رغم أن كيان يهود الذي زرعه الغرب المستعمر وأمده بكل أنواع ومقومات الحياة من سلاح ومال، ليحافظ على تفوقه النوعي على محيطه من الشعوب الإسلامية، وبتواطؤ حكامهم في المحافظة على هذا الكيان ومده بأسباب البقاء لأن في بقائه أحد شروط بقائهم في الحكم، رغم كل ذلك، بات هذا الكيان يشعر بتهديد حقيقي على وجوده للمرة الأولى منذ نشأته، حيث يواجه أبطالا مجاهدين باعوا حياتهم رخيصة في سبيل الله وحاضنة من النساء والأطفال والرجال، صابرين محتسبين ما أصابهم عند الله، وطالت الحرب على غزة ولم يحقق هذا الكيان المسخ أيا من أهدافه سواء تحرير الأسرى أو تهجير أهل غزة أو القضاء على المجاهدين.
وكان لا بد أن يلجأ هذا الكيان إلى أصدقائه من حكام العرب وخصوصا الأقرب فالأقرب، ويذكرهم بتعهداتهم وأدوارهم الوظيفية ووجوب استحقاقات حماية أنظمتهم وعلى رأسها النظام الأردني، الذي يرتبط معه بمعاهدة الذل والخيانة في وادي عربة عام 1994، التي توجت سلسلة من لقاءات الملك حسين السرية مع زعماء كيان يهود، التي أكد من خلالها أن الملك التزم بمنع أي استخدام عسكري وبأي شكل من الأشكال ضد كيان يهود، مقابل الاعتراف بدور النظام الأردني في الوصاية على المقدسات وحماية نظامه، فهي معاهدة بين كيان يهود المسخ والنظام في الأردن، ليس للأردن ولا لأهله ولا لفلسطين أي مصلحة فيها.
وفي خضم اهتزاز كيان يهود وضعف وصول الإمدادات له وذهوله من شجاعة واستدامة القتال في غزة، ونتيجة لمشاكل التوريد والملاحة في البحر الأحمر الغامضة الأهداف، فقد جرى الحديث منذ سنوات عدة عن الخط التجاري الممتد من الهند إلى موانئ الإمارات، مروراً بالسعودية والأردن إلى ميناء حيفا؛ حيث يشكل الكيان في هذا الخط أهم محطات التوريد وبوّابة العبور نحو أوروبا والغرب في خطوة مهمة في تطبيع العلاقات مع كيان يهود؛ وبعد حرب غزة جرى تعويض كيان يهود وسد حاجاته من مختلف البضائع من موانئ الإمارات عبورا بالأراضي السعودية ومن ثم مرورا بالأراضي الأردنية، علاوة على توريد الشركات الأردنية لليهود بالخضار والفواكه، وبذلك يفتح لليهود أطواق نجاة ودعم وإمداد، في الوقت الذي يشتد به الحصار على غزة وأهلها بحيث أصبح الجوع أداة من أدوات الحرب، لسوق المرابطين إلى الاستسلام أو التنازلات في المفاوضات.
وقد تواردت الأنباء عبر الوكالات الإخبارية ومنصات التواصل الإلكتروني والفيديوهات بوجود هذا الجسر البري، ونشرت صور لشاحنات قادمة من الإمارات وأجريت مقابلات مع سائقي هذه الشاحنات في نقاط عبورها إلى كيان يهود وهي محملة بمختلف البضائع وقادمة من الشرق إلى الإمارات، ولم تتوقف منذ ذلك الحين الاحتجاجات والسلاسل البشرية الأسبوعية في الأردن، قابلها استدعاء الجهات الأمنية لعدد من النشطاء بهذا الشأن، واعتقال عدد من المتظاهرين بشكل يومي في محيط سفارة الكيان، ورغم التعتيم الإعلامي والنفي، تحققت الجزيرة نت عمليا من وجود هذا الجسر البري لدعم العدو، من مختلف المناطق وتحمل الشاحنات مختلف اللوحات؛ تركية وإماراتية... وتعبر في النهاية جسر الشيخ حسين إلى فلسطين المحتلة.
وعبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن استهجانها سماح الأردن للولايات المتحدة باستخدام أراضيها لنقل معدات عسكرية ثقيلة بواسطة 15 طائرة مخصصة لهذا الغرض، وقالت المنظمة إن الأدلة المتراكمة على تورط الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى عسكرياً وسياسياً في الإبادة الجماعية التي ترتكب في قطاع غزة تقتضي ملاحقة مسؤولي هذه الدول أمام القضاء الوطني والدولي، ويعتبر الجسر البري لدعم كيان يهود هو مشاركة في الإبادة الجماعية كما نصت الاتفاقيات التي وقع الأردن على الالتزام ببنودها.
وقد نفى رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة صحة التقارير التي تفيد بسماح الأردن بمرور جسر بري إلى كيان يهود عبر أراضيه، كما قال وزير الزراعة إن الحكومة ليست لها سلطة على شركات الخضار والفواكه، والتي لا تستطيع منعها حسب القانون للتوريد إلى كيان يهود، كما نفى الجيش الأردني، ما قال إنها مزاعم كاذبة حول استخدام القواعد العسكرية الأردنية من قبل الجيش الأمريكي لنقل الإمدادات لكيان يهود الذي يخوض حربا في غزة، لكنه لم يتطرق إلى استخدام القواعد الأمريكية في الأردن لهذا الغرض، وهذه التصريحات لرجالات النظام في الأردن، دأب المسؤولون في الكذب نيابة عنه بوقاحة لتجميل صورته المفضوحة أمام غالبية أهل الأردن، وهم يعلمون أنه ضالع في الخيانة ومساند لكيان يهود وداعم لبقائه وهو الهدف الاستراتيجي للنظام في الأردن، فعلى حد قول الملك حسين: يمثل التوقيع على اتفاقية السلام مع (إسرائيل)، "تاج إنجازات" حياته السياسية!
هذه حقيقة الجسر البري لإمداد كيان يهود بالدعم وتسخير النظام إمكانيات الأردن الاقتصادية والعسكرية والأمنية في خدمة كيان يهود، والذي تدعم بقاءه وتمدح أفعاله الساذجة من رمي المساعدات، وتؤيد التزامه بالقانون الدولي المقبور وحل الدولتين المستحيل والخياني، كل من كيان يهود ومن يقف وراءه من الغرب الكافر المستعمر وعلى رأسه أمريكا وبريطانيا، ولا ينفع معه حل إلا إسقاطه فيسقط معه كيان يهود الجبان إلى غير رجعة، قال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾.
بقلم: الدكتور خالد الحكيم
رأيك في الموضوع