في 25 أيار/مايو، نشرت الخدمة الإعلامية لمحكمة قطاع فاخيتوف من قازان على موقعها الإلكتروني: "لقد أصدر قرار سيتم بناء عليه تطبيق تدابير احترازية حيث سيتم وضع كل من أخميدوف آر آر وأمينوف إم خا في الحبس الاحتياطي، حيث تم اتهامهما بارتكاب جريمة حسب الجزء 2 من المادة 205.5 تبعا للقانون الجنائي الخاص بالاتحاد الروسي. حيث تبين التحقيقات الأولية أن كلا من أخميدوف آر آر وأمينوف إم خا وكلاهما من الاتحاد الروسي قد قاما بالانتساب إلى منظمة عالمية (إرهابية) "حزب التحرير الإسلامي" والتي يقع مقرها في مملكة السويد، خارج الاتحاد الروسي، حيث إنهما وباستخدام الإنترنت وبوجود النية الواضحة قاما بالترويج لأيدولوجية المنظمة العالمية (الإرهابية) "حزب التحرير الإسلامي"، إضافة إلى أمور أخرى، من بينها التعامل حسب الدعاية العسكرية الإسلامية وبتعصب اتجاه الديانات الأخرى، والعمل بنشاط لتجميع مؤيدين، والعمل عمدا على تقسيم المجتمع الروسي، وذلك من خلال القيام بأنشطة المنظمة العالمية (الإرهابية) "حزب التحرير الإسلامي" على أراضي الاتحاد الروسي مع إدراكهم أنهم قد يلجأون إلى أنشطة (إرهابية) كشكل من الصراع السياسي، مما يلحق الضرر بأمن الاتحاد الروسي. وحاليا يوجد معلومات يخفيها المتهمان في منطقة مملكة السويد، ولهذا هما مطلوبان دوليا".
إن هذه المحاكمات والقرارات التي تُتخذ اليوم في روسيا الحديثة لا تختلف عن تلك التي كانت تجري تحت حكم ستالين عام 1937، في الوقت الذي كان يُدعى بـ "الإرهاب العظيم". ففي تلك الأيام، كان قمع المدعوين بالمنشقين يتم بناء على قرارات تصدر عن المكتب السياسي للجنة المركزية للـ CPSU، والتي تم تبنيها تبعا لأوامر ستالين "لتقوية أجهزة السلطة لمحاربة ما تبقى من الطبقات الرأسمالية ولتدميرهم من خلال عزل وتصفية الأشخاص المعادين للنظام السوفيتي.
ولقد كانت المحاكمات والمحاكم والإعدامات تجري حسب الأوامر العليا، حيث كان يتم تخطيط الشخصيات ليتم التعرف على ومعاقبة من يدعون بأعداء الشعب. بكلمات أخرى، كان يتم إرسال اللوائح التي تضم أسماء أولئك الذين يجب اعتقالهم وإعدامهم من أعلى. واليوم نحن نشهد الصورة نفسها، كأوامر تأتي من فوق تطالب بمطابقة خطة معينة، وتعتبر مهمة ليتم تحييد المنشقين الذين يهددون أمن روسيا الخاصة ببوتين.
وإذا كان ستالين قد قام بملاحقة رفاقه في السلاح الذين شاركوا بثورته إضافة إلى عموم الشعب، فإن السلطات الجديدة في الكرملين تلاحق المسلمين، لتصبح جزءا من السياسات العالمية الغربية التي تعلن الحرب على الإسلام والمسلمين. فما يُدعى بالحرب ضد (الإرهاب) ما هو إلا نتاج للمستعمر الغربي أمريكا وبريطانيا وفرنسا الذي وبكل حماس انضمت له الحكومة الروسية.
إن الدعاية المغرضة التي تنشرها السلطات في وسائل الإعلام والمحاكم أصبحت جزءا ضمنيا من الحرب على الإسلام والمسلمين. فعلى سبيل المثال: أعلنت خدمة الصحافة الخاصة بالمحكمة أنه: قام كلا المتهمين بالتعامل حسب الدعاية العسكرية الإسلامية وبتعصب تجاه الديانات الأخرى ـــ إنها تتحدث عن نفسها. فمن الكافي أن ندرس "مشروع الدستور" لحزب التحرير لنتأكد من أن التهم الموجهة في محكمة فاخيتوف ما هي إلا محض أكاذيب. فـ "مشروع الدستور" لحزب التحرير يقول: "المادة 6- لا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم أو القضاء أو رعاية الشؤون أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك". فهذا هو ما يسعى شباب حزب التحرير له وينشرونه حول العالم.
كما أن المحكمة تقول في اتهامها إنهم "يدركون أنهم قد يلجأون إلى أنشطة (إرهابية) كشكل من الصراع السياسي، مما يلحق الضرر بأمن الاتحاد الروسي". فهذه التراكيب تعكس توجهات ستالين. فستالين والشيوعيون استخدموا الإرهاب في تحقيق أهدافهم، بما في ذلك الوصول إلى السلطة والتمسك بها. فالإرهاب هو وسيلة الشيوعيين في تحقيق أهدافهم. أما بالنسبة لحزب التحرير، فبالعودة إلى إصداراته، فإنك ستجد أنه حزب سياسي يقوم على الأيدولوجية والعمل السياسي لتحقيق هدفه. ويكفي العودة إلى كتبه "حزب التحرير"، و"منهج حزب التحرير في التغيير" إضافة إلى غيرهما.
وحتى لا يتمكن شعب الاتحاد الروسي من دراسة برنامج حزب التحرير، أسرعت السلطات بوضع جميع إصداراته في قوائم مواد المتطرفين وبالتالي منعت شعبها من حقهم في حرية التفكير. فالشعب يتلقى معلومات من جهة واحدة وهي إعلام الدولة، والمليء بالأكاذيب والكراهية ليس فقط لشباب حزب التحرير، بل للإسلام بشكل عام.
إلا أن كل هذا الحظر والاضطهاد والإهانات والمحاكمات والاعتقالات لم توقف شباب حزب التحرير. فالاعتقالات المستمرة والمحاكمات التي تجري في روسيا ضد شباب حزب التحرير تتحدث عن نفسها. فبعد كل محاكمة صاخبة، حيث يتم الحكم على شباب حزب التحرير بالسجن لـ 15 عاما أو أكثر، وبعد إعلان السلطات عن عزل شباب حزب التحرير في منطقة محددة، فإننا نسمع مرة أخرى أخبارا عن اعتقالات ومحاكمات جديدة للشباب.
فالمحاكمات والاعتقالات الجديدة تعكس أن نداءات حزب التحرير في روسيا قد لاقت أصداء واسعة وحققت نجاحا غير مسبوق بين السكان الأصليين لهذه المنطقة الواسعة. فكل شاب جديد ينضم لحزب التحرير يرتبط عن علم وإدراك بالحزب ويعمل جاهدا من أجله، مع علمه أن هذا قد يؤدي إلى نتائج تنتظره منها: الفصل من عمله، والاعتقال، والتعذيب والسجن الطويل لمدة تصل إلى 15 عاما أو أكثر.
فمن يتحمل مثل هذه التضحيات؟! إنه من يؤمن بالله وبيوم القيامة. إنه من ينتظر رحمة الله ونجدته. إنه من يدرك أن المشكلة الأساسية للمسلمين اليوم هي غياب دولة الخلافة التي يقودها الخليفة الصالح، وأنه أيا كان من يعمل مع حزب التحرير لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فإنه يمكنه أن يُضحي من أجل الله عز وجل وأنه سيجازى بالنصر!
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾
رأيك في الموضوع