أطلقت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" منذ خمس سنوات برنامجها "100 امرأة"، وحسبما يدّعون فإن هذا البرنامج يلقي الضوء على قضايا تؤثر على حياة النساء في أنحاء العالم، ويشجع النساء على إحداث التغيير. ويتناول برنامج 100 امرأة في نسخته الخامسة 2017 أربع قضايا إحداها هو التحرش في الشارع ووسائل النقل العام. وفي هذا الإطار أطلقت ناشطة فلسطينية في حقوق المرأة، مشروعا فنيا في مدينة رام الله لتسليط الضوء على قضية التحرش في الشارع الفلسطيني. واستمعت لقصص نساء فلسطينيات تعرضن للتحرش وجمعت تجاربهن ضمن مشروع فني لزيادة الوعي بمخاطر التحرش، ونتائجه على النساء والمجتمع في فلسطين.
وكذلك أطلق رواد مواقع التواصل الإلكتروني في مصر حملة تناهض ظاهرة التحرش الجنسي في البلاد. وانتشر على فيسبوك وتويتر هاشتاغ يحث مستخدمي الموقعين على الكشف عن أول محاولة تحرش تعرضوا لها. وأقبلت أعداد كبيرة من النساء على الكشف عن الكثير من (الأمور المسكوت عنها مجتمعيا)، حيث تحدثن عن حالات تحرش تصل في بعض الأحيان إلى محاولات الاغتصاب. وكذلك في تونس كانت هناك حملة "المتحرش ما يركبش معانا" التي تستهدف مكافحة ظاهرة التحرش داخل وسائل النقل العام وحث النساء على التحدث عن هذا السلوك.
وكانت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة بومزيلي ملامبو - نوكا قد استنكرت في وقت سابق من هذا الأسبوع ما تتعرض له النساء حول العالم من مضايقات جنسية في أماكن العمل وخارجها، مشيرة إلى ألم وغضب أكثر من مليون امرأة بمن فيهن شخصيات مشهورة وممثلات شاركن قصصهن خلال الأسبوع الماضي على وسائل التواصل الإلكتروني من خلال هاشتاغ MeToo# بالعديد من اللغات منها العربية، #أنا أيضا - #أنا كمان.
وقالت السيدة ملامبو - نوكا في المقال إن "ما نشهده حاليا، من دعم النساء لبعضهن البعض وتأزير رواياتهن، وانضمام الرجال إلى الحملة والاعتراف بدورهم، إنما هم تأكيد على الحق في التحدث". وأضافت "نرى أيضا القوة في أرقام التجارب الفردية المتراكمة التي لم يعلن عنها من قبل."
من هذا وغيره نرى بوضوح الحال السيئة بل المزرية التي وصلت لها المرأة فيما يسمى (بالعالم المتحضر).. عالم الحقوق والديمقراطيات والحريات المزعومة المزيفة الذي ما دأب يسعى حثيثا لتصدير هذه الحضارة الفاسدة إلى العالم خاصة العالم الإسلامي. الذي يتلقفها المضبوعون به والمغفلون ظانين أنهم بذلك يسيرون في ركاب الحضارة والتقدم، وهم في الحقيقة يسقطون في مستنقع آسن!! وبعد ذلك يلجئون إلى تلك الحلول الفاشلة مثل هذه الحملات والشعارات والنداءات التي هي فعليا تكشف المستور وتُظهر عُوار هذه الثقافة والحضارة بشكل أكبر وأكثر وضوحا..!!
وقد علم المفسدون المغرضون أعداء الإسلام، أعداء الإيمان والعزة والكرامة والفضيلة أن أعظم مدخل لإفساد المسلمين هو من خلال المرأة. فأوهموا المجتمع عموماً والمرأة خصوصاً أنها مظلومة ومقهورة، مستعبدة مسلوبة الحقوق وأجلَبوا عليها بخيلهم ورجلهم ومنظماتهم وجمعياتهم وصحافتهم وإعلامهم!! وأوهموها أنها يجب أن تثور على تلك القيود والأحكام، فأصبحنا نعيش في عالم مليء بالفساد والفتن التي تظهر آثارها في كل مكان وبكل شكل. وتظهر فيه كل حين حلول ترقيعية من حملات ومؤتمرات تنادي بحمايتها، وتطالب بإلغاء (الهيمنة الذكورية)، ومحاربة كل ما يمسُّ المرأة خاصة المضايقات والتحرش الجنسي.
لكن كل هذا لا يغني ولا يسمن من جوع، ولا يقدم الحل الحقيقي للمرأة، فالحل لا يكون ترقيعيا بل جذريا، وبدل معالجة النتائج يجب القضاء على الأسباب، ومعلوم أن اجتناب الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها، والإسلام حرَّم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الحرام، ولا شك أن التبرج والسفور والاختلاط هي من أهم وسائل وقوع الفاحشة بكل وسائلها وطرقها. حيث شرع الله سبحانه وتعالى للمرأة من الأحكام ما يناسب خلقتها وتركيبها الجسدي والعقلي والعاطفي، أما إن زاغت وتمردت على شرع الله فهي شر وفتنة وبلاء ومصيبة، وهذا ما عمل ويعمل عليه أعداء الإسلام. فالمرأة في الإسلام هي درة مكنونة وجوهرة مصونة في حال التزامها بما أوجبه الله عليها من واجبات انفردت بها عن الرجل كالحشمة واللباس الشرعي.. الخ وبمجرد ما تتخلى عن ذلك تتحول إلى سلعة رخيصة وفتنة عظيمة للرجال، مما يؤدي إلى ما تتعرض له حاليا من تحرش ومضايقات.
فقد أمَر الله المؤمنات كما أمر المؤمنين بغض البصر وحفظ الفرج، وأمرهن بعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها، وكذلك باللباس الشرعي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾. ولكن الشيطان نعوذ بالله منه - والذي خاطب ربه قائلا: ﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾- لايترك وسيلة لصرف الناس جملة أو تدريجيا عن الفطرة والشرع والحضارة الحقة إلا واتبعها، ولن يهنأ بالله ولا لأعوانه وجنوده من الإنس والجن حتى ينزع عن الناس لباس التقوى وفضيلة الستر والعفة، فما فعله مع أبوينا من قبل لن يبرح يكرره مع كل واحد منا، قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾.
فلتعلمي وتتأكدي أختي المسلمة أن هذه المشاريع والبرامج والحملات وغيرها هدفها النيل منكِ وليس حمايتك!! فإن الغرب ومؤسساته وأبواقه في بلاد المسلمين يدعونك للسفور والتبرج والاختلاط والميوعة والتمرد على أحكام الله بأساليب وصور متنوعة يُظهرونها على أنها لحمايتك ونصرتك وهي في الحقيقة لنشر الفاحشة وإبعادك عن مصدر قوتك وعزتك وكرامتك وهو هذه الأحكام ومنها اللباس الشرعي الذي يحميكِ.. فهو ليس مجرد مظهر وقطعة قماش كما يصورونه لك، بل هو دين وهوية يستمد شروطه من كتاب الله وسنة نبيه e، فهم يريدونك أن تحيدي عنها وتميلي ميلا عظيما نحو الأهواء والشهوات والفاحشة والعياذ بالله، فلا تتبعي خطوات الشيطان.قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.. والحل الحقيقي الجذري يكون بوجود دولة ونظام يحكم بشرع الله ويسنّ القوانين التي تحميكِ وتصونك فعلا لا ادعاء.. نسأل الله أن يمنّ علينا قريبا بالخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وما ذلك على الله ببعيد.
بقلم: مسلمة الشامي (أم صهيب)
رأيك في الموضوع