؟! فكيف إذا استجار مسلمو غزة بالمسلمين حولهم، وقد أوجب الله نصرتهم بقوله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، كم نداء سمعناه من أطفال يتموا، ونساء رملوا، وشيوخ قصفوا؟!
يا أمة محمد ﷺ، يا أمة الإسلام، يا جيوش المسلمين، يا أهل مصر، يا أهل الأردن، يا أهل أرض الحرمين، يا أهل تركيا: ماذا ستجيبون أهل غزة إن خاصمونا عند الله؟! أنكم اكتفيتم بالدعاء دون العمل؟ أنكم رفعتم أيديكم إلى السماء خاوية من سيوفها التي ما زالت في أغمادها؟ أنكم تنتظرون الحلول الدولية، ولا تقلبون الأنظمة على رؤوس الحكام؟
أيها المسلمون في بلاد الشام ومصر والحجاز وتركيا… ألم يقل النبي ﷺ: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ»، وقال: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ، وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ»؟ أهل غزة يبيتون جوعى وأنتم تعلمون، فماذا أنتم فاعلون؟ ومن بلادكم يُمد كيان يهود بالنفط والغذاء والخضار، بل وأنظمتكم تحاصر غزة وتساهم في تجويع أهلها!
أيها المسلمون: إن رسولكم قال: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ»، فإن لم تنصروا غزة نصرة تخلصهم من حرب الإبادة التي يرتكبها كيان يهود فارتقبوا خذلان الله لكم. وقد ثبت أن جنود كيان يهود اعتدوا ولا زالوا يعتدون على أعراض نساء غزة بالتعرية والاغتصاب والقتل! فمن يذب عن أعراضهن؟! ورسولكم ﷺ يقول: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
أيها المسلمون: إن نصرة غزة تكمن في تحريك الجيوش للجهاد في سبيل الله، وفك الحصار، وإسقاط الأنظمة العميلة المشاركة في إبادة غزة، ولا يجوز للمسلمين أن يعيشوا حياتهم بشكل اعتيادي وكأن غزة لا تعنيهم أو كأنها في كوكب آخر، ولا ندري هل تقصير الأمة عن نصرة غزة يحجب الدعوات بالفرج والنصر والتمكين أن يستجاب لها؟!
رأيك في الموضوع