أفادت وسائل إعلام كيان يهود، يوم الاثنين 19/2/2018م، أنه تم توقيع اتفاقية وصفتها بـ "التاريخية" بين كيان يهود ومصر، بموجبها فإن شركة "ديليك" التابعة لكيان يهود مالكة حقلي الغاز "ليفياتان" و"تمار" وقعت مع شركة "دولفينوس" المصرية اتفاقية لتوفير الغاز الطبيعي من كيان يهود لمصر لمدة 10 سنوات بقيمة 15 مليار دولار، وبموجب الاتفاقية سيوفر كيان يهود لمصر 64 مليار متر مكعب من الغاز.
خلال السنوات الأخيرة ظهرت اكتشافات ضخمة جداً للغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط جعلتها من أهم مناطق التنقيب في العالم؛ ففي مارس ٢٠١٠ هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية قالت إن احتياطيات شرق المتوسط تصل إلى ١٢٢ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وحالياً بعض التقديرات ترفع الرقم إلى ٢٢٧ تريليون. وأوضحت: "في ٢٠٠٩ أعلنت (إسرائيل) اكتشاف حقل غاز تمار، وفي ٢٠١٠ حقل لفيثان، ويبلغ مجموع احتياطي الحقلين ٢٥ تريليون قدم مكعب. إحدى الدراسات قالت إن احتياطي (إسرائيل) يكفي استهلاكها لمدة ١٥٠ عاماً، وفي ٢٠١١ أعلنت قبرص اكتشاف حقل أفروديت بمخزون ٢٧ تريليون قدم، هذه الحقول الثلاثة وحدها تقدر قيمة الاحتياطي بها بـ٢٤٠ مليار دولار".
واقع الأمر، وحسب حدود سايكس بيكو المزعومة، فإن حقليّ لفيثان وأفروديت أقرب إلى مصر، حيث يبعدان ١٩٠ كيلومتراً عن دمياط، بينما يبعدان ٢٣٥ كيلومتراً من حيفا، أما حقل شمشون الذي أعلن عنه كيان يهود في ٢٠١٢، فهو يبعد عن دمياط ١١٤ كيلومتراً فقط، بينما يبعد عن حيفا ٢٣٧ كيلومتراً، وقد تم فعليا التفريط في هذه الحقول وما تضخه من ثروة من قبل النظام المصري، حيث وقع الرئيس المصري المؤقت حينها عدلي منصور اتفاقية مع رئيس قبرص في ١٢ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣ اسمها "الاتفاقية الإطارية لتقاسم مكامن الهيدروكربون"، وهذه الاتفاقية صدق عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي في ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤ بالنيابة عن مجلس الشعب الغائب وقتها، وقد أعطت هذه الاتفاقية لقبرص واليونان وكيان يهود حق التنقيب في مناطق هي أصلا داخل الحدود البحرية المصرية حسب حدود سايكس بيكو المزعومة.
في آب/أغسطس 2015، أعلنت شركة إني اكتشاف حقل ظهر الغازي الهائل، الذي هو الأكبر في البحر المتوسط، ويقدر احتياطيه بنحو 30 تريليون قدم مكعب، الأمر الذي جعل وزارة البترول تعلن عن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بنهاية العام الجاري، وتحقيق فائض منه في 2019.
واقع المنطقة التي يستخرج الغاز منها حتى لو كانت ضمن الحدود المزعومة لكيان يهود فهي في حقيقتها ملك للأمة وكيان يهود ما هو إلا كيان مسخ محتل مغتصب لأرض المسلمين وثروتهم ولا يجوز التنازل عن جزء من ثروات المسلمين لصالحه فضلا عن شراء هذه الثروة منه وبأموال الأمة المكلومة!
هذه الاتفاقيات سواء أكانت اتفاقيات ترسيم الحدود والتي منح بموجبها لكيان يهود ولمحتلي قبرص الإسلامية حقوقا هي من أموال الأمة وحتى اتفاقيات شراء هذا الغاز منهم هي اتفاقيات باطلة لا تلزم الأمة ولن تكون سببا في قبول الأمة لكيان يهود والتطبيع معه وهو ما يسعى النظام المصري لإبرامه من خلال تلك الصفقة التي تمت من خلال القطاع الخاص وأشاد بها النظام، وحاول إعلاميوه إخراجها من الطابع السياسي إلى الطابع التجاري، محاولين إظهار الأمر على أنه مصلحة اقتصادية لمصر تجعلها مركزا للطاقة في المنطقة، في محاولة لتسويغها لدى عوام الناس الرافضين لكيان يهود وكل ما يمت له بصلة، الأمر الذي عبر عنه سابقا نتنياهو رئيس وزراء يهود (إن مشكلتنا ليست مع الحكام بل مع الشعوب)، فمحاولة إخراجها من الطابع السياسي هو من قبيل الترويج للتطبيع مع الشعوب فالحكام مطبِّعون أصلا.
إن هذه الاتفاقية وفوق كونها تعطي ليهود ما لا يجوز لهم أخذه من أموال الأمة فإنها تمنحهم امتيازا طوال سنوات العقد وتعطيهم أفضلية كونهم منتجي الطاقة وتربط أمنهم بأمن المنطقة كلها.
وكأني بما يحدث الآن وما سبقه من اتفاقيات ترسيم الحدود وما تلاه من دخول جزيرتي تيران وصنافير تحت إدارة حكام آل سعود، هو جزء من صفقة القرن التي ربما تهدف إلى التطبيع الكامل مع كيان يهود، أي تطبيع الشعوب، وهذا ما لن يكون إن شاء الله
يا أهل الكنانة! هذا هو واقع هذه الثروة التي يهدرها النظام فهي ثروتكم وحق أصيل من حقوقكم كفله لكم الشرع ولم يتنازل عنه حكامكم فقط بل سعوا لشرائه من عدوكم وبأموالكم!! ومصر بإمكانها وإمكانياتها وبحدودها الضيقة تلك تستطيع حقا أن تصبح مركزا للطاقة لو استعادت ما هو من حقها وما هو مملوك لها فعلا من أيدي عدوها، وهذا يحتاج لقيادة سياسية واعية تقودكم، تملك بديلا يحييكم، وهم بينكم تعرفونهم؛ شباب حزب التحرير، فاحملوا معهم ما يصلح حالكم ويعيد لكم خيركم الخلافة على منهاج النبوة، تنشر الرحمة بينكم وتعيد لكم عزكم وترهب بكم عدوكم، وحينها لن يجرؤ يهود أو غيرهم على المساس بما هو مملوك لكم هذا لو بقي في أرض فلسطين يهود أصلا، اللهم اجعله قريبا واجعلنا من جنوده وشهوده.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
بقلم: الأستاذ عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع