منذ زمن بعيد أدرك الغرب الرأسمالي ضعفه في معركته الفكرية ضد الإسلام، طالما كان المسلمون متمسكين بعقيدتهم وبأحكام وأفكار دينهم، وطالما أنهم ينهلون من هذا المعين العظيم، لذا عمد إلى الغزو الثقافي والتبشيري لبلاد المسلمين مما هو معلوم ولا يحتاج لتكرار سرد، وها هو اليوم يسير على الخطا نفسها وها هو يعمد إلى تحريف وتغيير مناهج التعليم في بلاد المسلمين كأداة وركيزة مهمة في حربه الفكرية والحضارية ضد المسلمين.
لذلك يصب تمويل الكتب المدرسية في خلق مناهج تقطع الصلة بين المسلمين وعقيدتهم، وذلك من خلال تعزيز مفاهيم العلمانية التي تقوم عليها حضارة الممول وتفرض سيادة مبدئه، فقد تسلمت وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة في السودان الدفعة الأخيرة من الكتاب المدرسي لمرحلة الأساس والبالغ عددها 2.2 مليون كتاب موزعة على 17 عنوانا من الصف الثاني إلى الصف الخامس عدا كتاب التربية الإسلامية، وأوضح د. كمال الدين عوض مدير عام وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة الوزير المكلف في تصريح لـ"سونا" أن الكتاب المدرسي تمت طباعته عبر منحة من برنامج الشراكة الدولية والبنك الدولي ضمن المشروع الإسعافي لتعليم الأساس، وجدد التزام وزراته بتهيئة البيئة المدرسية في جوانبها المختلفة (تسامح نيوز ١٥ حزيران/يونيو ٢٠٢٢م).
رغم أن التعليم من أهم القطاعات التي تؤثر على حاضر الأمة ومستقبلها، فأين الدولة من هذا القطاع المهم، ولماذا تترك تمويل الكتاب المدرسي للبنك الدولي؟ وهل يدفع هؤلاء الغربيون أموالهم لوجه الله لمساعدة الغير؟ إن فكرة تمويل وتحريفِ المناهج الدراسية فكرة خبيثة وضعتها بريطانيا خلال فترة احتلالها لكثير من البلاد، أما اليوم فإنّ أمريكا وأوروبا والمؤسسات الاستعمارية مثل البنك الدولي هي من يشرف بشكل كامل على هذه السياسات، وقد تمّ وضع المناهج المدرسية في كثير من بلاد المسلمين التي منها مصر والأردن والعراق ...الخ، وتؤكد أخبار موثوقة أن الأكاديميين الغربيين هم من يضعون هذه المناهج، هادفين لإيجادِ صورة للإسلام لا تتعارض مع حضارة الغرب بجعل الإسلام دينا فرديا كهنوتيا لا علاقة له بالسياسة والحكم والاقتصاد ما يعزز استمرار الأوضاع التي ترزح تحتها أمة الإسلام.
إن هذه المناهج الممولة من الغرب الرأسمالي ستعزز مكانته ووجهة نظره في الحياة وطريقة عيشه ما ينتج عن العملية التعليمية بناء شخصيات علمانية ذات مرجعية غربية لكل أبناء المسلمين لتكريس هيمنة الغرب على بلاد المسلمين، وزرع مفاهيمه الخاطئة عن الحياة في عقول وقلوب المسلمين ليبقي قبضته على بلادهم، وينهب ثرواتهم ويستعبد شعوبهم. ولم يجد الغرب من وسيلة أسهل للنفاذ إلى عقول المسلمين من اختراق مناهج تعليمهم في ظل أنظمة سياسية تدين له بالطاعة والولاء.
إن الدول المحترمة لا تسمح بالعبث بأنظمة وسياسات التعليم فيها ولن تعطي أي جهة مهما دفعت، الحق في تمويل المناهج فيها، وإن دولة الخلافة التي هي قاب قوسين أو أدنى ستولي قطاع التعليم اهتماما خاصا وستمنع التمويل في هذا القطاع الحساس لأي جهة أجنبية، وستعيد هيكلة أولوياتها وفقاً للأحكام الشرعية، لتسريع التقدم العلمي، وسوف تدر عوائد ضخمة من الممتلكاتِ العامة (مثل المعادن الطاقة والزراعة والثروة الحيوانية) وغيرها، وستعود الأمة الإسلامية مرة أخرى لتصبح منارة للمعرفة والعلوم، كما كانت لقرون عدة وستهيئ الدولة المكتبات والمختبرات وسائر الوسائل في غير المدارس والجامعات، لتمكين الذين يرغبون في مواصلة الأبحاث في شتى المعارف؛ من فقه وأصول فقه وحديث وتفسير، وفكر وطب وهندسة وكيمياء، ومن اختراعات واكتشافات وغير ذلك، حتى يوجد في الأمة حشد من المجتهدين والمبدعين والمخترعين.
فيجب أن يكون الأساس الذي يقوم عليه منهج التعليم هو العقيدة الإسلامية فتوضع مواد الدراسة وطرق التدريس جميعها على الوجه الذي لا يحدث أي خروج في التعليم عن هذا الأساس، لذلك تحمل دولة الخلافة مسؤوليةَ تعليم أبناء الأمة الإسلامية، وسوف يكون الهدفُ الرئيسي في نظام الدولة للتعليم وضع سياسات تعليمية من شأنها بناء شخصيات إسلامية بعقلية ونفسية إسلامية، وبالتالي فإنّها ستعمل على تطوير المناهج على نحو من شأنه تطوير طريقة التفكير والتفكير التحليلي والرغبة في المعرفة والاختراع والتميز كما كان علماء المسلمين الذين خلد التاريخ إنجازاتهم.
فقوموا أيها المسلمون لطاعة ربكم بالعمل لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، التي تنهض بالأمة، وتقتلع نفوذ الغرب الكافر من بلادنا. ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً﴾.
#بالخلافة_نقتلع_نفوذ_الكافر
رأيك في الموضوع